الخلافات داخل المؤتمر الوطني «المحلول» هل تقود لإنشقاق جديد؟
بلو نيوز الإخبارية: وكالات-
طفت خلافات حزب المؤتمر الوطني المحلول، إلى السطح بعد أن ظلت لفترة طويلة مكتومة نيجة لسطرة شخصيات معينة بشؤون المحلول وانفرادها بالقرار داخل أروقة الحزب.
وأصدر مساعد رئيس الحزب إبراهيم محمود قراراً بتكليف شخصيات جديدة لقيادة الحزب المحلول في الفترة المقبلة عله يفلح في إيقاف حرب 15 أبريل 2023م، المدمرة والتي وخلفت أكبر عملية نزوح في العالم”. “بحسب الأمم المتحدة”.
وتحدثت مصادر إعلامية عن وجود انقسام داخل حزب المؤتمر الوطني المحلول، يقوده مساعد الرئيس السابق والمعزول ووزير الداخلية الأسبق إبراهيم محمود حامد، ونائب رئيس الجمهورية السابق الحاج آدم يوسف، وعبد الماجد عبد الحميد، ووزير الشباب والرياضة السابق حاج ماجد سوار، الذي كان يشرف على أمانة التعبئة السياسية في الحزب، وعبد القادر محمد زين المنسق العام للخدمة الإلزامية.
وشمل القرار كذلك تعيين أميرة كمال ممثلة لقطاع المرأة، وحافظ الجبوري ممثلًا لقطاع الطلاب، وعبد الباقي موسى ممثلًا لولاية الخرطوم، وسفيان حسن ممثلًا لقطاع الشباب، ود. مصطفى محمد نور يمثل قطاع العاملين، وحسن الحويج يمثل قطاع التنظيم، وفرح مطر تمثل القطاع الاجتماعي، وجمال الأمين هو مقرر القطاع.
وسمى القرار أعضاء الخبرة الذين هم: د. الدرديري محمد أحمد، عثمان قسم، علي محمود، عمار باشري، جهاد حمد، الطيب سوركتي، السلطان سعد بحرالدين، آدم الفكي الطيب، عبد القادر محمد زين، فرح مصطفى، عبد الماجد عبد الحميد، خميس كجو كندة، تجاني مصطفى، محمد طاهر أوشام، محمد عمر البدين، سامي عبد الله، حليمة حسب الله، بدور إبراهيم، نفيسة خليل، ورضا حسين.
تنصل السلطان:
فيما تنصل سلطان المساليت سعد بحر الدين من البيان وقال إن ما جاء فيه غير حقيقي، واتهم جهات لم يسميها بأن تريد البلبة في ظل الحرب التي أدت إلى مقتل وتشريد المساليت”.
وشغل خبر التعيينات الجديدة لقيادة الحزب المحلول مواقع التواصل الإجتماعي في الأيام الماضية دون أن تقوم الجهة التي أصدرت هذا القرار توضح للرأي العام”.
فرقعة إعلامية:
فيما أكدت مصادر داخل الحزب المحلول أن ما تم الترويج له لا يعدي فرقعة إعلامية تقوم بها جهات معينة، لتأكد أن هناك خلافات مكتومة داخل الحزب”.
وقالت المصادر إن الحزب في أفضل حالاته ويعمل مع القوات المسلحة في خندق واحد من أجل الانتصار على مليشيا الدعم السريع ويعيد المواطنين إلى منازلهم”.
صوت وصورة:
ويقول الأكاديمي والمفكر دكتور النور حمد، إن ما شغل المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية الإلكترونية حول الانشقاق داخل حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده الوزير السابق إبراهيم محمود ليس في وجهة نظري بذي اهمية.
مثل القرار الذي جرت نسبته للسيد إبراهيم محمود و كان ينبغي أن يصدر عبر مؤتمر صحفي (صوت وصورة) وليس عبر نصوص مكتوبة أو عبر تسريبات.
ويضيف حمد لـ”التغيير”: “صدوره بهذه الصور الغامضة المتخفية التي ظهر بها يجعله غير ذي قيمة، بل ربما جعل المرء يضعه في خانة الفرقعة الإعلامية أو بالونة الاختبار التي لا غرض لها سوى الإلهاء (مجرد علف للاستهلاك الآني).
المؤتمر الوطني، فيما ارى، غارق حتى أذنيه في جريرة هذه الحرب الكارثية اللعينة. جميع الإسلاميين؛ عسكريين ومدنيين كانوا يظنونها نزهة قصيرة يعودون بعدها إلى كراسي الحكم.
وتابع: “لو لم يكن إبراهيم محمود وإبراهيم غندور موافقين اصلا على قرار الحرب، لماذا لم يقولوا شيئا عن الإفطارات الرمضانية المتتالية التي قرعت طبول الحرب قبل اندلاعها ببضعة أسابيع؟ وإذا كان قرار الحرب هو سبب انشقاق مجموعة ابراهيم محمود المزعوم، لماذا عين ابراهيم محمود في مجموعته المنشقة المزعومة، الحاج آدم الذي كان من ضمن الذين قرعوا طبول الحرب في الإفطارات الرمضانية؟
حجز مقعد:
وأردف: “هذا في تقديري جزء من (الأعلاف) التي ينشرها المؤتمر الوطني ليقتاتها قليلي الإدراك من العوام المغيبين. ولو صح خبر الانشقاق فهو ليس سوى محاولة لحجز مقعد في المستقبل بإدعاء أن هناك فصيلا من المؤتمر الوطني لم يكن مع قرار الحرب، وهو ادعاء كاذب”.
وزاد: “من وجهة نظري، لا ينبغي قط أن يكون للإسلاميين وعسكرييهم مكانة في الفترة الانتقالية القادمة. بل يجب أن تحاكم قياداتهم العسكرية والمدنية وكذلك صحفيوهم الذين روجوا للحرب وأصروا على استمرارها، بوصفهم مجرمي حرب و ان توقع عليهم عقوبات رادعة ويمنعوا من ممارسة العمل السياسي بالمطلق”.
منح فرصة:
وشدد النور حمد، على ضرورة أنه لا ينبغي إطلاقا منح من أشعل الحرب وتسبب في هذا الدمار الشامل والمأساة الإنسانية التي فاقت كل تصور فرصة لممارسة السياسة من جديد.
وقال “لقد أشعلوا الحرب بظن أنهم سيكسبونها ويفرضون بها أنفسهم على الجميع. أما الآن وقد فشلت خطتهم، فشلا ذريعا، مخزيا، فليس أمامهم سوى أن يواصلوا فيها حتى يكسبوها تماما، أو يأتون إلى التفاوض بجناح مهيض مكسور، لتقوم فترة انتقالية يديرها المدنيون بلا وجود لأي عسكري فيها. عقب الفترة الانتقالية التي سوف تقتص من مجرميهم وفاسديهم وصحفيي الشر، يمكنهم أن يشكلوا من الأحزاب ما يشاءون وفقا لقواعد اللعبة الديمقراطية في دولة تخلصت تماما من سيطرتهم على المال والسلاح.
ويرى حمد أن كلفة هذه الحرب الكارثية للشعب والبلاد فوق ما يمكن احتماله. وقال “لكن لم تحدث الاختراقات التاريخية الكبيرة في كل بقاع الأرض، عبر التاريخ الطويل، إلا بعد الحروب الطواحن. فالعقل البشري والنفس الإنسانية لا زالا متخلفين، فهما لا زالا يتعلمان بالنغم أكثر مما يتعلمان بالنعم. سوف نخرج من هذه الكارثة، التي لازالت فصولها تتوالى أوضح رؤية، واكثر تقديرا للسلم، واكثر طاقة على البناء، وأكثر يقظة للمحافظة على الاستقرار”.
خلافات وتباينات:
وفي السياق يقول عضو تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” ماهر أبو الجوخ، لا اعتقد أن التوصيف الصحيح أن هناك إنقسام لأن إثبات هذا الأمر يتم من داخل المؤسسة نفسها ففي الانقسامات السابقة في الحزب المحلول في العام 2000م مع الراحل دكتور حسن الترابي أو في العام 2013م مع مجموعة الإصلاح الآن بقيادة الدكتور غازي العتباني، نجد أن تلك الانقسامات جاءت بعد إجراءات مباشرة إما بحل الأجهزة والمؤسسات وتكوين أجهزة حزبية موازية تنازعت الشرعية كما حدث في مفاصلة القصر والمنشية في العام 2000م أو إجراء تنظيمي بإصدار قرارات الفصل في العام 2013م لمجموعة الإصلاح الآن وبالتالي ما يحدث الأن لم يصل لمرحلة الإنشقاق ولكن يمكن وصفه بأنه مؤشر على وجود خلافات وتباينات قد تفضي في حال تطورها لحدوث انقسام وهذا في تقديري يعني أن الإنقسام لم يحدث بعد.
ويضيف أبو الجوخ في مقابلة مع (التغيير)، بالعودة لهذين الانقسامين نجد أن مذكرة العشرة في أواخر 1998م مؤتمر الحركة الإسلامية وإنقلاب 2012م الشهير بإنقلاب العميد محمد إبراهيم “ود إبراهيم” المتزامن مع مؤتمر الحركة الإسلامية لم يكونا هما الإنقسام ولكنهما أخرجا التباينات والصراعات للعلن قبل تفجرها بشكل العلني والنهائي كما حدث في العام 2000م بتكوين المؤتمر الشعبي بقيادة دكتور الترابي و2013م بالإعلان عن حركة الإصلاح الآن بقيادة الدكتور غازي العتباني.
خلافات عميقة:
وأوضح ماهر، أن هناك مؤشرات تظهر وجود خلافات عميقة وحقيقية في المستوى القيادي للحزب المحلول وهذا يظهر في الإعلان عن أسماء قيادات القطاع السياسي على خلاف المعتاد منذ إسقاط نظامهم في أبريل 2019م مع خلو تلك القائمة من أسماء معروفة ومعلومة من غير المطلوبين للمحاكم الدولية أو المحلية وهو ما يشير لوجود أمر غير طبيعي مصاحب لهذا الإجراء كعدم الاتفاق على هذه التشكيلة ومحاولة فرضها كأمر واقع بإعلانها، ومن الممكن تدارك هذا الخلاف ونزع فتيله لكن يبقي مؤشر على وجود أوضاع غير طبيعية داخل أسوار الحزب المحلول.
حدوث انقسام:
ولفت ماهر إلى أنه من المؤكد أن تفاقم هذه الخلافات واستمرارها تحت الرماد لفترة من الزمن في حالة تجاوز الأزمة الحالية بأي شكل من الأشكال سيفضي لحدوث انقسام بين تلك المجموعات المتباينة وهى حتى اللحظة غير معروفة العدد أو التصنيف من يقود أو يصطف في أي تيار وضد وما هي القضايا الخلافية”.
واستدرك قائلاً: “لكن حسب قناعتي ومتابعتي لتجربة الإسلاميين في الخلاف والحكم عموماً فأعتقد أن طبيعة التنظيم غير الديمقراطية على مستوى الأفكار تجعل أي خلافات تبرز حتى إذا تراجعت حدتها تظل كامنة في إنتظار اللحظة المناسبة للاشتعال والانفجار وهذا ما حدث في الانقسامات التي شهدها الحزب المحلول منذ تسعينات القرن الماضي الطبيعة الأيديولوجية في التنظيم الذي ينظر للخلاف باعتباره منقصة بوصفه “تمرد وشق عصا الطاعة” وعدم إعتباره هذا التباين مصدر إثراء وقوة بتعدد الآراء”.
وتابع: “أما على مستوى الأفكار فهو يتأسس على موقف ثابت رافض لأي توجه ديمقراطي ولذلك انفجار أي خلاف وسط هذه المجموعة لن يكون في صالح إنهاء الحرب أو تحقيق الانتقال الديمقراطي أو لنقد تجربة الماضي وإنما لصالح تعزيز دور هذا الحزب والمحلول وعناصره في إستخدام الحرب بهدف عودتهم للسلطة واستمرار تقويضها للإنتقال المدني الديمقراطي والحكم المدني”.
الفكر الأيديولوجي:
وقال ماهر أبو الجوخ، تبدو أزمة مجموعات وتيارات كثيرة جداً داخل الحزب المحلول بل وسط مجموعات إسلامية أخرى مرتبطة بفكر الإسلام المدرسي الأيديولوجي الحركي –في ما عدا فئة قليلة- هو عدم قدرتهم على إحداث قطيعة حقيقة بين الماضي وحصيلته والندم على ما فات وتحمل المسؤولية الاخلاقية قبل القانونية عليها وإحداث قطيعة كاملة مع الماضي وممارستها وعلى رأسها ملازمة ممارسة العمل السياسي بإستخدام العنف بجانب الرفض المطلق للحكم المدني الديمقراطي، ولعل هذا ما يفسر إختيار كثير منهم في مواضع كثيرة لخيار الإصطفاف مع المتوافقين معهم فكرياً بغض النظر عن الخلاف السياسي والتنظيمي السابق وهذا شهدناه حتى من إسلاميين قدموا نفسهم كجزء من ثورة ديسمبر المجيدة قبل أن يختاروا لاحقاً الانخراط بكل همة في جهود تقويض الانتقال الديمقراطي والمشاركة في إنقلاب أكتوبر 2021م و تأطير وتقنين شمولية ما بعد الإنقلاب وأخيراً الانخراط في حرب أبريل 2023م.
استيعاب الأزمة:
وخلص عضو تقدم إلى أن المجموعات الموجودة في الحزب المحلول في حالتي اتفاق أو حتى إختلاف الموجودين داخله يمثلون غلاة أهل ذلك المنهج المكابر والرافض للإقرار بالأخطاء والتجاوزات لكونهم غير قادرين حتى هذه اللحظة على إستيعاب أن أزمتهم الحقيقية ليست مع القوى السياسية والمدنية أو حتى مع الدعم السريع الذي صنعوه بيدهم ومدحوه بأضعاف مضاعفة أكثر من نقدهم الراهن للقوى السياسية والمدنية بعد حرب أبريل 2023م، وإنما أزمتهم الحقيقية أعمق من ذلك فهي مع الشعب السوداني والذي عُبر عنه فعلياً وعملياً بانتزاع السلطة منهم عبر ثورة شعبية تراكمت وصمدت وإنتصرت، وقال لذلك هم يعلمون علم اليقين أن فرصتهم للحكم مجدداً غير واردة أو ممكنة إلا بالقوة الخشنة المستبدة وهو ما دفعهم لإشعال هذه الحرب على أمل تحقيق إنتصار يمكنهم من العودة للحكم بفوهة البنادق والدبابات.
مراجعات محدودة:
وبدوره يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الجميل الفاضل أن تراجع موقف الجيش على الأرض، مع تنامي الضغوط الدولية، وفرض ما يشبه الحصار الدبلوماسي على حكومة الأمر الواقع، فضلا عن انحسار شعبية الحرب بعد دخولھا العام الثاني مع اتساع نسبي متدرج لجبھة رفض إستمرار الحرب”.
ويقول الفاضل في مقابلة مع (التغيير)، “كل ھذه العوامل مجتمعة أدت لمراجعات وإن جاءت محدودة داخل صف الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وتبع ذلك صدور انتقادات علنية من إسلاميين بارزين لفكرة المضي في الحرب دون وجود بوادر انتصار محتملة.
ويضيف: “الاسلاميون يواجھون أمرين احلاھما مر في النھاية، أمر الاستمرار في حرب ربما تقود التيار إلى ھزيمة ساحقة بعد انھيار الجيش المترنح”.
أو القبول بمبدأ التفاوض الذي يخرجھم عن معادلات مرحلة ما بعد الحرب، ومواجھة شبح المساءلة والمحاسبة عن الحرب.
مع الذھاب في إجراءات أكثر صرامة تسعى لتفكيك بنية نظامھم وشبكاته وواجھاته التي اھترأت بفعل الحرب”.
نقلا عن صحيفة التغيير.