د. صندل حقار: يتحدى رواية بورتسودان: تبادل المواقع لا يسقط مشروع الثورة .. لا يغير معادلة التاريخ!

“خروج جزء من قوات التأسيس من منطقة صالحة في غرب أم درمان لا يغير كثيراً في مسار هذه الحرب التاريخية، فربما يكون تبادل المواقع بين القوات المتقاتلة أمراً طبيعياً.”
الخرطوم – بلو نيوز الاخبارية
في واحدة من أكثر اللحظات حرجاً في تاريخ السودان الحديث، ومع استمرار شراسة الحرب التي تعصف بالعاصمة وأطرافها، خرج الدكتور سليمان صندل حقار، القيادي البارز في تحالف تأسيس ورئيس حركة العدل والمساواة السودانية، بتصريح شديد اللهجة، حمل فيه رسالة سياسية وعسكرية مزدوجة المعاني، ووجه خلاله سهام النقد لما أسماه بـ”مجموعة بورتسودان المجرمة”.
وجاءت تصريحات صندل، تعليقاً على الأنباء التي ترددت بشأن انسحاب جزئي لبعض قوات تحالف تأسيس من منطقة صالحة بغرب أم درمان، وهي منطقة شهدت قتالاً ضارياً خلال الأسابيع الماضية بين قوات الدعم السريع من جهة، وقوات الجيش السوداني وحلفائه من الجهة الأخرى.
صندل، الذي عرف بمواقفه الحاسمة إبان الثورة السودانية وما بعدها، قلل من أهمية الحديث عن “الانسحاب”، واعتبره جزءاً طبيعياً من ديناميكيات الحرب، قائلاً: “خروج جزء من قوات التأسيس من منطقة صالحة في غرب أم درمان لا يغير كثيراً في مسار هذه الحرب التاريخية، فربما يكون تبادل المواقع بين القوات المتقاتلة أمراً طبيعياً.”
وأضاف بثقة من يعرف ميادين المعارك عن قرب: “سيظل هذا النهج قائماً في تبادل المواقع والمدن، لمن خبر الحروب وعرف مساراتها، فالمعارك لا تُقاس بموضع واحد أو مدينة، بل بإرادة الشعوب في التغيير والانتصار على أنظمة القمع والاستبداد.”
ولم يكتفي صندل، بتحليل عسكري، بل أرفق رسالته بتصويب سياسي مباشر نحو سلطة بورتسودان، والتي يراها الكثيرون واجهة لقوى النظام البائد ومراكز قوى عسكرية تسعى للهيمنة، وقال: “على مجموعة بورتسودان المجرمة أن تكف عن ذر الرماد في أعين السودانيين والمجموعات المغرر بها.”
هذه الكلمات تنطوي على اتهام صريح باستخدام البروباغندا الإعلامية لمحاولة تصوير تراجع ميداني جزئي كعلامة على انهيار تحالف تأسيس، وهو ما يرفضه صندل تماماً، مؤكداً أن مشروع التغيير مستمر مهما تبدلت المواقع العسكرية.
وفي ظل محاولات “مجموعة بورتسودان” حسب وصف صندل، لصناعة انتصارات معنوية وسط دمار شامل، يبدو أن تحالف تأسيس يراهن على عامل الزمن واستنزاف النظام القائم أخلاقياً وسياسياً، أكثر من رهانه على الانتصار السريع في الجبهات.
ويذكر أن الدكتور سليمان صندل يعد أحد أبرز الشخصيات في المعارضة المسلحة السودانية، ويجمع بين الخبرة العسكرية الطويلة والبعد السياسي الواضح، وقد لعب أدواراً محورية في مفاوضات جوبا لسلام السلام مع الحكومة السودانية، لكنه اليوم يعيد تموضعه في مربع الثورة، حاملاً مشروعاً سياسياً جديداً عبر تحالف تأسيس.
تصريحات صندل الأخيرة تكشف أن الصراع في السودان لا يزال في بداياته السياسية، رغم مرور أكثر من عام على اندلاعه المسلح، وبينما تتصارع الجيوش على الخرائط، فإن معركة الوعي والتعبئة لا تقل شراسة، بل ربما تكون أكثر حسماً لمستقبل السودان.
ففي الوقت الذي يتراجع فيه الأمل في تسوية سلمية شاملة، تبدو الساحة مهيأة لفرز جديد، بين مشروع يستثمر في الحرب من أجل إعادة تدوير الاستبداد، وآخر يسعى إلى بناء دولة مدنية من بين أنقاض الخراب، كما تقول تصريحات سليمان صندل بين السطور.
وفي المشهد السوداني الذي يتغير كل يوم، تبقى تصريحات مثل هذه علامة فارقة في قراءة موازين القوى، ورسالة إلى الداخل والخارج، بأن الحرب لم تحسم بعد، لا بالسلاح ولا بالكلمات، ولكنها بلا شك تعيد كتابة التاريخ.