حكومة الحرب في بورتسودان .. هل تنجح العنصرية فيما فشلت فيه البندقية؟.

198

دان نشطاء وحقوقيون ما قامت به سفارة السودان في يوغندا، بحرمانها المواطن “عثمان” من حقوقه الدستورية في تجديد جواز سفره السوداني، في ثاني سقطة عنصرية ترتكبها حكومة الأمر الواقع ومحسوبيها خلال هذا الأسبوع بممارستها التمييز الاثنان تجاه مكونات سودانية، تشكيكا في سودانيتهم، لدرجة المطالبة بحرمانهم من الجنسية السودانية، وليست حادثة اللواء بجهاز الأمن بولاية كسلا ببعيدة، ومنذ بداية الحرب ارتفعت وتيرة التمييز العنصري الذي يمارسه الجيش، بدءا من نقاط التفتيش التي تقوم بالاعتقالات وفقا ل “اللون”…

 

راينو: بلو نيوز الإخبارية-

  • القرار 54:

الأربعاء الماضي 24 إبريل تفاجأ المواطن عثمان مختار محمدي من منطقة عديلة ولاية شرق دارفور، بأنه محظور بأمر من السلطات السودانية من تجديد جوازه بالسفارة السودانية بالعاصمة الأوغندية كمبالا.

وقال المواطن عثمان ل ” راينو ” إن السفارة السودانية بدولة أوغندا أعلنت عن حضور تيم من هيئة الجوازات والسجل المدني وعلى المواطنين المتواجدين بأوغندا التقديم عبر الموقع الإلكتروني لأخذ مواعيد للإجراءات، وأضاف: “وباعتباري أحد المواطنين السودانيين المتواجدين بكمبالا بسبب الحرب الدائرة في السودان قمت بعملية الحجز الإلكتروني لتجديد الجواز وذهبت إلى مقر السفارة لتكملة الإجراءات فإذا بي أتفاجأ برد ضابط الجوازات برتبة رائد شرطة اسمه ياسر محمد النور بأني محظور بأمر من السلطات السودانية بقرار وزاري رقم 54 لسنة 2024 م”.

وأكد المواطن عثمان أنه لا علاقة له بأي حزب سياسي ولا حركات مسلحة ولا الدعم السريع وقال: “فقط لأني أنتمي إلى إحدى المناطق الجغرافية دارفور، كردفان ومن ضمن إحدى القبائل التي تسكن هناك رزيقات، مصيرية ، معالي، وحازمة، فلاته، ترجم وغيرها التي تصنفها السلطات السودانية الحاكمة الآن في بورتسودان أنها وحاضن اجتماعية لقوات الدعم السريع الذي يتحارب معها منذ أكثر من عام”. واعتبر عثمان الأمر انتهاكا لحقوق هذه المكونات الأساسية في التنقل والهوية وحرمانهم من حقوقهم الدستورية والقانونية.

وبالبحث في المواقع الرسمية لحكومة السودان لم يتم العثور على نص القرار 54 لسنة 2024 الذي استند عليه ضابط الجوازات “ياسر” وبموجبه رفض إكمال إجراءات المواطن “عثمان” بتجديد جواز سفره بسفارة السودان بالعاصمة الأوغندية كمبالا، ورجحت مصادر في حديثها ل ( راينو ) أن يكون القرار قد صدر بالفعل وتم سحبه بعجلة. وبحسب المصادر إن الأمر يرجع للتخبط الذي لازم أداء حكومة الأمر الواقع وترددها في كثير من القرارات التي تصدر دون أي سند دستوري ولا قانوني، فضلا عن أن صراع التيارات داخل النظام المختلط بين العسكر والفلول له أثره في ذلك كله…

  • السلطات تنفي:

من جانبها نفت وزارة الخارجية السودانية، ما راج عن رفض سفارة السودان بكمبالا استخراج جوازات سفر لشباب سودانيين، بحجة انتمائهم القبلي، وقالت في تصريح صحفي إن ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعية عن أن بعثة السجل المدني والجوازات بسفارة السودان في كمبالا، رفضت بدء إجراءات استخراج جوازات سفر لمجموعة من الشباب السودانيين بسبب أصولهم القبلية المصنفة ك حواضن اجتماعية للدعم السريع وأشارت الخارجية إلى أن إجراءات استخراج الجواز تتم فرديا وإلكترونيا، وأنه لا مجال لمعاملة جماعية، تستند على قبيلة طالبي المعاملة. وأضافت: (ليست لوزارة الخارجية سلطة حظر جواز سفر أي مواطن سوداني، لأن إصدار الجوازات ليس من اختصاصها).

فيما نفي مجلس السيادة الانتقالي ما ورد في خطاب متداول بشكل واسع في وسائط التواصل الاجتماعي، حول مراجعة الجنسية السودانية والرقم الوطني لعدد من القبائل في غرب السودان، ووصف الخطاب بالمفبرك، وبالعاري من الصحة.

بيد أن تحليلات كثيفة لم تستبعد حدوث ذلك التمييز العنصري بالفعل من قبل السلطات الحاكمة بأمر الحرب والانقلاب قبلها، وتستند تلك التحليلات على ممارسات تمت أثناء الحرب من تصفية واعتقالات تمت في مدن السودان المختلفة على أساس عنصري لمواطني تلك المجموعات السكانية من مقار عملهم سواء في الأسواق أو المؤسسات.

ويستدعي أنصار تلك الرؤية ما حدث إبان عملية الذراع الطويل في الخرطوم عند دخول العدل والمساواة أم درمان أبان خليل إبراهيم ن وكيف تعاملت السلطات بإيقاف المركبات في الشارع وإنزال الركاب ذوي لون بشرة محدد أو شكل شعر الرأس، وهو ما يعزز فرضية ممارسة السلطات الحالية لذات السلوك بحكم أن المتحكمين في الأمور سابقا وقبل الثورة هم المتحكمون في مشهد الحرب وهم فلول النظام البائد المسيطرين بشكل جلي على الجيش…

ويراهن البعض على أن الهدف الرئيسي من الحرب وممارسة العنصرية في طيات ايامها على المواطنين من ولايات محددة هي دفع هؤلاء المواطنين على الضغط في مناطقهم لصالح تحقيق انفصال عن السودان كدولة، وزيادة وتيرة خطاب الكراهية لدى المكونات السودانية في مناطق بعينها لصالح ردة فعل تتيح للفلول وجيشهم تسويق مشروعية للحرب تنبني على دعاوى الاختلاف، وهو ما فشل حتى الان في ظل تحصن معظم المكونات الاجتماعية السودانية بالوعي، وتماسك النسيج الاجتمكاعي الوطني.

  • إفادات متطابقة:

من جانبها أعلنت هيئة محامي دارفور أنها تلقت عدة شكاوى من مواطنين سودانيين ينحدرون من مناطق مختلفة بالسودان وينتمون إلى عدة أعراق عن انتهاكات تمارس عليهم بواسطة فريق من شرطة الجوازات السودانية الذي وصل إلى كمبالا لاستخراج وتجديد جوازات سفر السودانيين الذين يتواجدون في يوغندا وحرمانهم من تجديد جوازاتهم

وأشارت هيئة محامي دارفور إلى أنها استمعت إلى إفادات أخرى وحصلت على إفادات متطابقة مع حديث عثمان مختار، بحسب ما قالت، وطالبت الهيئة السلطات السودانية بمراجعة القرار وعدم استخدام السلطة في ممارسة الانتهاكات الجسيمة التي تندرج ضمن الجرائم الموصوفة بالجرائم ضد الإنسانية…

نزع الحق في المواطنة:

فيما انتقدت عضوة مجموعة محامي الطوارئ سعاد عبد الكريم صدور مثل هذا القرار الذي يحرم اثنيات معينة من حق المواطنة، واعتبرت القرار لا يستند لأي سند قانوني، وأن قرارت الحظر وفقا للقانون السوداني تصدر من النيابة بعد توجيه الاتهام وصدور القرار بحظر السفر وليس الحظر من استخراج الأوراق الثبوتية، وقالت سعاد ل ” راينو ” إنها بصفتها محامية ومدافعة عن الحقوق رصدت وعايشت ضغوطات وتمييزا يمارس ضد اثنيات معينة تتهمها حكومة بورتسودان بأنها حاضنة اجتماعية لقوات الدعم السريع

واستنكرت سعاد ما تقوم به الحكومة في تجريم المواطنين وتحديد وطنيتهم على أساس عرقي، ولفتت إلى أن وزارة الخارجية نفت صدور القرار وهي ليست لها علاقة بقضايا الجوازات التي تعتبر من مهام وزارة الداخلية التي هي نفسها لا تمتلك الحق في نزع الهوية من المواطنين، متسائلة ما ذنب هؤلاء المواطنين أن يكون الدعم السريع من نفس مناطقهم وقبائلهم؟ مشيرة إلى أن الحكومة بمثل هذه القرارات تزيد من إشعال الفتنة التي ازدادت وتيرتها بعد الحرب ونبهت إلى خطورة هذا القرار باعتبار أن ذات المكونات لديها أبناؤها داخل مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش والشرطة، وأكدت سعاد إلى أنهم كقانونيين سيناهضون القرار بكل الوسائل القانونية.

بينما قال المحامي جمال أحمد إن الوضع غير الدستوري الذي تعيشه البلاد منذ 25 أكتوبر 2021 وبعده 15 إبريل 2023 يجعل كل ما يصدر من قرارات بعد هذه التواريخ باطلا وغير ملزم، على الرغم من أن القرارات تم تنفيذها فعليا مثل قرار حظر بعض الاثنيات من استخراج الأوراق الثبوتية الذي يأتي في إطار توجه بقايا نظام الإنقاذ الذين عادوا إلى المشهد بعد الحرب، في تحديد هويات الشعب السوداني وفقا لأهوائهم والتخلص من اثنيات معينة في سياق الحرب التي يخوضونها ضد الدعم السريع، مشيرا إلى أن التأريخ السوداني يسجل لنظام الإنقاذ الإبادات الجماعية التي شهدتها مناطق دارفور في حربها منذ العام 2003 م…

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *