نذر المجاعة تلوح في نهر النيل: الغلاء يشتد والحرب تعصف بموسم الزراعة

وكالات – بلو نيوز الإخبارية
دخلت ولاية نهر النيل مرحلة حرجة من الانهيار الاقتصادي والمعيشي مع استمرار الحرب الطاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث أدت الهجمات المتكررة بالطائرات المسيّرة على البنية التحتية ومحطات الكهرباء ومستودعات الوقود إلى انفلات غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات، مما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة.
ارتفاع جنوني في أسعار الوقود والسلع الأساسية
في مشهد يعكس عمق الأزمة، قفز سعر لتر البنزين من 2,800 جنيه إلى 4,000 جنيه، بينما بلغ سعر برميل الجازولين في السوق السوداء 700 ألف جنيه. محطات الوقود غصّت بالطوابير وسط شح حاد، ما ينذر بتوقف واسع للأنشطة الزراعية والتجارية.
وشهدت الأسواق كذلك ارتفاعاً حاداً في أسعار الزيوت، حيث وصلت جركانة زيت الفول إلى 160 ألف جنيه، فيما بلغ سعر لتر زيت التحمير 8 آلاف جنيه. أما القمح، فقد تضاعف سعر الأردب ليبلغ نصف مليار جنيه، في عزّ الموسم الزراعي، ما وصفه مواطنون بأنه مؤشر خطير لاحتمال حدوث مجاعة.
المزارعون يصرخون: “الحرب قضت على كل شيء”
من أبو حمد، أطلق المزارع أحمد السميد صرخة استغاثة قائلاً: “خسرنا البرتقال والخضروات والعلف، وكل ما زرعناه سقط يابساً.. الحرب لازم تقيف.” وأوضح أن انقطاع الكهرباء لمدة أسبوعين تسبب في خسائر بمليارات الجنيهات نتيجة عطش المحاصيل وتلفها.
وفي السياق ذاته، أكد مزارعون آخرون أن التيار الكهربائي، وإن عاد، فإنه متذبذب، ما أدى إلى احتراق مضخات الري وعودة الاعتماد على مولدات الجازولين التي أصبحت تكلفتها تعجيزية. وأفاد بعضهم بأن تكلفة تركيب الطاقة الشمسية لري الحواشات الصغيرة تجاوزت 6 مليارات جنيه، وهو مبلغ خارج قدرة غالبية المزارعين.
منظومة زراعية تتهاوى وغياب حكومي مريب
الهجمات المتكررة التي طالت محطات كهرباء مروي ومحاولات بربر، إضافة إلى القصف الذي استهدف بورتسودان وكسلا وعطبرة، لم تُحدث فقط أزمات في الكهرباء والوقود، بل أدت إلى شلل تام في وقاية النباتات، ما سمح للطيور والفئران بتدمير محاصيل القمح والذرة دون مقاومة تُذكر من الجهات المختصة.
وقال توفيق محمد ختم الدين، أحد المواطنين بنهر النيل، إن فشل الموسم الزراعي وغلاء القمح جعلا من سعر الجوال البالغ 250 ألف جنيه عتبة المجاعة، قائلاً: “الناس ما حتقدر تشتريه.. والمسألة أكبر من ارتفاع أسعار، نحن بنتكلم عن مجاعة قادمة.”
في ظل الانفلات الأمني وانهيار الخدمات وتغوّل الغلاء، أصبحت حياة المواطنين في نهر النيل على شفا كارثة، وبينما ترتفع صيحات المزارعين والمواطنين المنهكين مطالبةً بإيقاف الحرب، تظلّ المجاعة تطرق الأبواب بصمت قاتل، وأمل النجاة الوحيد: “أن تضع الحرب أوزارها قبل أن تحصد ما تبقى من البلاد.”