جريدة لندنية: تقدم للدعم في الفاشر يثير خلافات بين الجـيش والقوة المشتركة .. والحركات تضغط للعودة إلى منبر جدة.
جريدة العرب اللندنية: بلو نيوز الإخبارية-
تقدم الدعم السريع في الفاشر يثير خلافات بين الجيش والقوة المشتركة.
الحركات المسلحة تضغط على قيادة الجيش للعودة إلى منبر جدة.
المدنيون من يدفعون ثمن كرسي مناوي المريح
تعكس التطورات الأخيرة في الفاشر هشاشة التحالف القائم بين الجيش السوداني والحركات المسلحة في دارفور، ويتوقع مراقبون أن يزداد الوضع تعقيدا بين الجانبين لاسيما في حال نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على المدينة.
الفاشر (السودان)- أربك تقدم قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر الجيش السوداني، الذي لم يكن يتوقع نجاحها بهذه السرعة في التوغل والوصول إلى قلب عاصمة ولاية شمال دارفور.
وسارعت قيادات عسكرية إلى اتهام القوة المشتركة بالتواطؤ مع قوات الدعم السريع عبر فسح المجال لعناصرها من الجهة الجنوبية، وهو ما تنفيه القوة التي تضم أبرز الحركات المسلحة في دارفور.
وتشهد المدينة قتالا ضاريا منذ أسابيع بين الجيش والحركات المسلحة الحليفة له من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، ما أدى إلى فرار مئات الآلاف من المدنيين.
مصطفى الجميل: التحالف بين الجيش والحركات ليس مبنيّا على دارفور فقط.
وتصر قوات الدعم السريع على السيطرة على المدينة هذه المرة، بعد أن منحت قيادة الجيش الكثير من الفرص للجلوس إلى طاولة التفاوض والبحث عن تسوية تنهي الحرب.
وأفاد مسؤول عسكري لموقع “سودان تربيون” القريب من الجيش بأن جهات في القوة المشتركة أمرت ارتكازا يتبع القوات في حي السلام بالانسحاب من مواقعها إلى داخل مدينة الفاشر، وهو ما سهل وصول سرية من الدعم السريع على متن سيارات مدنية إلى عمق الفاشر ومهاجمة المستشفى الجنوبي.
وتعكس الاتهامات غياب الثقة بين المؤسسة العسكرية والحركات المسلحة المتحالفة معها، ويرجح متابعون أن تتسع الفجوة بين الطرفين إذا تمكنت قوات الدعم السريع من فرض سيطرتها على المدينة.
وشهدت القوة المشتركة، التي تشكلت عقب اندلاع الصراع في أبريل العام الماضي، انقساما حيث فضلت حركة جيش تحرير السودان بزعامة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة القتال إلى جانب الجيش في معركته ضد قوات الدعم السريع، على أمل الحفاظ على نفوذهما في إقليم دارفور.
في المقابل تمسك تجمع قوى تحرير السودان برئاسة الطاهر حجر وحركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس بمبدأ الحياد.
ويقول مراقبون إن التحالف الحاصل بين الحركتين المسلحتين والجيش هو ظرفي، وجاء نتيجة تقاطع مصالح، مشككين في إمكانية استمراره في ظل حالة السيولة التي يشهدها السودان.
ونفى المتحدث باسم القوة المشتركة أحمد حسين مصطفى بشدة إصدار أوامر من أي جهة بانسحاب ارتكاز لقواتهم ونوه إلى أن قوات الدعم السريع استغلت ثغرة أمنية بمعاونة عناصر تتبع الهادي إدريس والطاهر حجر وتسللت حتى وصلت إلى المستشفى الجنوبي.
وزعم حسين في تصريحات لـ”سودان تربيون” أنهم يمتلكون أدلة تثبت تورط مجموعات تابعة للمجلس الانتقالي وفصيل الطاهر حجر في زعزعة الأمن بمدينة الفاشر، ونوه إلى أن هذه المجموعات ترتدي زي القوة المشتركة وتستغل مركبات مدنية وتتواجد وسط المدنيين وتقوم بتمليك قوات الدعم السريع معلومات حول تحركات القوة المشتركة وأماكن انتشارها، وتوعدهم بالحسم قريبا.
لكن رئيس حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي نفى الاتهامات، وشدد على أنها غير صحيحة خاصة أن قوات حركته خرجت من الفاشر قبل أكثر من شهرين.
◄ قوات الدعم السريع تصر على السيطرة على المدينة هذه المرة، بعد أن منحت قيادة الجيش الكثير من الفرص للجلوس إلى طاولة التفاوض والبحث عن تسوية تنهي
واتهم إدريس جهات لم يسمها بترويج هذه الشائعات بسبب انحيازه إلى خيار الحياد ودعوته إلى وقف الحرب. وطالب المواطنين بالابتعاد من مواقع الاشتباك، كما دعا طرفي الصراع مجددا إلى فتح الممرات الآمنة للمدنيين.
وغير واضح الطرف الذي سهل لعناصر الدعم السريع التوغل في المدينة، حيث سبق وأن انسحبت مجموعات من الجيش من شمال الفاشر في مايو الماضي لصالح الدعم السريع، وقد تكرر الأمر ذاته في العديد من الولايات السودانية.
ويقول مراقبون إنه لا يخفى وجود جزء من الجيش غير راض عن استمرار الحرب، وهو الأمر الذي يدفع البعض من أفراده إلى الانسحاب من نقاط ومرتكزات مع تقدم عناصر الدعم السريع.
ويلفت المراقبون إلى أن الكفة تميل بالواضح لصالح الدعم السريع في القتال الدائر في المدينة، مشيرين إلى أن نجاح الدعم السريع في السيطرة على الفاشر سيشكل ضربة قوية ليس فقط للجيش بل وأيضا للحركات المسلحة التي قررت الانخراط معه في الحرب العبثية التي فجرتها فلول النظام السابق.
وقال مصطفى الجميل، المستشار السياسي لحاكم إقليم دارفور، إن العلاقة بين الجيش السوداني والحركات المسلحة قائمة لم تتأثر حتى الآن مع الحديث عن تقدم قوات الدعم السريع في الفاشر، وإن التحالف ليس مبنيًا فقط على دارفور حيث أن قوات الحركات تتواجد في حاميات ومعسكرات الجيش في شمال وشرق السودان، وإن معركة الفاشر قد لا يكون لها تأثير قوي على العلاقة بينهما.
وأضاف الجميل في تصريح لـ”العرب” أن الأوضاع في الفاشر مأساوية للغاية وتسببت المعارك المستعرة في فرار ما يقرب من 80 في المئة من الذين نزحوا إليها بالأساس إلى خارجها، وهو ما يجعل قادة الحركات يدعون إلى السلام ووقف الحرب الدائرة حاليا لحماية الأبرياء، وهناك محاولات للضغط على الجيش للذهاب إلى منبر جدة والاستجابة لدعوات الحوار من أجل السلام التي صدرت أخيراً من مصر وقبلها من دول الجوار المختلفة.
◄ المدينة تشهد قتالا ضاريا منذ أسابيع بين الجيش والحركات المسلحة الحليفة له من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى
◄ المدينة تشهد قتالا ضاريا منذ أسابيع بين الجيش والحركات المسلحة الحليفة له من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى
وأشار المستشار السياسي لحاكم دارفور إلى أن قادة الحركات المسلحة لم يصدر منهم حتى الآن أي تصريح يشير إلى نيتهم فك التحالف مع الجيش أو التوجه لعقد تحالفات جديدة مع جهات أخرى، وأن الهدف الأساسي بالنسبة إليهم يتمثل في الذهاب إلى منبر جدة في أقرب فرصة ممكنة.
وتعد الفاشر المعقل الأخير للجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة في إقليم دارفور غرب البلاد، بعد أن أحكمت قوات الدعم السريع السيطرة على ولايات الإقليم الأربع.
ويقول خبراء عسكريون إن خسارة الجيش للفاشر ستكون له انعكاسات وخيمة، حيث أن المدينة تمثل أكبر مدن دارفور من حيث المساحة وعدد السكان.
وفي حال نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على المدينة فستتمكن من ضمان خطوط إمداد محصنة، وتأسيس مركز قيادة مفتوح المجال الجغرافي من الغرب، بما يفسح لها المجال لمهاجمة ولايات كردفان وتقوية دفاعاتها في ولاية الجزيرة (وسط السودان) لتهديد الشرق حيث تتمركز قيادة الجيش.