تقرير البنك الأفريقي للتنمية: فساد اقتصادي وهشاشة مالية تهدد مستقبل السودان بعد الحرب

67
البنك الافريقي

متابعات – بلو نيوز الاخبارية

كشف التقرير السنوي للبنك الأفريقي للتنمية عن السودان الصادر يوم 23 يونيو 2025، عن أرقام مخيفة تكشف حجم التدهور الاقتصادي والمالي الذي يعانيه السودان، جراء الحرب والتشوهات الاقتصادية المزمنة التي رافقتها على مدى سنوات طويلة.

وأشار التقرير، الذي جاء في 33 صفحة، إلى أن الحرب على الرغم من آثارها المدمرة، ليست سوى جزء من الأزمة، فالمشكلة الأكبر تكمن في الإدارة العشوائية للاقتصاد، والفساد الإداري والمالي، وانعدام الشفافية، وغياب التخطيط الاستراتيجي. وبلغت الخسائر السنوية التي يتسبب فيها الفساد والتعدي على المال العام والتهرب الضريبي أكثر من خمسة مليارات دولار سنويًا، وفق التقرير.

ورغم أن السودان يمتلك ثروات طبيعية متجددة وإمكانات كبيرة لرأس المال، إلا أن ترتيب السودان في مؤشر التنمية البشرية كان منخفضًا جدًا في 2023، حيث احتل المركز 45 من بين 54 دولة أفريقية، مقارنة بمراكز أفضل لدول مجاورة مثل إثيوبيا (21) وكينيا (12) ورواندا (10) ويوغندا (28).

وأشار التقرير إلى ضعف بيئة الاستثمار والنظام المالي والمصرفي، ما حال دون تدفق الاستثمارات الأجنبية التي انخفضت من 1,06 مليار دولار في 2016 إلى 573,5 مليون دولار في 2022، نتيجة السياسات غير المستقرة والحرب المستمرة. كما كشف التقرير عن الاختلالات الهيكلية للاقتصاد السوداني التي زادت من هشاشته، بما في ذلك ضعف الإيرادات الحكومية المحلية، انخفاض القيمة المضافة للمنتجات الوطنية، ودين خارجي ثقيل يصل إلى 56 مليار دولار، مع تراكم مستحقات تشكل 80% منه.

ورغم جهود السودان السابقة للحصول على إعفاء من الديون الخارجية عبر مبادرة الهيبيك لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أوقف تغيير 25 أكتوبر 2023 برنامج التعاون مع السودان، مما أرجأ تنفيذ خطة خفض الدين الخارجي الذي كان يمكن أن ينخفض للنصف، وأدى إلى تحويل القروض الميسرة المخصصة للسودان لدولة أفريقية أخرى.

وأشار التقرير إلى أن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الحرب بلغت 125 مليار دولار سنويًا خلال السنوات الأولى للحرب، بينما انكمش الناتج المحلي الإجمالي بمعدلات تاريخية بلغت -37% في 2023 و-12% في 2024، مع تزايد عجز الحساب الجاري وتراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى يعادل شهر واحد من الواردات مقارنة بـ 2,7 شهر في 2022.

كما كشف التقرير عن تراجع الإيرادات الضريبية لتصل إلى 3,3% من الناتج القومي في 2023 مقارنة بـ 10% في 2014، ما يضع السودان في وضع اقتصادي أضعف من معظم الدول الأفريقية المجاورة. وتأثرت اقتصادات الدول المجاورة أيضًا، حيث شهد جنوب السودان انكماشًا اقتصاديًا بنسبة -27% في 2024 بسبب توقف تصدير البترول عبر السودان، ما أدى إلى أزمة مالية حادة وأجبر الحكومة على تأجيل دفع رواتب القطاع العام لأكثر من عام.

وبحسب خبراء البنك، فإن وقف الحرب يمثل شرطًا أساسيًا لتعافي الاقتصاد. حتى مع افتراض انتهاء الحرب في 2025، من المتوقع استمرار انكماش الاقتصاد بنسبة 6%-، مع بدء نمو بطيء قدره 1,3% في 2026، مصحوبًا بارتفاع معدلات التضخم وتزايد عجز الميزانية بسبب تكاليف إعادة الإعمار. وأوضح البنك أن إعادة بناء البنية الاقتصادية بعد الحرب تتطلب تمويلًا إضافيًا يصل إلى 24,3 مليار دولار سنويًا حتى عام 2030، في ظل ضعف قدرة الدولة على الاقتراض وارتفاع الدين الخارجي.

ويقدم هذا التقرير صورة قاتمة عن مستقبل السودان الاقتصادي، مؤكدًا أن تجاوز آثار الحرب لن يكون ممكنًا دون إصلاحات هيكلية جذرية، وضبط الفساد، وتفعيل الشفافية والإدارة الرشيدة للموارد، لضمان أن يعود السودان إلى مسار التنمية المستدامة ويستعيد دوره الإقليمي والدولي.

About The Author

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com