رحيل “أبو الفقراء”: البابا فرنسيس يطوي صفحة من التواضع والثورة الصامتة في الفاتيكان

14
البابا

وكالات – بلو نيوز الإخبارية

غاب وجه البابا فرنسيس، صوت الفقراء والمهمشين، عن عالم يسوده العنف والاستقطاب، بعد أن وافته المنية يوم الإثنين، تاركًا إرثًا إنسانيًا وروحيًا عميقًا تجاوز جدران الفاتيكان، ومدّ جسورًا بين الأديان والثقافات، في زمن عزّ فيه القادة الملهمون.

ولد باسم خورخي ماريو بيرغوليو، ونشأ في أحياء بوينس آيرس الفقيرة، ليصبح أول بابا من أميركا اللاتينية، وأحد أكثر الشخصيات الكنسية تأثيرًا في العصر الحديث. اختار أن يسلك درب البسطاء، فرفض رفاهيات المنصب، وسكن شقة متواضعة، وركب سيارات عادية، واعتبر نفسه “واحدًا من شعب فقير”.

لم يكن البابا فرنسيس مجرد رأسٍ للكنيسة الكاثوليكية، بل كان ضميرًا عالميًا ناطقًا بالحق، لا يخشى انتقاد الرأسمالية الجشعة، ولا التنديد بالحروب وتجارة السلاح، ووقف في وجه الكراهية، مناصرًا للاجئين، وداعيًا للعدالة المناخية والاجتماعية.

من توقيعه لوثيقة “الأخوة الإنسانية” مع شيخ الأزهر، إلى زيارته للعراق ولقائه المرجع السيستاني، ومن دفاعه عن اللاجئين السوريين في جزيرة ليسبوس، إلى دعواته المتكررة لنبذ القومية المتطرفة، مثّل البابا فرنسيس بوصلة أخلاقية في عالم متأرجح.

أحدث خلال سنواته في الكرسي الرسولي إصلاحات هامة داخل الفاتيكان، محاربًا الفساد، وداعمًا لدور المرأة، وساعيًا إلى كنيسة أقرب إلى الناس، أكثر انفتاحًا وشفافية. كما خفف من صرامة بعض القوانين الكنسية، داعيًا إلى روح التسامح بدل الأحكام القاسية.

برحيله، يودع العالم رجلًا عاش من أجل القيم لا المناصب، ومن أجل المهمشين لا الأقوياء. البابا فرنسيس، “أبو الفقراء”، رحل، لكن رسالته لا تزال تنبض في ضمير البشرية.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *