د. احمد التيجاني: الخطاب التأسيسي للتعايشي .. بين الشرعية الدستورية والرهان السياسي!!

14
احمد التجاني

د. احمد التيجاني سيد احمد

في خضم الحرب بين **جيش البرهان وميليشياته** و**وقوات تحالف التأسيس**، ومع عجز الحكومة الانقلابية التي يقودها كمال إدريس عن إيجاد شرعية شعبية أو تمويل حقيقي، جاء خطاب رئيس الوزراء محمد حسن التعايشي ليطرح نفسه كخيار ثالث: مشروع تأسيسي بديل، لا يُعيد إنتاج دولة الإسلاميين ولا دولة العسكر، بل يسعى إلى بناء **دولة مدنية لا مركزية**، دستورية وعادلة.

### المرتكزات الدستورية
– **اللامركزية** عبر تقسيم السودان إلى ثمانية أقاليم، لكل إقليم حاكم منتخب ومؤسسات محلية قوية.
– **جيش تأسيس وطني واحد** ينهي الجيوش الموازية ويضمن حياد المؤسسة العسكرية.
– **المواطنة كأساس للحقوق**، بدلًا من الهوية الأحادية التي حكمت السودان لعقود.
– **العدالة الانتقالية** والقصاص للضحايا كشرط لتحقيق سلام حقيقي.
– **السيادة الدولية** عبر شراكة متوازنة مع العالم، لا وصاية ولا تبعية.

### البعد السياسي والخدمي
لم يقتصر الخطاب على القضايا الدستورية والسياسية، بل ركّز كذلك على **توفير الأمن والخدمات والتنمية** كشرط لنجاح أي حكومة. فقد أكد التعايشي أن السلام الحقيقي لا يُقاس فقط بوقف الحرب، بل بقدرة الدولة على حماية المواطن وتوفير التعليم والصحة والمياه والكهرباء، إلى جانب مشاريع تنمية متوازنة في القطاع الزراعي والثروات الطبيعية والمعدنية تعيد بناء ما دمرته الحرب وتمنح الأمل للشباب والنساء في جميع الأقاليم.
كما أوضح أن الأمن لا ينفصل عن الخدمات، وأن التنمية هي الحصن الحقيقي لوحدة السودان واستقراره.

### نقاط القوة
– وضوح الإطار الدستوري (٨ أقاليم + جيش موحّد).
– لغة جامعة غير انتقامية.
– تجاوز الخطاب للهويات الضيقة، وفتح أفق لمشروع وطني جديد.

 

### الخلاصة والنداء
الخطاب التأسيسي للتعايشي ليس مجرد بيان حكومي، بل **إعلان سياسي ودستوري** يؤكد أن السودان يستحق مشروعًا جامعًا يتجاوز ثنائية العسكر والإسلاميين. غير أن نجاح هذا المشروع يتوقف على قدرته في كسب ثقة الداخل، ومعالجة مسألة توحيد قوات التأسيس، وبناء مؤسسات خدمية وتنموية جاذبة، إضافة إلى إقناع المجتمع الدولي بجدواه.

وهنا يظل النداء واضحًا:
إن مستقبل السودان لن يُبنى إلا بوعي الشعب، بمقاومة الانقسامات المفتعلة، وبالمشاركة الفاعلة في مشروع يفتح باب السلام والوحدة على أسس العدالة والمواطنة والتنمية. إنها لحظة تاريخية، إما أن نغتنمها، أو نترك الوطن نهبًا لمعارك لا تنتهي.

### الهوامش:
١. **الميثاق التأسيسي لتحالف السودان** – وثيقة سياسية موقعة في مارس ٢٠٢٥، حدّدت مبادئ الدولة الجديدة: المواطنة، العدالة، واللامركزية.
٢. **الدستور التأسيسي ٢٠٢٥** – نصّ على تقسيم السودان إلى ثمانية أقاليم، وتوحيد الجيش تحت قيادة مهنية، وإقرار العدالة الانتقالية كشرط للسلام.

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
عضو مؤسس في تحالف تأسيس
٦ سبتمبر ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا

 

About The Author

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com