تقارير: بيان لمجلس حقوق الإنسان .. انسحاب “كتيبة البراء بن مالك” السودانية: خدعة تكتيكية أم تحول حقيقي؟

32
البراء

لم تكن كتيبة البراء بن مالك مجرد نتاج صراع أبريل 2023 في السودان، بل هي امتداد لماضي طويل من الصراعات الإقليمية والتجارب القتالية للإسلاميين المتشددين، ويتشكل أغلب مقاتلي الكتيبة من عناصر سبق أن خاضت معارك ضمن قوات “الدفاع الشعبي” والمليشيات التي نشطت في جنوب السودان ودارفور، وبعد سقوط نظام البشير، عملت هذه المجموعات كـ ظل للجيش، مكلفة بتأمين وحماية قيادات المؤتمر الوطني والنظام السابق.

مع اندلاع حرب أبريل 2023، برزت الكتيبة كقوة مقاتلة مع الجيش على أرض المعركة، خاصة في معارك الخرطوم، حيث تعرف بعقيدتها المتشددة، وتثير شعاراتها الجهادية الصريحة مخاوف من أن يتحول الصراع من مجرد نزاع سياسي وعسكري إلى حرب أهلية أوسع.

تكمن خطورة هذه الكتيبة في أنها لا تخضع للتسلسل القيادي العسكري التقليدي، وولاؤها الأساسي للتنظيم الإسلامي وليس للدولة، ما يجعلها قوة صعبة السيطرة في أي تسوية سياسية مستقبلية، وتهدد بنشر الفكر المتطرف داخل السودان وخارجه.

 

تقرير خاص: بلو نيوز الإخبارية

انسحاب أم تمويه؟

في خطوة وصفتها بعض التقارير الدولية بـ”الدرامية”، أعلنت كتيبة البراء بن مالك، المرتبطة بالحركة الإسلامية السودانية، عن وقف أنشطتها العسكرية والتحول إلى العمل المدني. لكن التساؤلات تعمّقت سريعًا: هل هو انسحاب حقيقي أم مجرد ستار دخان سياسي؟

تعد الكتيبة، المعروفة باسم “البراءون”، عنصرًا محوريًا في الصراع المستمر منذ أبريل 2023، تقاتل جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة ضد قوات الدعم السريع. وتربطها جذور عميقة بالنظام السابق لعمر البشير، وهو ما يجعل أي إعلان عن تحولها المدني محل شك كبير.

هل الانسحاب مجرد مناورة؟

يقول خبراء في الشؤون السودانية وبيانات الأمم المتحدة إن هذا الإعلان قد يكون خدعة مدروسة، والهدف بحسب البيان إعادة تموضع مقاتلي الكتيبة داخل أجهزة الدولة، ما يتيح لهم مواصلة أنشطتهم تحت غطاء مدني يبدو غير مهدد، بينما يتهربون من المساءلة الدولية عن الفظائع السابقة.

المشكلة الأكبر لم يرافق اعلان الانسحاب أي إجراءات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، كما تشترط المعايير الدولية، وتشير تقارير متعددة إلى أن أعضاء الكتيبة ما زالوا نشطين داخل المنشآت العسكرية والأمنية، ما يطرح علامة استفهام ضخمة حول صدقية التحول.

بيان مقدم من المجلس العالمي لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية ذات مركز استشاري خاص

تدقيق دولي وعقوبات صارمة

تخضع الكتيبة لمراقبة دولية دقيقة، بسبب مزاعم ارتكابها مذابح واستخدام أسلحة كيميائية، ولصلات مزعومة بمنظمات إرهابية مثل داعش. وفي تطور مهم، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على الكتيبة، مستندة إلى دورها في زعزعة استقرار السودان وروابطها مع إيران، في مؤشر على القلق المتصاعد للمجتمع الدولي من أنشطتها.

السيناريوهات المستقبلية

خبراء السياسة السودانية يحذرون من أن التحول المدني المزعوم قد يكون البداية فقط لمرحلة جديدة من النفوذ الخفي، وإذا لم يجرِ فرض رقابة دولية صارمة، قد تعود الكتيبة للعب دور محوري خلف الكواليس، مستفيدة من الشبكات القديمة داخل الدولة، مع تغيير وجهها الخارجي فقط.

دعوة للمساءلة الدولية

تطالب منظمات حقوق الإنسان والمحللون بـ تحقيق دولي مستقل في الجرائم المزعومة، وعدم الانخداع بالتصريحات الرسمية، وفرض عقوبات على قادة الكتيبة. فالمجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي: هل سيضمن أن يكون تحول الكتيبة إلى كيان مدني أكثر من مجرد غطاء سياسي، أم أن السودان سيظل مسرحًا لتحولات تكتيكية تسمح للجماعات المسلحة بالحفاظ على نفوذها؟

الخلاصة .. في ظل غياب الشفافية والمساءلة، يظل الإعلان عن انسحاب “كتيبة البراء بن مالك” أداة سياسية أكثر منها تحولا حقيقيا. ما يراه البعض خطوة مدنية، قد يكون في الواقع ستارًا يخفي استمرار النشاط العسكري والسياسي للجماعة، وسط صراع مستمر على السلطة والنفوذ في السودان.

About The Author

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com