مصر تعفي الألبان الأميركية من شهادة “الحلال” .. قرار يثير جدلاً ويكشف تحولاً في السياسة التجارية

17
1073568.jpeg

بلو نيوز الإخبارية – وكالات

أثار إعلان الحكومة المصرية إعفاء واردات الألبان الأميركية ومشتقاتها من شرط الحصول على شهادة “الحلال” موجة جدل واسعة، وسط تساؤلات شعبية ودينية حول مغزى القرار، وتداعياته الاقتصادية والدينية، وما إذا كان يعكس تغيّراً في آليات الرقابة على الواردات الغذائية.

وخلال منتدى الأعمال المصري-الأميركي المنعقد بالقاهرة، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن القرار قائلاً إنه “غير مسبوق” ويهدف إلى تسهيل دخول منتجات الألبان الأميركية إلى السوق المصرية، مشيراً إلى أن الإعفاء سيستمر حتى نهاية عام 2025، على أن تُفرض رسوم قدرها 1500 دولار لكل حاوية اعتباراً من 2026.

ورغم التصريحات الحكومية التي ربطت القرار بتحفيز الاستثمار وتسهيل التبادل التجاري، لم يخلُ المشهد من قلق شعبي وتساؤلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي: هل يعني ذلك التنازل عن شروط الشريعة الإسلامية في ما نستهلك؟

الزراعة توضح: لا ذبح في الألبان.. فلا معنى لـ”الحلال” هنا

وفي محاولة لتهدئة المخاوف، أوضح وزير الزراعة علاء فاروق أن القرار لا يمثل تراجعاً عن اشتراط “الحلال”، وإنما يخص فقط منتجات الألبان، موضحاً أن “الألبان تُستخرج من أبقار حية غير مذبوحة، وبالتالي لا تنطبق عليها معايير الذبح الحلال، ما يجعل اشتراط شهادة (الحلال) عليها أمراً غير منطقي”.

وتابع: “لم يتم تعديل أي من الاشتراطات الخاصة باستيراد اللحوم والدواجن، وما زالت تخضع لنفس المعايير الصارمة التي تضمن مطابقتها لأحكام الشريعة”.

فتح سوق الشهادات وإنهاء الاحتكار

في خطوة متوازية، أعلنت الحكومة المصرية فتح الباب أمام شركات متعددة لإصدار شهادات “الحلال”، بدلاً من احتكار جهة واحدة لهذا الامتياز، في خطوة وصفتها بأنها تستهدف تعزيز المنافسة وتقليل التكلفة على المستوردين والمستهلكين.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة محمد الحمصاني إن وزارة الزراعة بصدد اتخاذ إجراءات لتوسيع قائمة الجهات المصرح لها بإصدار الشهادات، إلى جانب دراسة تخفيض رسوم المطابقة المفروضة على المنتجات والمنشآت الغذائية المصدِّرة.

لكن ماذا عن الإضافات الصناعية وتغذية الأبقار؟

رغم توضيحات الحكومة، لم تغب الأسئلة الفنية والدينية عن الأفق، خاصة فيما يتعلق بالإضافات الغذائية أو الدهون الحيوانية المستخدمة في صناعة الألبان، ومدى توافقها مع معايير “الحلال”.

وحول ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الجوانب الفنية تخضع لرقابة وزارة الزراعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية، والتي تلتزم – بحسب رئيس الهيئة الدكتور حامد الأقنص – بالتعامل فقط مع الجهات التي تطبق الشروط والمعايير المصرية الصادرة بالتنسيق مع وزارة الأوقاف.

وأضاف الأقنص: “الدولة تعمل على تسهيل إجراءات اعتماد مقدّمي خدمة الشهادات بما يعزّز الشفافية والتنافسية، ويُسهم في خفض التكلفة، دون الإخلال بثوابت الرقابة والجودة”.

في الخلاصة .. بين منطق التجارة ومقتضيات الشريعة

القرار المصري يعكس محاولة للموازنة بين تسهيل حركة التجارة الخارجية من جهة، وضمان التزام المنتجات الغذائية بالمعايير الشرعية من جهة أخرى. لكن الضمانات المعلنة لم تُنهِ تماماً الأسئلة الشعبية والدينية، في وقت لا تزال فيه قضية “الحلال” أكثر من مجرد إجراء تنظيمي، بل مسألة ترتبط بهوية وثقافة المستهلك المصري.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *