أرض الصومال تعرض على ترامب قاعدة عسكرية وموارد استراتيجية مقابل الاعتراف .. وصراع محتدم مع مقديشو يهدد استقرار القرن الإفريقي

28
ارض الصومال

وكالات – بلو نيوز الإخبارية

في خطوة جديدة على رقعة لعبة النفوذ المتصاعدة في القرن الإفريقي، عرضت إدارة “أرض الصومال” على الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة عسكرية وصفقات استثمارية في المعادن الاستراتيجية، مقابل الاعتراف الدولي بإقليمها كدولة مستقلة ذات سيادة. يأتي ذلك في ظل تنافس محتدم بين واشنطن وبكين على السيطرة على الموارد الحيوية في المنطقة، وسط خلاف متصاعد مع الحكومة الصومالية المركزية في مقديشو التي ترفض رفضًا قاطعًا أي خطوة من شأنها تقويض وحدتها الوطنية.

عبد الرحمن محمد عبد الله، رئيس “أرض الصومال” الذي تولى السلطة عام 2024، أكد في مقابلة حديثة أن الإقليم يتفاوض حاليًا مع السفارة الأمريكية ووزارة الدفاع لتأسيس شراكة شاملة في مجالات الأمن، مكافحة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي. وقال عبد الله: “ناقشنا آليات التعاون في الأمن والتجارة والاستقرار الإقليمي”، مشيرًا إلى زيارات متبادلة بين مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية ومسؤولي “أرض الصومال” خلال الأشهر الماضية.

رغم أن واشنطن تعترف رسميًا بسيادة الصومال على الإقليم، إلا أن “أرض الصومال” تسعى منذ أكثر من ثلاثة عقود للحصول على الاعتراف الرسمي كدولة مستقلة، مستندة إلى استقرار نسبي في مقابل الصومال التي عانت من حروب أهلية وتمرد مستمر من الجماعات المسلحة.

تكمن أهمية هذه المنطقة في موقعها الاستراتيجي على ساحل خليج عدن، حيث يواجه الأمن البحري تهديدات من الحوثيين في اليمن الذين يستهدفون السفن التجارية والدول الداعمة للحرب في غزة. وتدير الإمارات، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، ميناء بربرة في “أرض الصومال”، بالإضافة إلى مهبط جوي تستخدمه القوات العسكرية.

لكن الاعتراف بأرض الصومال يحمل تبعات معقدة، إذ قد يؤثر على التعاون الأمني مع الحكومة المركزية في مقديشو التي تلعب دورًا أساسيًا في مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” و”القاعدة”.

من جانبه، أرسل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود رسالة حادة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معارضًا بشدة أي اعتراف أمريكي بـ”أرض الصومال”. وذكر في رسالته عرضًا من الحكومة الفيدرالية يمنح الولايات المتحدة “سيطرة تشغيلية حصرية” على موانئ استراتيجية في خليج عدن، في محاولة لإحباط أي مسعى للاعتراف بالأقاليم الانفصالية.

وتعتبر الحكومة الصومالية أن هذه المواقع، بما فيها ميناء بربرة وقاعدته الجوية، جزء لا يتجزأ من أراضيها السيادية، رغم سيطرة “أرض الصومال” الفعلية عليها، وهو ما يضيف طبقة جديدة من التوتر في العلاقات بين الإقليم والحكومة المركزية.

كما شهدت الفترة الأخيرة محاولات إقليمية أخرى لتعزيز مواقعها، مثل إقليم بونتلاند الذي قطع علاقاته مع مقديشو في مارس الماضي، مستفيدًا من موقع ميناء بوساسو الاستراتيجي، والذي تديره أيضًا شركة “دي بي وورلد” الإماراتية.

يقول محللون إن إدارة ترامب تُظهر انفتاحًا متزايدًا لمراجعة السياسة الأمريكية التقليدية تجاه الصومال، مع إمكانية تقديم تنازلات أكبر بناءً على الواقع الاستراتيجي والمصالح، وليس فقط على السياسات الموروثة.

لكن التوترات بين مقديشو وأرض الصومال تلوح في الأفق، خاصة بعد محاولات “أرض الصومال” توقيع اتفاقيات مع إثيوبيا لبناء منشآت بحرية على ساحل بربرة، وهو ما أثار احتجاجات حادة من الحكومة الصومالية، وتم التوسط في إلغاء الصفقة عبر تركيا.

في المقابل، حذر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود من أن أي اعتراف أمريكي بأرض الصومال قد يفتح الباب أمام تغيير جذري لحدود الدول الأفريقية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفجر نزاعات جديدة في منطقة هشّة بالفعل.

في ظل هذه الأجواء المتوترة، تستمر “أرض الصومال” في عرض أوراقها القوية على واشنطن، مستغلة موقعها الاستراتيجي ومواردها الاقتصادية، بينما تكافح مقديشو للحفاظ على وحدة الدولة، وسط تحديات كبيرة من شأنها أن تؤثر على مستقبل الأمن والاستقرار في القرن الإفريقي.

 

 

 

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *