زياة كباشي للنيجر ومالي، الهجرة نحو حزام الانقلابات.

339

علي جاد الله ..
زياة كباشي للنيجر ومالي، الهجرة نحو حزام الانقلابات.

تأتي زيارة الكباشي لدول حزام الانقلابات (مالي، النيجر، بوركينافاسو، غينيا)، هذه الدول جميعا لديها مشتركات دفعت جيوشها الهشة من القيام بإنقلابات عسكرية؛ يمكن إجمالها في الفساد السياسي والإقتصادي وتنامي الجماعات الإسلامية وارتفاع حدة الهجمات على النقاط العسكرية في المناطق الحدودية، وكذلك عمليات القتل التي تطال المدنيين في القرى النائية من قبل الجماعات الاسلامية المتشددة، مما خلق حالة من التزمر امتدت لسنوات. مما انعكس ايجابيا في التفاعل مع الإنقلابات العسكرية المدفوعة من روسيا ضد فرنسا التي نشطت شركاتها لسنوات عديدة في العمل على استخراج المعادن أهمها الذهب واليورانيوم دون أن تظهر عائدات التعدين في التنمية بسبب فساد حكومات هذه الدول مع شركات تعمل تحت حماية الحكومة الفرنسية. إن تغلغل الشركات الروسية خاصة شركة فاغنر في كل من مالي والنيجر وأفرقيا الوسطى وغينيا كان ينظر إليه على أنه عامل تحرر من استغلال الشركات الفرنسية، لكن الأمر على العكس، لا تختلف فاغنر عن نظيراتها الأوروبيات. من الممكن مقاضاة الشركات بسبب التلوث والإضرار بالسكان، على العكس الشركات الروسية تستبيح وتقتل المدنيين وتمنع حتى التعين الأهلي كما حدث في أفريقيا الوسطى.
زيارة كباشي بالتزامن مع التفاهمات والوعود التي أبداها برهان للروس لبناء قاعدة تزويد تستقبل السفن الروسي بعدد (300) عنصر في ميناء بورسودان. يذكر أن سلفه البشير ذهب في أواخر أيامه للروس طالبا الحماية وعارضا قاعدة بحرية في مطار بورسودان، وهو ما تعتبره الولايات المتحدة ودول الخليخ خطوطا حمراء، لأي تواجد عسكري روسي في المنطقة التي تعتبر من أهم طرق التجارة البحرية. خاصة بعد تنامي الهجمات الحوثية المدعومة من إيران، ومعلوم أن إيران حليف استراتيجي للروس.
ما لا يعلمه كباشي، أنه ليس بإمكانه تقديم شيء لدول حزام الانقلابات فهو لا يمتلك سلاح لتمويلها، أو مال يقرضها، اللهم إلا تهديدها بدعم الجماعات الجهادية التي خلفت رعبا لسنوات في المنطقة، بل كانت السبب في ترحيب الشعوب بالانقلابات. هناك مسألة أخرى جد مهمة، وهي إتهام هذه الدول بتصدير مقاتلين للدعم السريع، مما يوفر شرعية للدعم السريع بالتدخل وتغيير أنظمتها إذا كان لديه موالين في هذه الدول كما يزعمون.
اللجوء لدول هشة وضعيفة ولا تمتلك حدود مع السودان أو ارتباط جغرافي أو سياسي حتى اقتصادي بالسودان، يؤكد الفشل الدبلوماسي لبرهان وجنرالته في خلق تحالفات مع دول جارة كجنوب السودان وتشاد وأثيوبيا وليبيا. هذه الدول كسبها الدعم السريع وحلفائهم المدنين بسبب دعم للاستقرار والتحول الديمقراطي في المنطقة ورفض الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية والتكريس للفساد والاستبداد العابر للقارات.
إذا أبدا النيجر وعبرها شركة فاغنر أي تحركات تحمل تهديدات فإن الحكومة الإنقلابية لن تصمد إذا تقدم نحوها تحالف عسكري قوي مدعوم من تشاد والدعم السريع.
خلاصة القول، إن دبلوماسية برهان تشبه وموقفه العسكري المهزم منذ إشعاله للحرب التي ظن أنها قد تنتهي في أيام قليلة وتبسط الحركة الإسلامية حكمها على البلاد. كان الرهان خاسرا خاصة وأن الشعب السوداني هو الذي أطاح بالحركة الإسلامية بثورة شعبية تحدث عنها العالم، كيف له أن يقبل عودتها بعد ثلاث سنوت؟ على الكباشي أن يخوض معركة التخلص من الحركة الإسلامية إذا لم يكن منها وينخرط في حوار جدي من أجل تكوين جيش قومي موحد يمثل كل السودانيين بدلا من الإمعان في العناد وزيادة رقعة الحرب.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *