إبراهيم مخير: صراع حيتان الفساد داخل سلطة بورتسودان وراء قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات وليس القصف الجوي!

17
الدكتور ابراهيم مخير

الدكتور ابراهيم مخير، عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع.

صراع حيتان الفساد داخل سلطة بورتسودان وراء قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات وليس القصف الجوي

بقلم المستشار الدكتور إبراهيم مخير

 

لا شك أن استنتاج جبريل لا يستند إلى أسس قانونية أو دبلوماسية عندما زعم أن “قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني قطع العلاقات الاقتصادية بين البلدين”.

الحقيقة أن هذا القرار، وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961)، يؤدي إلى وقف التمثيل الدبلوماسي الرسمي، مما يشمل إغلاق السفارات واستدعاء السفراء، وغالبًا ما يمتد تأثيره إلى العلاقات الاقتصادية والعسكرية والتجارية، بالإضافة إلى وقف التنسيق في الجوانب الأخرى مثل التبادل الثقافي والأكاديمي والصحي وغير ذلك.

ويُعتبر قطع العلاقات الدبلوماسية إجراءً أحادي الجانب تتخذه الدولة بإرادتها المنفردة دون الحاجة إلى موافقة الدولة الأخرى، وفقًا للأعراف الدولية ومبادئ القانون الدولي العام.

ورغم أن مصالح المواطنين المرتبطة بالسفارة الإماراتية لن تتأثر مباشرة، إذ يُعهد عادةً إلى دولة صديقة برعاية مصالح الدولة المتضررة من القرار بموجب المادة 45 من اتفاقية فيينا (1961)، فإن من الواضح أن العديد من الشركات التجارية ستضطر إلى إغلاق أبوابها.

وبما أن معظم الشركات السودانية العاملة في الإمارات تتبع في الأصل “للكيزان”، فإن إغلاق السفارة سيُحدث آثارًا كارثية على رجالات النظام في بورتسودان.

من الواضح أن قطع العلاقات الدبلوماسية لن يوقف الهجمات الصاروخية أو الطائرات المسيرة عن الوصول إلى أهدافها، بل قد يزيد من اشتعالها، خاصة أن القانون الدولي لا يربط بين قطع العلاقات الدبلوماسية ووقف الأعمال العسكرية.

فما الذي يدفع البرهان لتبني قرار انتحاري كهذا؟

إذا تأملنا تصريح وزير المالية جبريل، نجد أنه في الواقع يدافع عن استثماراته الشخصية التي تضخمت في زمن وجيز خلال الحرب خاصة في قطاع المعادن، وعلى رأسها الذهب الذي جلب له ثروة ضخمة ليصبح من اهم اثرياء الحرب في أفريقيا اليوم . هذه الاستثمارات يسعى “الصقور” من الحركة الإسلامية من الشماليين لانتزاعها منه بأي ثمن، بعد أن استنزفت قواته تمامًا، وبات سقوط آخر رمز لوجود الحركات المتحالفة مع البرهان، مدينة الفاشر، أمرًا شبه مؤكد.

وتشارك الإمارات جبريل في رؤيته بشأن استمرارية المصالح الاقتصادية، سواء في الذهب أو الملايين من الأفدنة التي تمتلكها، كما أشار الوزير. فلا توجد دولة عاقلة تتخلى عن استثماراتها في بلد واعد مثل السودان، خاصة بعد أن بنت علاقاتها عبر جهود استمرت أكثر من خمسين عامًا، كما أوضح بيان الإمارات. لكن الإمارات تختلف عن جبريل في تبنيها موقفًا سياسيًا متوازنًا يهدف إلى تحقيق السلام وضمان وحدة السودان، إذ إن مصالحها الاقتصادية تكون مضمونة بقوة في ظل دولة سودانية مستقرة، وليس نظامًا متهالكًا متذبذب المواقف.تشير الأنباء إلى أن جبريل قد يغادر قريبًا، ربما قبل انتهاء العمر الافتراضي لسلطة البرهان.

لكن مطامع جبريل قد الي حتفه والمقابل ان تجبره إلى استسلام تكتيكي للمعسكر الآخر قبل سقوط “دولة الكيزان” على رأسه.

ومع ذلك، من غير المرجح أن يسمح الإسلاميون له بهذا الانسحاب التكتيكي دون معركة مسلحة دموية، بدأت بوادرها تظهر عبر تكتل الأبواق الإعلامية ضد وزير المالية وأنصاره –  فالعنف اللفظي غالبًا ما يعقبه عنف جسدي يتجسد في استخدام السلاح ضد الحركات المسلحة.

إن المنطق والتجارب البشرية والنواميس الإلهية جميعها تتنبأ بانتصار الحق على الباطل، لكن ذلك لن يتحقق دون تضحيات جسام. والشعب السوداني قد قدم من التضحيات ما يكفي، وحان الوقت لينتهي هذا الصراع.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *