ترحيلات أميركية مثيرة للجدل .. كيف تحول مهاجرون إلى بيادق في صفقات أميركية مع أفريقيا؟

وكالات – بلو نيوز الإخبارية
في خطوة أثارت صدمة وجدلاً واسعاً، وُضعت دول أفريقية في قلب معركة الهجرة الأميركية، بعدما بدأت إدارة الرئيس دونالد ترامب بترحيل مهاجرين إلى بلدان ليست أوطانهم، في إطار ما يُعرف باتفاقات «البلد الثالث الآمن». هذه السياسة التي وُصفت بأنها «مقايضة سياسية» تهدف إلى كسب ولاء دول الجنوب العالمي مقابل وعود في مجالات التجارة والمساعدات، دفعت خبراء حقوق الإنسان للتحذير من «انتهاكات جسيمة» قد تطال المرحّلين.
غانا في الواجهة
غانا كانت أحدث الدول التي قبلت استقبال مهاجرين لا يحملون جنسيتها. ففي الخامس من سبتمبر، أقلّت طائرة عسكرية أميركية 14 شخصاً – بينهم 13 نيجيرياً وغامبياً واحداً – إلى مطار أكرا، حيث لم يكن لهم أي صلة قانونية أو اجتماعية بالبلد. ووفق وثائق قضائية أميركية، جرى إيقاظ المرحّلين في منتصف الليل ونُقلوا دون علم مسبق بوجهتهم.
وزير الخارجية الغاني صامويل أوكودزيتو أبلاكوا دافع عن القرار، قائلاً إن بلاده تصرّفت بدافع «إنساني بحت» تجاه مواطني دول غرب أفريقيا، مضيفاً أن رفض بلدان أخرى استقبالهم وضع غانا أمام خيار «تحمّل العبء». لكن هذا التبرير لم يخفِ حالة الغموض التي تكتنف مصير المرحّلين، حيث أكد محامو أربعة منهم أنهم لا يزالون قيد الاعتقال في ظروف «قاسية وبائسة».
حسن نية أم ورقة مساومة؟
الترتيبات الأميركية شملت أيضاً إسواتيني، رواندا، جنوب السودان وأوغندا، التي وقّعت اتفاقاً مع واشنطن لكنها لم تستقبل أي مرحّلين حتى الآن. ويقول خبراء إن بعض هذه الدول قد قبلت الاتفاقات لإبداء حسن النية في مفاوضات أوسع مع الإدارة الأميركية بشأن ملفات التجارة، المساعدات، أو حتى التعاون الأمني.
وتتكرر القصة في أميركا اللاتينية؛ حيث نُقل مهاجرون فنزويليون وأفغان وروس وصينيون إلى كوستاريكا وبنما، فيما وقّعت باراغواي على اتفاق مماثل. غير أن المكسيك – رغم رفضها الرسمي – لا تزال تستقبل آلاف المرحّلين من أميركا الوسطى ودول نصف الكرة الغربي.
انتهاك للقانون الدولي؟
منظمات حقوقية وصفت هذه الترحيلات بأنها «انتهاك صارخ» للقانون الدولي، خاصة حين يتعلق الأمر بطالبي لجوء يحظر القانون إعادتهم إلى دول قد تعرّض حياتهم للخطر. المحامية الأميركية ماورين سويني اعتبرت أن إرسال المرحّلين إلى دول لا يعرفونها يمثل «لامبالاة فاضحة بالتزامات الولايات المتحدة»، مشيرة إلى أن بعض المرحّلين كانوا تحت أوامر قضائية تمنع إعادتهم خوفاً من التعذيب.
وأوضحت دعوى قضائية أن المهاجرين على متن الرحلة إلى غانا ظلوا مقيدين بـ«سترات حجر ضيقة» لمدة 16 ساعة، في ظروف وصفت بـ«غير إنسانية». لكن السلطات الغانية أنكرت أي علم لها بتفاصيل النقل أو أوضاع المعتقلين عند وصولهم.
قلق متصاعد في أفريقيا
الجدل لم يتوقف عند غانا. ففي نيجيريا، أبدت وزارة الخارجية استياءها من إعادة مواطنيها عبر بلد ثالث، مؤكدة أنها لم تُخطر رسمياً لا من واشنطن ولا من أكرا. وقال المتحدث باسم الوزارة: «ما رفضناه هو ترحيل مواطنين من دول أخرى إلى نيجيريا. لا يمكن تحميلنا مسؤولية سياسات واشنطن».
وبالنسبة لخبراء الهجرة الأفارقة، فإن ما يحدث قد يُدخل القارة في مساومات غير متكافئة، حيث يتم استخدام ملف المهاجرين كورقة ضغط دبلوماسية.
أسئلة بلا إجابات
يبقى السؤال الأبرز: هل تتحول بعض الدول الأفريقية إلى «مخازن بشرية» للسياسات الأميركية؟. الجدل القانوني والحقوقي مستمر، فيما يظل المهاجرون المرحّلون – من غرب أفريقيا وأماكن أبعد – عالقين بين مطرقة القرارات السياسية وسندان واقع أمني وقانوني هش.