“البرهان” ينافس “البشير” في مضمار الإبادة الجماعية للمدنيين .!!
(257) مدنياً بين قتيل ومصاب خلال (أسبوع) جراء القصف الجوي في كردفان ودارفور !!
مراقبون: حوالي (3) آلاف مدنياً بين قتيل وجريح بسبب الغارات الجوية منذ بداية الحرب!
- تقرير: عبد الرحمن الكلس.
مقدمة:
على الرُغم من كل ما حوت حرب الخامس عشر من أبريل من أهوال وجرائم وانتهاكات في حق المدنيين العُزّل، وصلت في مأساويتها وبشاعتها حد الذبح والتمثيل بالجثث، وبقر البطون ومضغ الأكباد وانتزاع القلوب، إلّا أن قصف سلاح الجو لمناطق مدنية في كردفان، وشنّ غارات على أحياء مأهولة بالسُكان في وسط مدينة الفاشر ؛ عاصمة (ولاية شمال دارفور) وصلت داخل (مستشفى بابكر نهار للأطفال)، ما أدّى إلى مقتل طفلين كانا يتلقيان العلاج في وحدة العناية المكثفة، وخروج المستشفى عن الخدمة، كان هذا حادثاً هزّ الضمير الإنساني؛ حيثُ ادانته وندّدت به هيئات ومنظمات دولية مرموقة، على رأسها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف).
مجزرة في كردفان وأخرى في دارفور:
عاد طيران الجيش لممارسة جرائمه بقصف المناطق المأهولة بالسُكان بالمدنيين العزل، وتركز مؤخراً في ولايات دارفور وكردفان ومناطق محدودة من ولاية الجزيرة.
وبلغ عدد المواطنين الذين تعرضوا لقصف طيران الجيش في أسبوع واحد فقط – حتى تاريخ كتابة هذا التقرير مساء الثلاثاء 14 مايو 2024- بلغ (257) مواطناً، قتل منهم (57) وأُصيب (200) آخرين، بعضهم بإصاباتٍ خطيرة، هذا مع نفوق أعداد كبيرة من الماشية في كردفان ودارفور.
مجزرة (مريكب):
السبت الماضي 11 مايو، قصف طيران الجيش بلدة “مريكب”، التي تقع غرب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وهي بلدة منسية تخلو من أي مظهر من مظاهر التنمية والخدمات الأساسية، يمارس أهلها حِرفتّى الرعي والزراعة، ويعيشون على هامش الحياة؛ بعيدين عن العمل في العسكرية كما ليست لديهم أي اهتمامات سياسية، حيث أدّت الغارة الجوية إلى مقتل (27) من المدنيين بينهم نساء وأطفال، وأصيب 40 آخرين، حالة بعضهم خطيرة، مع عدم توفر أية خدمات طبية بالمنطقة، كذلك أدت الغارة إلى نفوق أعداد ٍكبيرة من الأغنام والماشية.
مجزرة أطفال الفاشر:
تزامناً مع مجزرة “مريكب” ارتكب طيران الجيش مجزرة أخرى في نفس اليوم على مدينة الفاشر، وصفها بعض من تحدثنا إليهم من سكان المدينة ، بأنها الأكثر بشاعة، حيث شنّ الطيران الحربي غارات جوية على أحياء مأهولة بالمدنيين وسط المدينة، ما أدّى إلى مقتل 30 من المواطنين وإصابة حوالي 160 منهم أغلبهم من النساء والاطفال.
وقالت منظمة (أطباء بلا حدود) إنّ غارة جوية حدثت في حرم (مستشفى بابكر نهار للأطفال) – 50 متراً- أدت إلى مقتل طفلين كانا يتلقيان العلاج في وحدة العناية المركزية بالمستشفى، كما قتل في الغارة أيضاً أحد مُقدمي الرعاية، وتسببت في خروج المستشفى عن الخدمة، وهو المشفى الوحيد في المدينة الذي يعمل في علاج الأطفال.
وحذّرت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، السيدة كاثرين راسل، من خطر استمرار الحرب على الأطفال في السودان، وقالت إنّ استمرار العنف في مدينة الفاشر سيؤدي الى عواقب مميتة على الأطفال.
الغارات الجوية على المدنيين منذ بداية الحرب:
كثيراً ما استخدم الجيش سلاح الطيران في مهاجمة وقصف المناطق المدنية وأماكن سكن المواطنين، وكانت جميعها بدعاوى ملاحقة الدعم السريع، ورغم أنه اتضح في مرات كثيرة عدم وجود فرق عسكرية تتبع لهذه القوات؛ في المناطق المستهدفة، إلا أنّ الغارات الجوية لم تتوقف عن مهاجمة المناطق المدنية، وسنستعرض -أدناه – أبرزها منذ بداية الحرب.
في فجر يوم الثامن من يوليو 2023، أي بعد أقل من ثلاثة أشهر من بدء الحرب، أغار الطيران الحربي للجيش على ضاحية (دار السلام العامرية) السكنية، ما أسفر عن مقتل (22) شخصاً على الفور، وأُصيب (31)، توفي منهم (14) لاحقاً، ليرتفع عدد الضحايا إلى (36)، والمُصابين إلى (17)، بعضهم في حالة حرجة. وفي الساعة الخامسة والدقيقة الأربعين من مساء الأحد التاسع من يوليو 2023 – أي بعد يوم واحد من الجريمة الأولى – قصف الجيش ضاحية (بحري الشعبية) السكنية، ما أسفر عن مقتل (9) أشخاص، بينهم (5) أطفال، وجُرح (15)، بعضهم حالته خطره. ليصير إجمالي القتلى خلال يومين فقط (45) والجرحى (32)، أي أنه قد سقط (77) مدنياً، ما بين قتيل وجريح خلال 48 ساعة فقط.
ولم تكن هذه هي الحادثة الأولى، ففي صباح الرابع من يوليو 2023، بعد حوالي 7 أسابيع من بدء الحرب، هاجم الطيران الحربي للجيش عدداً من الأحياء السكنية بأُمدرمان، منها حي (أمبدة)، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين، وهي – بحسب مُراقبين – (مجزرة بشرية)، تستحق مُحاسبة ومُحاكمة مرتكبيها. وفي الثاني من يوليو 2023 هاجم طيران الجيش عدداً من الأحياء السكنية في مدن العاصمة الثلاث، ما تسبب في مقتل وإصابة العشرات من المدنيين. كما قصف ي أحياء (الأزهري، عد حسين، والسلمة) جنوب الخرطوم، ما أدى لمقتل وإصابة العشرات من المدنيين.
وفي الرابع من يوليو 2023، وفي سابقة كانت الأولى من نوعها خلال هذه الحرب، أسقط الجيش (براميل متفجرة) من طائرة (انتنوف) تابعة له، على المنطقة الصناعية، والسوق الشعبي بأمدرمان. وفي الثاني والعشرين من يونيو 2023، هاجم طيران الجيش، عدداً من الأحياء السكنية في أمدرمان وشرق النيل. ما تسبب في مقتل (3) أُسر في أمدرمان، وتم تدمير مسجدٍ جراء القصف. وإحراق مزارع ومنازل لمواطنين، وظهرت جُثث متفحمة لمواطنين في “الفيديوهات” التي انتشرت على الوسائط. وفي الخامس عشر من مايو من نفس العام، قصف الطيران الحربي للجيش مستشفى شرق النيل، ما تسبب في مقتل وإصابة العشرات. وتم تدمير جزء كبير منه، بذريعة وجود قوات للدعم السريع بداخله، الأمر الذي ثبت عدم صحته لاحقاً. وفي نفس الشهر تم قصف مستشفى (الرومي) بمدينة أم درمان.
وقدّر مراقبون ضحايا تلك الغارات الجوية من المدنيين بما يفوق ألـ(3) آلاف مدنياً بين قتيل وجريح.
كما أحرقت غارات جوية، وصفها بعض النشطاء بـ(عمليات إحراق جوية ممنهجة)، الأسواق وعدد اًكبيراً من المرافق الأخرى بالخرطوم تضمنت شركات ومصانع وبنوك وغيرها، عن طريق الطيران الحربي للجيش الذي يسيطر عليه الإسلاميون، ويُعد الفريق الطاهر محمد العوض الأمين ، قائد سلاح الجو الحالي، أحد كوادر التنظيم الاسلامي داخل الجيش.
مطالبات بعقوبات وفرض مناطق حظر جوي:
وفي السياق طالب نشطاء وحقوقيون بفرض عقوبات مشدّدة على المتورطين في ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، كما طالبوا بفرض مناطق حظر جوي .
وقال ناشط حقوقي بارز فر من السودان مؤخراً – نمتنع عن ذكر اسمه حفاظاً على سلامته – “على المجتمع الدولي اتخاذ اجراءات أكثر صرامة وجدية يكون لها تأثيرها على حياة المدنيين على الأرض، مطالباً باعتبار كامل سلاح الجو مُشاركاً في ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية”.
الصمت سيد الموقف:
ظلّ الجيش منذ بداية الحرب ينسب انتهاكاته ضد المدنيين إلى(مجهول)، أو (قوات ترتدي زيه)، وإلى (أعطال فنية) حال سقوط طائراته، ولكن ظلت الغارات الجوية على المدنيين تقابل دائماً بعدم التعليق، وظلت سياسة الصمت المطبق هي السائدة، حتى الآن.