من ارتكب جريمة فض اعتصام القيادة؟ .. “شهادة صابر”.

117
الأستاذ علي أحمد..

 

من ارتكب جريمة فض اعتصام القيادة؟ .. “شهادة صابر”.

  • علي أحمد..

استمتعت إلى تسجيل صوتي من جندي استخبارات، عرّف نفسه بأنه “صابر إبراهيم موسى أبكّر عبد الرحمن”، وأنّ والده هو المساعد (حضرة الصول) بالاستخبارات الشهير بإبراهيم جوبا، وأضاف: أنا ابن الجيش.

على أي حال، قصة صابر بدت لي الأكثر منطقية فيما يتعلق بجريمة فض الاعتصام، وكنت استمتعت إلى شهادات كثيرة مماثلة، وقمت بإجراء مقارنات ومقاربات متعددة، كلها أفضت إلى أن عملية فض الاعتصام كانت بتدبير محكم من عناصر الكيزان بالجيش بما في ذلك قيادته وقيادة استخباراته، مع توريط قوات الدعم السريع ما أمكن ونسبة الحادثة إليها.

هذا واضح أيضاً في الحرب الراهنة، حيث يتم نسبة كل الموبقات إلى قوات الدعم السريع، فيما الجيش والمستنفرين يرتبكون من الموبقات والنهب والسرقات ما تشيب من هولها الولدان، ولا أحد يمر بها إلاّ مرور الكرام.

نعود، لشهادة “صابر”، الذي قال إنه يتبع إلى استخبارات الفرقة الرابعة مشاة (الدمازين)، وأنه تم اختياره ضمن لواء الحزم الثالث – أي اللواء الذي سيذهب إلى جنوب السعودية – وذهب إلى (مروي) حيث يتم تجميع اللواء هناك من كل فرق الجيش السوداني، لينالوا دورات تعريفية وتأهيلية وتثقيفية عن مهامهم هناك، كان ذلك عام 2019.

يقول: بينما كنا نستعد للسفر إلى السعودية، طلبوا منا (من لواء الحزم) العودة إلى الخرطوم في مأمورية، جلبوا لنا بصات تتبع لشركة الساطع للنقل، وأشيع الخبر في الخرطوم، فكان الثوار يهتفون: ” المدفعية عطبرة وصلت”، لم تصل المدفعية إنما كان يظوننا هي.

لم نكن نعلم شيئاً عن طبيعة مهمتنا، لكنهم استضافونا بمقر الفرقة السابعة بالقرب من نفق بري والتدريب المهني المواجه لمقر الاعتصام (يبدو أنهم أخلوها من الجنود)، وبعد أن مكثنا 15 يوماً، كنت خلالها أزور مكان الاعتصام وأحضر الكثير من البرامج، تم جمعنا بسرعة لنحضر تنويراً من ضابط عظيم برتبة عقيد اسمه “عزب العرب”، وهو من أبناء مدينة ود مدني ويعمل برئاسة منطقة الخرطوم المركزية ومقرها عند تقاطع شارعي السيد عبد الرحمن والمك نمر، بالقرب من منظمة الشهيد.

وصل العقيد عزب العرب على متن عربة تايوتا (لاند كروزر)، وخطب فينا قائلاً: “يا جماعة انتو ماشين السعودية (عاصفة الحزم) عشان تلموا قروش ولما ترجعوا تشتروا بيوت وعربات وتعرسوا، لكن الشيوعيين والكُفار المعتصمين بره ديل، يقصد (الثوار)، بيقولوا عليكم انتو ماشين تشتغلوا مرتزقة ويطالبوا بعدم ذهابكم إلى السعودية، عشان كده لازم نفضهم من هنا، لو ما مشوا من هنا إنتو ما ح تمشوا السعودية وح ترجعوا مروي تاني، ومنها كل زول فيكم حيرجع لفرقته، وبالطريقة دي مافي واحد فيكم حيتزوج ولا يشتري بيت ولا عربية، نحنا عاوزين منكم حاجة واحدة، في قوة ح تجي الساعة 5 صباحاً تفض الاعتصام ده، وما عايزين زول واحد فيكم يتدخل، عشان تقدروا تسافروا، لأنه إذا ما اتفض الاعتصام دا سفر مافي”.

في ذلك الوقت عرف جندي الاستخبارات صابر إبراهيم ومن معه، إنهم تم إحلالهم في مقر الفرقة السابعة لكي يتخلصوا منها. يقول في شهادته: ” هم كانوا خايفين من الفرقة السابعة، لأنها يوم 7 أبريل 2019، دقت كتائب الظل برضوا دقتهم يوم 11 أبريل، من خلال بعض ضباطها وجنودها الذين تدخلوا لصالح الثوار وخوفوا كتائب الظل التي كانت تحاول فض الاعتصام لإنقاذ نظام البشير من السقوط. خافوا من إنو قصة تدخل (السابعة) تتكرر مرة تانية، إذا حاولوا فض الاعتصام، عشان كده جابونا وجانا العقيد عزب العرب وابتزانا بقصة حرماننا من الذهاب إلى السعودية”.

وقال لنا العقيد عز العرب: إنه في الخامسة صباحاً ستتم عملية الفض، وأن علينا أن لا نتدخل وأن نلتزم مكاننا. عندما غادر تواصلت هاتفياً مع أخي (فايز) الذي كان ضمن الثوار المعتصمين، وطلبت منه المغادرة هو وأصدقائه، وأخبرته بأن هناك قراراً بفض الاعتصام وأن ذلك سيحدث بعد 4 ساعات من الآن، ” حكيت ليو عن كل شئ”.

هذه الشهادة تؤكد – كما شاهدات وأدلة أخرى، كيف تم التخطيط والتنفيذ لفض الاعتصام، وما هي الجهة التي قتلت الثوار، وكيف تم توريط جهة أخرى في ذلك.

الذين خططوا ودبروا ونفذوا عملية فض الاعتصام هم نفس الذين يشنون الحرب الآن ولا يرغبون في إيقافها ويرفعون شعارات الموت والدمار مثل (نعم للحرب) و (بل بس)، هم ذات الذين عطلوا عملية التحقيق في ملابسات فض الاعتصام، ومن يريد أن يتأكد من ذلك فلينظر مع من يقف رئيس لجنة التحقيق الآن؟

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *