عبدالرحمن العاجب: تحالف القوى المدنية المتحدة “قمم” .. هل سيفلح المولود الجديد في تجاوز النادي السياسي القديم؟.
تحالف القوى المدنية المتحدة “قمم” .. هل سيفلح المولود الجديد في تجاوز النادي السياسي القديم؟
بلو نيوز الإخبارية: مسارات.
كمبالا – عبدالرحمن العاجب
في الوقت الذي تجاوزت فيه حرب أبريل المدمرة شهرها السابع عشر، ولا زالت الة الحرب العبثية تحصد الأرواح وتدمر البنية التحتية، شهدت العاصمة الأوغندية كمبالا ميلاد تحالف سياسي جديد يحمل إسم تحالف القوى المدنية المتحدة، ويضم التحالف (68) جسم توافقت جميعها على برنامج حد أدنى، ويترأس التحالف الجديد القيادي بمجلس الصحوة الثوري هرون مديخير، بينما يشغل الدكتور إبراهيم موسى زريبة منصب الأمين العام للتحالف، والذي بدوره أعلن في مؤتمر صحفي في فندق (قولف كورس) بالعاصمة الأوغندية كمبالا ميلاد التحالف الجديد وطرح برنامجه السياسي.
وتتمثل أهداف التحالف الجديد في وقف الحرب وبناء السلام ووضع مرتكزات بناء الدولة في فترة انتقالية واضحة الاهداف تفضي الى تحول ديمقراطي كامل، فضلاً عن تأسيس الدولة السودانية الجديدة القائمة على مرتكزات (البناء – العدالة -الديمقراطية) في السودان الموحد أرضا وشعبا، وفقا لنظام حكم فدرالي مدني تقف فيه الدولة على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات.
وبالنسبة للتحالف الجديد فان مفهوم التأسيس واعادة البناء سيطال كل مؤسسات الدولة ونظمها الادارية والقانونية بما يضمن الكفاءة والمهنية والقومية وعدالة توزيع الفرص بين السودانيين، بجانب تأسيس جيش واحد مهني قومي ينأى عن السياسة والانحيازات الجهوية العرقية، ويجب أن تعكس المؤسسة العسكرية في تكوينها تنوع أهل السودان بثقافاتهم وسحناتهم.
ويهدف التحالف الجديد إلى اتباع سياسة خارجية متوازنة تلبي مصالح الشعب وتحقق السلم والتعاون الاقليمي والدولي، فضلاً عن اعادة اعمار ما دمرته الحرب وبناء اقتصاد وطني كفؤ، وتنمية وتطوير الريف، وازالة افرازات الحرب بدعم برنامج متكامل للنازحين واللاجئين يشمل العودة الطوعية والتوطين واعادة التوطين.
وأعلن التحالف الجديد تمسكه بالعدالة الانتقالية والمحاسبة على كل الجرائم والانتهاكات المرتكبة في السودان منذ الثلاثين من يونيو 1989 بما في ذلك تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب ما أفاد زريبة فإن حرب الخامس عشر من أبريل 2023 تشكل منعطفا خطيرا في تاريخ السودان منذ خروج المستعمر، اذ تجسد الفشل المتراكم للأنظمة والحكومات المتعاقبة التي لم توظف الموارد البشرية والمادية الهائلة بشكل عادل ومنصف مما ولد أزمة مركبة (سياسية، اقتصادية، اجتماعية، وأمنية، وثقافية) أدت الى اندلاع الحروب الأهلية والمناطقية التي تسببت في اهدار مقدرات السودان.
وبالنسبة للدكتور زريبة فإن الشعب السوداني استبشر خيرا باقتلاع نظام الانقاذ – الحقبة الأسوأ في تاريخ السودان- بواسطة ثورة ديسمبر المجيدة، وأخذت قوى الثورة الحية تتلمس طريقها نحو تأسيس وطن يسع الجميع تتحقق فية الدولة المدنية الديمقراطية، الا أن ذات القوى التي اقعدت البلاد لما يقارب السبعة عقود تصدت لذلك التطور واجهضت أحلام الشعب السوداني بتأسيس دولته المنشودة فقطعت عليه الطريق باشعال حرب الخامس عشر من أبريل.
ونتج عن هذه الحرب أسوأ كارثة شهدتها الانسانية والعالم المعاصر فشردت الشعب السوداني وادت الى انهيار خدمي ودستوري كامل بالبلاد، وان الأوضاع التي يعيشها الوطن والمواطنون السودانيون اليوم تتطلب مضافرة الجهود لاخراج البلاد من الأزمة الحالية وانهاء الحرب وبناء السلام الشامل المستدام.
ووصف زريبة الواقع الذي تشهده البلاد بالمأزوم وهو الأمر الذي دفعهم للتوافق والتواثق في تحالف القوى المدنية المتحدة، وهو تحالف عريض يضم كتل سياسية قوامها القوى القاعدية المجتمعية الحية والفاعلين من الفئات الشبابية ولجان المقاومة والقطاعات النسوية، وحركات كفاح مسلح موقعة على اتفاقيات سلام ورموز وقيادات مجتمعية وديني قوامها (68) تنظيما، وأكد زريبة أن التحالف مفتوح لجميع السودانيين وتنظيماتهم لتحقيق أكبر توافق واجماع شعبي للتصدي لقضايا الوطن واعادة تأسيسه من جديد.
وأفاد الأمين العام للتحالف الجديد إن القوى المدنية المتحدة داعمة ومكملة لكل المبادرات المطروحة لانهاء الحرب والمحافظة على وحدة السودان أرضا وشعبا، ودعا كافة القوى السياسية والمجتمعية الثورية للتوافق والتعاون لانجاز وحل القضايا السودانية الكبرى واطلاق الحوار ونبذ العنف والتطرف وخطاب الكراهية، والالتزام بمبدأ العمل السياسي السلمي، والاعتماد على الحراك الجماهيري وتنظيمه، والاعلام الخالي من خطاب الكراهية والاستقطاب الاجتماعي واعتماد التفاوض والحوار في عمله، موضحاً إن تلك هي وسائلهم للعمل على تحقيق أهدافهم المعلنة.
وناشد تحالف القوى المدنية المتحدة الجيش والدعم السريع للاستجابة لدعوات الأسرة الدولية للتفاوض من أجل وقف نزيف الدم، والوصول الى اتفاق وقف اطلاق نار يحمي المدنيين والعون الانساني ويكون هذا الاتفاق حجر أساس لمباحثات سياسية لا تستثني أحدا سوى المؤتمر الوطني وواجهاته السياسية.
كما ناشد التحالف طرفي الحرب بتخفيف معاناة المواطنين في أماكن سيطرتهم بالسماح بمرور الغذاء والدواء دون أي قيود أو شروط، وأدان التحالف أي محاولة لاستخدام الغذاء كسلاح لأن ذلك يشكل جريمة حرب، وناشد طرفي الحرب بالتخفيف من معاناة الأسرى ومعاملتهم وفق المواثيق والعهود الدولية المعنية، وطالب الطرفين باطلاق سراح جميع الأسرى ولا سيما المصابين والمرضى وكبار السن.
وثمن التحالف الاستجابة المتكررة لقيادة الدعم السريع لكل الدعوات المقدمة من الأسرة الدولية من أجل السلام، ودعا تحالف القوى المدنية المتحدة الاسرة الدولية لتوحيد المنابر والمبادرات لحل القضية السودانية.
ويرى التحالف إن حرب الخامس عشر من أبريل افرزت انقسام اجتماعي حاد وفاقمت من حالة التشظي السياسي، وهو الأمر الذي لمطالبة جميع السودانيين بمختلف مكوناتهم السياسية والمدنية والاجتماعية التوحد والعمل بمسئولية تجاه الوطن لحماية البلاد من الانهيار، ودعم العملية السلمية وحشد الموارد من أجل السودان.
وأكد التحالف الجديد ان الوطن الذي يسعى لبناءه هو وطن خالي من أمراض العنصرية وخطاب الكراهية تتحقق فيه دولة السيادة و دولة القانون، مؤكداً
ان الحوار الوطني الشامل هو أنجع وسيلة للوصول لحل سياسي، مبينا ان ذلك الحوار سيفضي الى انتقال سلمي مدني ديمقراطي.
وأدان التحالف بشدة الاستهداف الانتقائي للمجتمعات الآمنة في المدن والأرياف البعيدة بالطيران العسكري وقتل الابرياء والأنعام وتدمير المستشفيات ومحطات الكهراباء وموارد المياه ومساكن المواطنيين بشكل انتقائي ينم عن استهداف عنصري جهوي غير مسبوق في تاريخ السودان، كما أدان اتلاف البيئة.
وفيما يبدو ان تحالف القوى المدنية المتحدة (قمم) نظريا طرح أفكار سياسية كبيرة وعظيمة في حال تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع فإنها بالتأكيد ستقود المولود الجديد إلى تجاوز النادي السياسي القديم.