شيريا وصِحابة .. قطرات ندى سقطت على صخرة الحِقد النخبوي الممتد والإستهبال السياسي المتراكم.

161

شيريا وصِحابة .. قطرات ندى سقطت على صخرة الحِقد النخبوي الممتد والإستهبال السياسي المتراكم .. لكنها أنبتت حُب النضال المستمر والسير على درب التحرر. 

فاطمة لقاوة ..

العطب السياسي الذي أصاب الدولة السودانية ،بدأ قبيل الإستقلال المزعوم،والذين هتفوا بشعار الخاطئ:《تحرير لا تعمير》، ما زالت جذورهم النخبوية الممتدة تمارس ذات الإستهبال السياسي والتزحلق الذي لا يتماشى مع المنطق،مما قاد إلى تعطيل دواليب العمل في الدولة السودانية الحديثة التي جاءت من غير نضج سياسي ،بل ظلت الأحزاب السياسية والمؤسسة العسكرية يتبادلان لُعبة القِط والفأر داخل مضمار حلبة الصِراع السياسي،فكانت سياسة المركز إتجاه الأقاليم السودانية مبنية على التهميش الممنهجة ،والغياب التام للتنمية بمفهومها الشامل والكامل والعمل على إضعاف البنية الإجتماعية الهشة ،وإستغلال الكرت القبلي في حسم الصراعات السياسية.

نكبات الدولة السودانية وحروبها المستمرة والتي إندلعت قُبيل الإستقلال في توريت وإستمرت عقود من الزمان ،خُتمت بإنفصال جنوب السودان ،وإستمرار الحروب في كردفان ودارفور والنيل الأزرق وشرق السودان،وقد شاهدنا وسمعنا شِعارات النُخب السياسية المركزية التي تمارس تدجين الشعب السوداني فكانت هُتافاتهم :《أو تُرق كُل الدماء》وغيرها من الشعارات الجوفاء ومحاولة دغدغة العواطف والعزف على وتر الشعور الإنطباعي لدى معظم أفراد المجتمع السوداني الذي يبني مواقفه بالسماع.

صُناع حرب ١٥أبريل،لم يدروا بأن المقاتلين في صفوف الدعم السريع مُعظمهم مواليد حِقب الإنقاذ وظُلمها الممتد،وأن الوعي المجتمعي تراكم في أذهان هؤلاء الصِبية الذين تجاوزوا عقبة التدجين والتبعية العمياء،والإغراءات وبيع الزِمم الذي نشاهده اليوم في العلاقات التي جمعت في عشية وضُحاها ما بين قادة إدعوا النضال ولكنهم سُرعان ما ركنوا للمصالح الشخصية وحُب السُلطة ،فكان جبريل ومناوي وعقار وتمبور نماذج لمن باعوا أهلهم مقابل بريق السُلطة والجاه .

لم يعد لإستخبارات الجيش النخبوي القُدرة على صناعة حروب قبلية من أجل إلهاء المجتمعات ،وإغراقها في دوامة الصراعات،وإنشغالها عن المطالبة بحقوقها الأساسية المتعلقة بالتعليم والصحة والحياة الكريمة،وليست في إستطاعتهم السيطرة على الشباب الواعي بقضايا أهله ووطنه في كافة ولايات السودان،لذلك لجأوا إلى تدوير نفاياتهم القديمة من أهل المصالح الشخصية بياعيين مجتمعاتهم بالرخيص ،قابضين ثمن عمالتهم ،أكلي أموال السُحت،مرتكبي الجرائم ،والمطالبين لدى المحاكم العدلية ، ظناً في أن بمقدورهم قلب الموازين إلا أنهم لا يدروا بأن قطار ثورة التحرر المجتمعي قد تجاوز محطة هؤلاء ولن يعد في مقدورهم اللحاق به.

القارئ لمؤشرات الحرب في السودان التي دخلت عامها الثاني يلاحظ جيداً الهزائم المتلاحقة التي تلاقها جيش البرهان وعصابة الكيزان والنُخب المُساندة لهم من أجل المصالح.

صحيح أن الحرب القذرة قد أنهكت كاهل الشعب السوداني و عمقت معاناته،وما زال أُفق حلها مسدود والبرهان ومن معه من مطبلاتية ومصلحنجية وشخصيات كرتونية ،لا يمتلكوا إرادة حقيقية تُساعدهم في إتخاذ مواقف وطنية،وإن الجماعات الإسلامية الداعشية،لا تتورع عن إرتكاب أفظع الجرائم ضد الإنسانية وجرائمهم الممنهجة-(قتل المواطنين واغتصاب الحرائر ،وقصف الطيران ،وإطلاق العنان لأكلي لحوم البشر وقطع الرؤس والتمثيل بالجثث)- التي تديرها إستخباراتهم وتصدر تعليماتها من أعلى مستوى القيادة ،حيث شاهد العالم أجمع ذبح البرهان للبطيخة أمام جنوده لتكون رمزية لقطع الرؤس ،ثم إنبرى من بعده ضابط برتبة عظيمة في الأمن يعلن عن جائزة قيمتها مليار لمن يقطع رأس مواطن على أساس جهوي ،ثم تدرجت جرائمهم لفتح أحشاء الأموات دون رحمة ولا إنسانية.

جرائم جيش البرهان الوحشية تعكس نفسيتهم المضطربة وخوفهم وإدراكهم للهزيمة التي أصبحت تلاحقهم في كل معاركهم.

اليوم تلقينا نبأ إستشهاد البطل المغوار(شيريا)،ورفاقة في معارك خاضوها بكل شجاعة وإستطاعوا ببسالة، إنزال الهزائم على جيوش البرهان التي إمتدا إعدادها وتجهيزها شهور ،لتنهزم أمام جبروت قوات الدعم السريع في معارك لم تتجاوز الساعات.

شيريا واحد من القادة الأبطال في قوات الدعم السريع الذين قاتلوا بشرف وهم يتقدموا الصفوف مع جنودهم بينما ضباط الجيش بقيادة البرهان وحركاتهم المسلحة وقادة كتائب البراء يولون الأدبار في وضح النهار ،تاركين خلفهم جُثث قتلاهم وجرحاهم.

صحيح أن نبأ إستشهاد القائد شيريا أشعل في قلوبنا الألم الممتد منذ أن فقدنا القائد البطل موسى قارح ،وجنابو مضوي ،وابنائنا الفيناوي ورفاقهم الأطهار الأخيار ،الذين سطروا بدمائهم الطاهرة فجراً جديداً لثورة عظيمة ،فكأنهم حبات ندى سقطت على صخور أرصفة الحِقد النخبوي الدفين والإستهبال السياسي الممتد ،لتغسله وتطهره ،وتبشرنا بخروج زرعاً طيباً لنبات الحُرية والتغيير الجذري بوضع الحلول الناجعة وصولا لدولة المؤسسات لا الشُلليات.

نعلم أن راية النضال لن تنتكس ،وأحزاننا مؤجلة لحين حسم معارك التحرر،وأن روح شيريا ورفاقه الأبطال،مهراً غالياً في سبيل تحرر السودان وإنعتاقه.

ولنا عودة بإذن الله.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *