”حميدتي” يعيد كتابة تاريخ السودان؛ وبالدعم السريع يصنع حاضر الوطن ومستقبله
(تفكيربصوتٍ عالٍ)
- ••
لنا مهدي
- ••
القائد محمد حمدان دقلو قرأ تاريخ السودان جيداً وأدرك ببصيرة نافذة أن تاريخنا ككل بحوجه لإعادة كتابة بأيدي مؤرخين منصفين باحثين عن الحقيقة وحدها
بعيداً عن عين الانبهار المفضي للوقوع في شطط التحيز
بعيداً عن عين التحامل المفضي للوقوع في شطط كراهية الآخر وشيطنته
بعيداً عن جلد الذات
وبعيداً عن (أنا ومن بعدي الطوفان)
التاريخ المكتوب بحياد ومنهجية وعلمية، في الأصل هو وعاء حافظ للحقيقة وحدها
وليس متكأً لمجد يفيد منه اللاحقون على حساب السابقين
حتى لا يكون كريديت للواحد على حساب الآخر
وحتى لا يصبح التاريخ المصنوع بأيدي آخرين عداد رصيد سياسي لمن يليهم دون أن يجهدوا في كتابة سطر في صفحة التاريخ المتكئين عليه
التاريخ السوداني تمت كتابته بقلم رصاص كلاسيكي غير مبري جيداَ وبطرفه ممحاة تمحو وتثبّت حسب الأهواء
بينما المبحر في التاريخ السوداني وفي الشأن السوداني ككل ينبغي له أن يستصحب معه شراعيْ موضوعية وحياد إيجابي
إذ لا يصح وفعل الكتابة والمشاركة في الهم العام الحياد السلبي الذي ينتهجه بعض ذوي الياقات المنشاة الذين يخشون مغبة الرأي فينأون كما ينأى السليم من الطاعون- من بؤر التصنيف والتعليب والقولبة التي يجب أن يرحبوا بها كلها لو كانت ثمن رؤاهم!
لا بد من إعادة كتابة تاريخنا الحديث والمعاصر دون أسطورة ودون تحامل ودون جلد ذات لربما نستطيع العبور بعدها بالوطن لشطآن الأمان متخففين من حمولات التحيز أو الكراهية للآخر المختلف أو كليهما..
تاريخياً.. الخطأ الرئيس والفادح الذي نقع فيه اعتبار انقلاب 1989 هو بداية كوارثنا بينما الكوارث تواصلت حتى في ممارسات الديمقراطيات، فالفترات الديمقراطية اعتبرناها أزهى الفترات السودانية وهذا خطأ مركزي وقعنا فيه كما تواصل ذلك بعد انقلاب 25 أكتوبر
كان زهرة شباب السودان لا يطوون أحلامهم ويحملونها بين جوانحهم خفية بل يدحرجونها أمامهم ويوشكون أن يبلغوا مسها بأصابعهم، اعتقدوا الدنيا ديمقراطية حقاً والوطن واعداً برغم الغيم والظلال ولكن كل شيء يهون فقد قال “محمد أحمد المحجوب” مشاكل الديمقراطية لا تعالج إلا بمزيد نمن الديمقراطية أو كما قال، اليوم جمعة والناس يستعدون لجلسات سعيدة ويهمون بإعداد الفطور السوداني التقليدي زمان قبل أن تلغى وجبة الفطور بعد أن عودت الإنقاذ الناس أن يهاجروا زرافات ووحداناً خارج المنزل طلباً للقمة العيش ولا يجتمعون إلا عشاءً!! الوقت وقت بكور وفجأة تدق الموسيقى الكريهة إيذاناً بشؤم وبوم حلا على البلاد، البيان رقم واحد وعرفنا وقتها مصيبة حطت على البلاد أسمت نفسها الإنقاذ وكما قال البيان رقم واحد :” لإنقاذ بلادنا العزيزة من أيدي الخونة والمفسدين لا طمعا في مكاسب السلطة بل تلبية لنداء الواجب الوطني الأكبر في إيقاف التدهور المدمر ولصون الوحدة الوطنية في الفتنة والسياسة وتامين الوطن وانهيار كيانه وتمزق أرضه ومن اجل إبعاد المواطنين من الخوف والتشرد والجوع والشقاء والمرض ” فتأمل ما حل بالبلاد بعد 34 عاماً هل ضاع حلم الشباب الواعد أم أوشكت البلد نفسها أن تضيع؟!!
مشكلتنا التي ما زلنا نجترها أننا ركزنا على الانقاذ ولم نتناول بالنقد العادل والتشريح بمبضع جراح مقتدر لحقب تاريخية كانت كارثية..
ولو لم نفعل ولو لم نواجه أنفسنا بشجاعة ستبقى خيباتنا..
ومن التركات التاريخية الثقيلة
تركة القائد الملهَم وهذا المفهوم يحاربه قائد قوات الدعم السريع فريق أول محمد حمدان دقلو فهو حريص على التواضع والالتزام بمقاتليه ولهم
فالقائد أدرك أنها مشكلة تاريخية خطيرة توارثتها قوانا السياسية
وكاريزما القيادة أصبحت كريديت وسيفاً مسلطاً على رقاب ذوي العقول النقدية
لذلك يرى القائد أنه من المهم جداً أن تتفكك كاريزما الفرد لصالح المؤسسة ومهم جداً أن يكون الولاء والانتماء للفكرة وللمشروع وليس للشخص
فمن السهولة بمكان تعبئة الجمهور وتوجيههم تجاه رمزية القائد والإفادة من ذلك سياسياً (ودة لعب على المضمون) لكن الأشق والأصعب تعبئتهم وتوجيههم لصالح نصرة الفكرة والقضية التي يحملها نفس الشخص ؛ وهو ما يجهد عليه وكثيراً ما وجه به قائد قوات الدعم السريع.
فبذكائه الفطري المتقد المغموس بالتجارب أيقن قائدنا أن الكاريزما لو لم يتعامل معها صاحبها ومن هم حوله بحذر وحيطة حتماً ستحول الفرد لقيادة صمدية ، الأحد الصمد الذي لا يقبل المخالفة ولا النقد حتى لو نقد موضوعي
والضحية الوطن وإنسانه الأغبش المهمش البسيط..
لذلك ببساطة ورقي وطلاقة لا يكف القائد عن التذكير بالمؤسسة وأهمية التنظيم للعمل وقدسية روح الفريق بل ولا يستنكف أن يعتذر حتى عما لم يقترفه من أخطاء كاعتذاره لشعبه عن إشعال الإسلامويين بفلولهم للحرب وما جرته من ويلات على المواطن المغلوب على أمره.