«القاعدة» والإخوان .. هل يتسلق الإرهاب أسوار «فوضى السودان»؟.
خبراء ..
“في السودان يخيم السيناريو القاتم على بلد تمنح الحرب فيه كل ما ينشده المتطرفون”.
وكالات: بلو نيوز الإخبارية-
لا شيء ينعش التنظيمات الإرهابية أكثر من الفوضى، وفي السودان يخيم السيناريو القاتم على بلد تمنح الحرب فيه كل ما ينشده المتطرفون.
وعلاوة على الحرب، تفاقم المساحة الشاسعة للسودان المخاوف من أن يتحول البلد الأفريقي إلى بؤرة لإيواء وتفريخ إرهابيين، ما قد يدق الإسفين الأخير بنعش السلام الإقليمي بشكل خاص.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش والدعم السريع حربا مروعة، خلفت آلاف القتلى وملايين النازحين واللاجئين، وفق الأمم المتحدة، فضلا عن دمار هائل بالبنى التحتية.
- على جسر الفوضى:
في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وجد حذيفة السوداني، القيادي البارز في تنظيم القاعدة في فوضى السودان فرصة مثالية لازدهار التنظيم مجددا.
وبحسب ما طالعته “العين الإخبارية” في موقع “أفريكان نيوز”، يبدو أن الرجل كان يتوقع اتساع رقعة الصراع وسقوط البلاد في دوامة الفوضى، ما دفعه للقول: “لقد حانت لحظة السودان، الفوضى هي فرصتنا لنثر بذور الجهاد”، ويعني نشر (الإرهاب والتطرف).
قد تبدو كلماته في ذلك الوقت سابقة لأوانها، لكن عاما من الحرب الأهلية الوحشية أغرق السودان في نوع من الفوضى التي تزدهر فيها الجماعات الإرهابية.
وخطورة حصول تنظيم القاعدة على موطئ قدم لها في السودان بات حقيقيا للغاية، ولا يعرض البلد نفسه للخطر فحسب، بل الأمن الإقليمي وربما العالمي أيضا.
وأشار تقرير الموقع إلى أن الاشتباكات التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش وقوات “الدعم السريع” خلقت فراغا في السلطة يتوق المتطرفون إلى ملئه.
وتثير هذه التصريحات مخاوف خبراء مكافحة الإرهاب من تحول السودان إلى معقل جديد لتنظيم القاعدة وقاعدة محتملة لتنسيق الهجمات على الولايات المتحدة وحلفائها.
وألمح التقرير إلى أن إرهابيي التنظيم ممن يبحثون عن فرص لتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه في الشرق الأوسط، يستجيبون بالفعل لدعوات للتوجه إلى السودان.
- في قلب المعضلة:
ومع انتشار الصراعات في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، تجاهل الغرب الأزمة في السودان والإمكانات التي يحملها تنظيم القاعدة، وهو تنظيم إرهابي لطالما كان يطمح للعودة إلى السودان.
ورغم طرده، واصل الزعيم السابق للتنظيم أسامة بن لادن التأكيد على أهمية السودان في خططه لما يسمى بـ«الجهاد العالمي»، وهو ما بدا واضحا في تسجيله الصوتي ومذكراته عام 2006 التي أشار فيها إلى السودان كـ«قاعدة عملياتية محورية».
وكشف بيان عام 2023 لإبراهيم القوصي، القيادي في القاعدة، بعنوان “شذرات من تاريخ القاعدة”، أن “بن لادن وجه استثمارا بقيمة 12 مليون دولار أمريكي كموازنة لعمليات التنظيم في السودان، ما يسلط الضوء على أهمية المنطقة المستمرة لأهداف التنظيم”.
ويرى التقرير أن السودان، الذي يربط بين شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، شكل موقعا رئيسيا لتنظيم الإخوان ممن يستهدفون توسيع نفوذهم في جميع أنحاء المنطقة.
- التاريخ والمستقبل:
وتسلط التطورات الأخيرة الضوء على زيادة تركيز تنظيم القاعدة على السودان، وتقودها خطط توسع زعيم التنظيم أبو حذيفة السوداني، الشريك السابق لبن لادن وله خلفية سيئة السمعة في أفغانستان والعراق.
وقبل اندلاع الحرب في السودان، وتحديدا في 2022، نشر السوداني كتابا بعنوان: “الآن جاء القتال: رسائل حرب إلى المجاهدين في السودان”.
والكتاب، وفق التقرير نفسه، لا يشكل استراتيجية عسكرية للضربات المستهدفة وحرب العصابات في جميع أنحاء السودان فحسب، بل يصف أيضا رؤية للتوسع تمتد من دنقلا في شمال السودان إلى دارفور في جنوبها، مع الخرطوم كمركز قيادة.
كما أوضح تنظيم القاعدة تهديده في رسالة بالذكرى 22 لهجمات عام 2001 على الولايات المتحدة، متوعدا بأنها “مسألة وقت فقط قبل أن تطغى الضربة التالية على أهوال” الهجمات المذكورة.
وهذا الإعلان، إلى جانب الوجود المتصاعد للتنظيم في مناطق الصراع مثل النيجر وليبيا، يضعه بنشاط في موقع لاستهداف المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم.
وفي الواقع، أشار تقرير للأمم المتحدة لعام 2022 إلى أن تنظيم القاعدة كان يخطط لهجمات بارزة، ربما في البحر.
- مخاطر:
شدد التقرير على ضرورة عدم الاستهانة بإمكانيات تنظيم القاعدة في السودان الغني بالموارد.
فمن الناحية التاريخية، كانت عمليات التنظيم في أفغانستان محدودة الموارد مدمرة، لكن عملياته في السودان، مع وفرة النفط والذهب والأراضي الخصبة، فإنها ستمكنه من تضخيم قدراته بشكل كبير.
ويوفر السودان قاعدة مربحة لمن يستولي على السلطة، ومما لا شك فيه أن إقامة روابط مع طرفي الحرب الأهلية ستكون ذات فائدة مالية ضخمة لتنظيم القاعدة إذا انتصر أي من الجانبين.
كما أن إطلالة السودان على البحر الأحمر تجعله يشكل تهديدا أكبر من العراق وأفغانستان مجتمعين.
ويمكن أن تؤدي عودة قدرات تنظيم القاعدة في المنطقة إلى زيادة القرصنة والحصار العسكري وتدفق الأسلحة غير المنظم، ما يؤدي إلى تصاعد التوترات الإقليمية والتسبب في اضطرابات جيوسياسية أوسع نطاقا.