شرق السودان: انتشار السلاح ينذر بحرب قادمة في الشرق.!!
دبنقا: بلو نيوز الإخبارية-
أصدر المرصد السوداني للشفافية والسياسات في يونيو 2024 ورقة بعنوان (انتشار السلاح: نذر الحرب القادمة في شرق السودان) أشرف على إعدادها خالد محمد طه … استعرضت تاريخ الاضطرابات في إقليم شرق السودان والذي يضم ثلاث ولايات هي القضارف وكسلا والبحر الأحمر.
ركزت الورقة على استعراض النزاعات السابقة التي جاءت بسبب الاضطرابات السياسية والتهميش الاقتصادي الذي ظل يعاني منه إقليم شرق السودان لعقود من الزمان. وترى الورقة أن كل هذه النزاعات أوجدت معضلة أمنية خطيرة مثلت أزمة عابرة للحدود بين الولايات وللحدود مع دول الجوار أيضاً.
كما ترى الورقة أيضاً أنه وبالإضافة إلى أخطار حيازة الأسلحة النارية على السكان المدنيين الذين تتزايد أعدادهم بسبب النزوح نتيجة لحرب الخامس عشر من ابريل 2023م، فحجم انتشار السلاح في إقليم شرق السودان يهدد السلام والأمن الدوليين ويعيق التنمية المستدامة، كما ينذر بنشوء بؤر جديدة للنزاعات تهدد الاستقرار في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
استعرضت الورقة الأدوار التي لعبها إقليم شرق السودان في نزاعات القرن الأفريقي وتعقيداتها بما في ذلك الحروب الأهلية والانقسامات والانقلابات وهشاشة بنية الدول، وتعدد النزاعات بين الدول بسبب القضايا الحدودية، والنزاعات القومية والإثنية والدينية والاقتصادية والسياسية.
كل هذه المعطيات بحسب الورقة تجعل مآلات الأوضاع في شرق السودان مقلقة جداً في حال لم تكن هناك خطوات استباقية لتطويق هذه الأخطار، خاصةً وأن الإقليم ومنذ إنتهاء حرب بيروت في العام 1982م أصبح معبراً لعمليات نقل السلاح إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
معبراً مهماً:
موقع الإقليم الجغرافي بالإضافة للأدوار التي ظل يلعبها الإقليم جعلت من شرق السودان سوقاً ومعبراً مهماً لتجارة السلاح عقب اشتعال حرب 15 ابريل 2023م، حيث ظل يستقبل شحنات الأسلحة القادمة من الخارج، والمسربة من ولايات الجزيرة والخرطوم التي تدور فيها الحرب، إضافة لعمليات التسليح الرسمية المنظمة التي عرفت بالمقاومة الشعبية التي أطلقها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بهدف التجنيد دعماً للجيش في مواجهة الدعم السريع.
ضعف سيطرة الحكومة:
ضعف سيطرة الحكومة على طول الحدود البرية والسواحل وعدم قدرتها على الحصول على المعلومات بشأن معدلات العرض والطلب في سوق السلاح حدَّت من القدرة على تطويق تجارة السلاح. الأمر الذي حول الإقليم لمستودع كبير للسلاح، وأصبح قابلاً للإشتعال في أي لحظة.
أهداف الورقة وأهميتها:
هدفت الورقة إلى رصد مستويات انتشار السلاح في الإقليم، واستقراء مآل الأوضاع في ظل دخول كل هذا السلاح مما يهدد بتحويل النزاعات إلى نزاعات إثنية وقبائلية. كما هدفت أيضاً إلى قياس تداعيات الحرب على انتشار السلاح وعلى الأمن القومي السوداني وعلى دول الجوار وانعكاس ما يدور في هذه الدول على انتشار السلاح.
تناولت الورقة مشكلة إيجاد السبل لقطع الطريق أمام الحرب القادمة في الإقليم التي من المتوقع أن تمتد إلى كل منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، حيث ترى الورقة أنه يجب قطع حركة إمداد المنطقة بالسلاح في المقام الأول ومن ثم القيام بالترتيبات الأخرى.
تأتي أهمية الورقة من استنادها على إفادات ومنظورات المواطنين وقادة المجتمع في شرق السودان من خلال استبيان تم إجراءه في ولايات شرق السودان الثلاث وولاية نهر النيل، وتعذر اجراءه في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار نسبة للأوضاع الأمنية.
المحصلات:
توصلت الورقة من خلال نتائج الاستبيان الذي تم اجراءه أن من النتائج المباشرة لحرب 15 ابريل في السودان عودة نشاط التنظيمات المسلحة ونشوء تشكيلات جديدة. كما أصبح الإقليم قاعدة خلفية ومنطلق لبعض المنخرطين في الحرب، فقد قامت بعض التنظيمات المسلحة بعمليات تدريب لمنتسبيها في دولة اريتريا، حيث تحصلت الورقة على إفادة من أحد قادة تلك الفصائل المسلحة قال من خلالها “ إن التدريب خارج السودان يتم بعلم قيادة القوات المسلحة وبالتنسيق معها والغرض منه هو تلقي تدريب على مهارات قتالية عالية، وعمل نوعي، ويتم في مكان آمن وقريب من شرق السودان، والغرض الأساسي من التدريب والحشد هو حماية المدنيين”، وتمثل قائمة الجيوش والمليشيات التي جعلت شرق السودان منطلقاً لها مصادر للسلاح وسبباً من أسباب انتشاره وهي حسب ما ذكرت الورقة:
القوات المسلحة السودانية.
قوات الدعم السريع.
المستنفرين.
تشكيل أسود البطانة.
حركة جيش تحرير السودان/ التحالف السوداني.
تشكيل الأسود الحرة.
قوات مؤتمر البجا/ موسى محمد احمد.
قوات مؤتمر البجا/ الشيخ عمر محمد طاهر.
مؤتمر البجا الكفاح المسلح/ شيبة ضرار.
قوات الحركوة الوطنية للعدالة والتنمية/ محمد طاهر سليمان بيتاي.
قوات تحرير شرق السودان/ ابراهيم عبد الله ابراهيم دنيا.
الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة/ الأمين داوود.
حركة العدل والمساواة/ جبريل ابراهيم.
حركة جيش تحرير السودان/ مني اركو مناوي.
حركة جيش تحرير السودان/ مصطفى نصر الدين طمبور.
تشكيل الدفاع الشعبي/ منطقة الفشقة.
تشكيل شباب الهوسا.
تشكيل شباب البوادرة.
الأسواق:
تطرقت الورقة من خلال بحثها لأنواع الأسلحة المعروضة والمطلوبة في أسواق السلاح الريفية بشرق السودان ونهر النيل حيث وجدت أنه بعد كان الطلب على الأسلحة في السابق الانحصر في المسدسات التركية وبنادق الكلاشنكوف ولكن اضيف مؤخراً للقائمة بنادق G3 وقاذفات آر بي جي ورشاشات دكتربوف ودوشكا وقنابل يدوية متعددة الاستخدامات.
كما لاحظت الورقة أن الأسلحة التي دخلت السوق مؤخراً ليست أسلحة دفاعية وهي أسلحة باهظة الثمن ولا يبدو طرحها في السوق أمراً عادياً، فهي أسلحة شديدة الخطورة ويتطلب استخدامها والتعامل معها درجة عالية من المعرفة والتدريب. وبينت أيضاً المقابلات التي اجريت ظهور نشاط مجموعات يطلق عليهم (طفشجية) يعملون على إنتاج وتصنيع أسلحة مقلدة وتعديل وصيانة الأسلحة المعطلة تباع بأسعار ذهيدة.
وحول الأبعاد الإقليمية لانتشار السلاح في سوق وشمال السودان أشار التجاني الحاج عبد الرحمن وهو باحث وسياسي سوداني عمل مع منظمات المجتمع المدني في مجال بناء السلام بمنطقة القرن الأفريقي أن لكل من المجاورة للسودان مصالحها المباشرة في استقرار أو عدم استقرار شرق السودان.
خلصت الورقة إلى أن احتمالات وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان تتزايد في السودان نتيجة لانتشار الأسلحة، لذلك يجب على البلدان المصنعة والموردة للأسلحة اتباع سياسة تقييد وضبط لعمليات نقل الأسلحة برعاية وإشراف مباشرين من الأمم المتحدة. بالإضافة لحملات توعية واسعة بالمخاطر المتوقعة ومراجعة كل الاستثناءات الخاصة باستجلاب وحيازة السلاح.
من الضروري تبني طريق سياسي جديد لتنفيس الغضب التراكمي عبر معالجة القضايا والمطالب المزمنة المرتبطة بسلامة الإنسان والبيئة وبالوجود البشري نفسه، والسلام المجتعي والتعايش السلمي، وما يتعلق بملكية الأرض والسواحل وسبل إدارة الموارد.
في الختام قدمت الورقة توصيات وجهت من خلالها رسائل لطرفي الحرب طالبتهم باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكفالة حرية التنظيم والتعبير والتجمع، كما دعتهم للتفاوض بجدية وحسن نية والعمل على وقف الحرب. بالإضافة إلى تأسيس نظام مراقبة وحراسة للحدود البرية والبحرية كلٌّ في مناطق سيطرته.
كما دعت القوى السياسية السودانية للعمل الجاد لتجنب اندلاع حرب أهلية شاملة في السودان وبناء جبهة قوية للسلام تضع إقليم شرق السودان في صدارة أولوياتها لمنع وصل الحرب للإقليم.