اتفاق إنساني بين “الجيش” و”الشعبية” .. قراءات في نيات العسكر.!!

190

 

انطلقت في العاصمة الجنوب سودانية جوبا، الجلسة الافتتاحية للمفاوضات بين وفد حكومة الأمر الواقع والحركة الشعبية شمال (قيادة الحلو) بحضور مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك وآلية الوساطة وعدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي.

راينو: بلو نيوز الإخبارية-

دعاية سابقة؛
جولة اليوم استبقتها تسريبات إعلامية حملت أنباء عن توقيع تم -بالفعل- بين الطرفين، وهو ما تم دحضه بانطلاق جلسات التفاوض غدا…
التفاصيل والمعلومات حول التفاهمات المبدئية بين الطرفين عبد العزيز الحلو وشمس الدين كباشي آنذاك كانت شحيحة، وتركزت على أن الهدف هو الاتفاق على فتح ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المدنيين… وتسيطر الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو على مناطق استراتيجية في جنوب كردفان، وتحظى بتأييد واسع في أوساط السكان المحليين…

تقييم حكومي:

القائم بأعمال سفارة السودان بجنوب السودان السفير جمال مالك، أعتبر أن زيارة عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة لجلوبا المدة الماضية، حققت أغراض كثيرة في مقدمتها التوصل لتفاهمات مع رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال عبد العزيز الحلو وأعرب عن تمنياته أن تعقبها مفاوضات يتم التوصل فيها إلى سلام
وقال السفير جمال إنه تم خلال الزيارة التأكيد على حرص السودان على إيصال المساعدات من الجنوب لكل المواطنين داخل وخارج السودان لأي مواطن وفق الضوابط المعروفة، مشيرا إلى أن الاتفاق على فتح طرق الإغاثة في المناطق المتأثرة يشكل واحدة من نجاحات الزيارة حيث تم الاتفاق على مناقشة التفاصيل حول كيفية إيصال المساعدات…
وأوضح عمار آمون، الأمين العام للحركة الشعبية شمال ورئيس وفدها للمفاوضات، في حديث لـ(دبنقا) أن جلسة اليوم كانت جلسة افتتاحية وهي نتيجة مباشرة للقاء الذي تم بين الفريق القائد عبد العزيز آدم الحلو والفريق أول شمس الدين كباشي وقد تم الاتفاق في هذا اللقاء شفهيا على إمكانية على الطرفين والتوصل إلى اتفاق يفضي إلى تمرير المساعدات الإنسانية للمحتاجين في السودان. ونتيجة لهذا الاجتماع أرسلت آلية الوساطة في جنوب السودان دعوة للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال وقد استجبنا للدعوة وعقدت اليوم الجلسة الافتتاحية. وستبدأ جلسات المفاوضات الرسمية بين وفدنا والوفد الحكومي يوما غدا الجمعة…م غدا الجمعة…
وشدد عمار آمون على ضرورة ألا يرتبط توصيل المساعدات الإنسانية بالتسوية السياسية في البلاد وما دام كل الشعب السوداني يعاني اليوم من ويلات الحرب ونزح الكثيرون منهم داخليا بينما لجأ آخرون إلى خارج السودان، فإذا كانت هناك نيات حقيقية لتوصيل المساعدات الإنسانية لهم من غذاء وأدوية، فيجب أن يشمل كل المتضررين من الحرب في كل مناطق السودان، بما فيها الخرطوم وكردفان والجزيرة بالإضافة إلى دارفور وجبال النوبة والفونج الجديد.
ورفض السكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان عزل مناطق وتوصيل إغاثة إليها دون مناطق أخرى، إذ لا يفي بغرض إنقاذ أرواح الناس وإسعافهم لأن الكل يحتاج إلى مساعدات عاجلة، لذلك على القائمين بالأمر والذين يهمهم إيصال المساعدات الإنسانية أن يراعوا الشمول في عملية إسعاف الشعب السوداني. وأكد أن هذا الموقف نابع من قناعتهم بأن تجزئة الحلول السياسية لن يأتي بحلول شاملة، وكذلك تجزئة العمل الإنساني أيضا حيث يتم إسعاف مدنيين في مناطق وتركهم في مناطق أخرى وهم في أشد الحاجة لن يفي بالغرض المقصود…
وأوضح عمار أمون أنهم لم يطرحوا أي تفاصيل بشأن وقف العدائيات وأن الحديث عنها ورد في ورقة الحكومة ولم نبدأ النقاش بشأن بعد لكن إذا كان هناك حديث عن وقف عدائيات فإن موقفنا هو أن يشمل ذلك كل المناطق التي يوجد فيها أناس يحتاجون لإسعافات عاجلة. لذلك لم نتحدث -بالتفصيل- وربما نناقشها في جلسة الغد.
وطالب عمار آمون بأن لا ترتبط الحكومة ما بين إيصال المساعدات الإنسانية وتحقيق المكاسب السياسية، إغاثة المدنيين شيء وتحقيق الأهداف السياسية شيء آخر. وأضاف: يمكن للحرب أن تستمر وأن يستمر في نفس الوقت توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في المناطق المختلفة من السودان، الحرب يمكن أن تتوقف بالتوصل إلى تسوية سياسية، ولكن يجب ألا يربط ذلك بالعملية الإنسانية المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية لإنقاذ حياة الناس.
ونوه السكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان أنه ومنذ العام 1989 حين تم التوصل إلى اتفاق عملية شريان الحياة، ظلت الحكومات وما تزال تستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح وتربط وصول المساعدات إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية بالتوصل إلى اتفاق سياسي. لذلك طوال 69 عاما من عمر استقلال السودان والحروب الأهلية في السودان، لم تسمح الحكومات على الإطلاق بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق خارج سيطرتها. لذلك نحن نطالب بالفصل التام بين توصيل المساعدات الإنسانية والتوصل إلى تسوية سياسية…

حقيقة أم تكتيك؟
اقتراب نائب قائد الجيش شمس الدين كباشي من قائد الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو حد إمكانية التوصل إلى اتفاق إنساني، فتح أبوب الذاكرة حيال مواقف الكبايش نفسه خلال مدة الحكومة الانتقالية تجاه حركة الحلو، إذ عندما وقع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك وقائد الحركة الشعبية شمال، جناح عبد العزيز الحلو، اتفاق مبادئ من 6 بنود ينص على إطلاق عملية سلام جديدة بين الحكومة والحركة التي انسحبت -في وقت سابق- من مفاوضات السلام السودانية في جوبا التي اختتمت بتوقيع اتفاق مع الجبهة الثورية وعدد من الحركات المسلحة
ونص الاتفاق الذي وقع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بالتفاوض على أساس إقامة دولة مدنية ديمقراطية وبناء دستور يقوم على فصل الدين عن الدولة، مع احتفاظ الحركة بحق تقرير المصير في حال إخفاق المفاوضات في التوصل إلى اتفاق حول المبادئ الموقع عليها…
إلا أن عضو مجلس السيادة في ذلك الوقت شمس الدين الكبايش، نقضي ذلك الاتفاق بتصريح الشهير تعليقا على الاتفاق قائلا “اتفاق حمدوك والحلو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق”.
حاليا تذهب التحليلات إلى أن الكبايش وجيشه لم يتغيرا في النظر للقوى الثورية والمسلحة، وأنهم غير حريصين على حياة السودانيين أو إنقاذهم، وأن البحث عن اتفاق إنساني هو مدخل ودي للحركة الشعبية في سبيل فتح حوارات لمصلحة استقطاب الحلو للمقاتلة إلى جوار الجيش في مواجهة الدعم السريع. ويذهب قيادي بالشعبية شمال في حديثه ل (فراينو) حول هذه الفرضية، إلى أن الحركة الشعبية تمتلك من أدوات التحليل ما جعلها صامدة طيلة المدة الماضية ومتسقة بخطها، كما تمتلك من الذكاء السياسي ما يمكنها من تلمس مدى جدية الأطراف الأخرى -خصوصا- في ظل خبرات قيادتها منذ السودان الموحد مستبعدا في الوقت ذاته إمكانية أن يمتلك الطرف الآخر الجرأة لطرح مثل هذا الأمر، رافضا الإفصاح عن ردة فعل الحركة حال قام الجيش بمفاوضتهم حول هذا الأمر، قاطعا بأن الأمر ما يزال تحليلا ولا يجوز تبني مواقف على فرضيات…

ردود الفعل:
من جانبه وصف رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- التيار الثوري، والقيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية “تقدم”، ياسر عرمان، اتفاق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال عبد العزيز الحلو ونائب قائد الجيش السوداني شمس الدين كباشي بشأن المساعدات الإنسانية بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح وتستحق أن تعمم في كل السودان.
وقال عرمان إن الاتفاق بين القائد عبد العزيز الحلو والفريق أول شمس الدين كباشي للعمل المشترك للوصول لاتفاق لإيصال المساعدات الإنسانية يتطلب وقف الحرب في المنطقتين.
وكتب عرمان في صفحته بموقع “إكس” “أتى الاتفاق في وقته ومن الأفضل أن يشمل جميع أطراف الحرب في المنطقتين حتى يسهل تنفيذه، ويمكن أن يكون نموذجا لإيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في كل السودان، وإلزام جميع أطراف الحرب حتى لا يتعرض للتعويق والتجاذب والاستقطاب”.

الإنساني فقط:

التفاهمات التي جرت بين الجيش السوداني ممثل في نائب القائد العام شمس الدين الكباشي ورئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو، جعلت مراقبين يتساءلون عن دلالات هذه الخطوة في هذا التوقيت الذي يفتح الباب أمام الآمال في التوصل لاتفاقات مشابهة في عدد من المناطق التي يحاصر فيها المدنيين وسط ظروف معيشية صعبة.
ويقول المحلل السياسي ياسر العوض إن الإتفاق حسب المعلومات المتوفرة حوله ينحصر حول إيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين في مناطق سيطرة الطرفين ولم يتطرق لأي نواح أخرى تتعلق بالأمور السياسية أو الترتيبات الأمنية أو أي أمور أخرى.
وأكد العوض ل “راينو” أن الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو تتمسك بشروطها المعلنة لتحقيق السلام ولم تطرأ أي تغييرات في موقفها من ناحية مدنية السلطة التي تتفاوض معها وكذلك علمانية الدولة والنواحي المتعلقة بالجيش وعقيدته وما إلى ذلك، وأضاف “عليه فإن التفاوض الحالي لن يتجاوز موضوع المساعدات الإنسانية وسبل توصيلها فقط لا غير”

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *