مالي: القاعدة تسيطر على ثكنة عسكرية .. وعشرات القتلى من الجيش و”فاغنر” في هجمات دامية

وكالات – بلو نيوز الاخبارية
في تطور خطير يعكس تصاعدًا غير مسبوق في الهجمات المسلحة، سيطرت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة على قاعدة عسكرية استراتيجية في وسط مالي، وأوقعت عشرات القتلى من عناصر الجيش المالي ومقاتلي مجموعة “فاغنر” الروسية، في سلسلة من الهجمات الدامية التي هزت البلاد يومي الأحد والاثنين.
هجوم منسق يضرب تمبكتو التاريخية
فجر الاثنين، تحولت مدينة تمبكتو، إحدى أبرز رموز التاريخ والثقافة في غرب أفريقيا، إلى ساحة قتال شرس، بعد أن استهدف هجوم منسق معسكر الجيش ومطار المدينة بقذائف مدفعية وهجمات انتحارية.
وقال شهود عيان إن مركبة مفخخة انفجرت قرب الثكنة العسكرية، تبعها إطلاق نار كثيف واشتباكات عنيفة استمرت لساعات، وسط حالة ذعر انتابت السكان المدنيين، في حين انتشر المسلحون في شوارع المدينة.
قتلى ومفقودون في صفوف الجيش
وجاء الهجوم على تمبكتو بعد 24 ساعة فقط من مجزرة مروعة في معسكر بولكيسي وسط البلاد، خلّفت ما لا يقل عن 30 قتيلًا في صفوف الجيش المالي، وفق مصادر أمنية، وسط مخاوف من ارتفاع عدد القتلى إلى 60 مع استمرار البحث عن مفقودين.
وأعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين مسؤوليتها عن الهجوم، مؤكدة سيطرتها على القاعدة العسكرية بالكامل، واستحواذها على معدات وأسلحة ثقيلة، قبل أن تنسحب إلى قواعدها الخلفية.
“نصرة الإسلام”: هجمات دقيقة ضد الجيش و”المرتزقة الروس”
في بيانها، أعلنت الجماعة المرتبطة بالقاعدة أنها نفذت “عملية مزدوجة” ضد القوات المالية و”المرتزقة الروس” في تمبكتو، مشيرة إلى أنها “استهدفت المطار العسكري ومواقع تمركز الروس”، في إشارة إلى مقاتلي “فاغنر” المنتشرين في عدة مواقع شمال البلاد.
وتعد هذه الهجمات تصعيدًا خطيرًا في حرب العصابات التي تخوضها الجماعات الإرهابية ضد الحكومة المالية المدعومة من روسيا، بعد سنوات من انتهاء التعاون العسكري مع فرنسا وطرد القوات الفرنسية من البلاد.
الجيش المالي: “حيدنا 45 إرهابياً”
من جانبه، أعلن الجيش المالي في بيان رسمي أنه أحبط محاولة التسلل إلى معسكر تمبكتو ومطارها، وتمكّن من “تحييد” 45 مهاجمًا، بينهم 14 قتيلًا و31 أسيرًا، مشيدًا بسرعة استجابة القوات المنتشرة في المنطقة.
لكن محللين عسكريين يرون أن رد الجيش جاء متأخرًا أمام هجمات منسقة ومحترفة، أظهرت قدرة التنظيمات الإرهابية على ضرب أهداف حساسة رغم الدعم الروسي.
فوضى الشمال: بين القاعدة وداعش والانفصاليين
ويواجه الجيش المالي تحديات أمنية مركبة في الشمال، حيث تنشط جماعات إرهابية تابعة لكل من القاعدة وداعش، بالتوازي مع مواجهات مع الحركات الطوارقية والعربية الانفصالية التي تطالب باستقلال شمال البلاد، ما يجعل من مالي ساحة حرب متعددة الجبهات.
أكثر من 400 جندي قُتلوا خلال مايو
بحسب تقارير أمنية، قُتل أكثر من 400 جندي مالي في هجمات متفرقة خلال شهر مايو وحده، في مناطق تمتد من شمال مالي إلى حدود النيجر وبوركينا فاسو، مما يطرح تساؤلات كبرى حول فعالية التحالف العسكري مع موسكو، في ظل استمرار تفوق الجماعات المتشددة في الميدان.
عودة شبح 2012؟
وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان الانهيار الأمني الذي شهدته مالي عام 2012، حين سيطرت جماعات مرتبطة بالقاعدة على مناطق واسعة من الشمال، بما في ذلك تمبكتو، قبل أن تتدخل فرنسا عسكريًا، ولكن اليوم، ومع رحيل الفرنسيين وصعود النفوذ الروسي، تبدو مالي أمام تحدٍ جديد قد يعيدها إلى مربع الفوضى ما لم يُكبح زحف الإرهاب.