“بورتكيزان”: بورتسودان تحت زحف الإسلاميين وصراع الأجنحة يعصف بقيادات النظام البائد

بلو نيوز – بورتسودان
تحولت مدينة بورتسودان، التي تتخذها السلطة العسكرية مقرًا مؤقتًا للحكم، إلى مسرح مفتوح لعودة رموز النظام البائد وصراعاتهم على النفوذ، وسط غضب شعبي متزايد من “غزو منظم” لقيادات وكوادر حزب المؤتمر الوطني المحلول.
وقال أحد المواطنين في حديث لمراسلنا: “المدينة لم تعد بورتسودان، أصبحت ’بورتكيزان‘… عناصر النظام السابق يحتشدون في كل المواقع، يملأون المكاتب والمصالح، يقيمون في الفنادق الفاخرة، يقودون سيارات الدفع الرباعي، وحتى إعلاميّوهم يغزون المطاعم الفخمة”.
وفي خضم هذا الزحف، كان لافتًا ظهور إبراهيم محمود حامد، القيادي البارز في نظام البشير، الذي عاد إلى بورتسودان في 7 أكتوبر 2024، حيث استقبل بحفاوة من شيبة ضرار ومجموعة من الإسلاميين في شرق السودان، وعقد محمود سلسلة اجتماعات سياسية مع كوادر حزبه المحلول، من بينهم حاج ماجد سوار، ومريم جسور، وفضل المولى الهجا، وأعلن خلالها عن تشكيل أمانة جديدة وتنصيب نفسه رئيسًا للحزب، في خطوة فُهمت كتحرك استباقي لإعادة تنظيم الصف الإسلامي من داخل المدينة.
لكن خطوته تلك أشعلت فتيل صراع داخلي مع مجموعة “هارون/كرتي” المدعومة من الرئيس المخلوع عمر البشير، والتي سارعت إلى تحجيم تحركاته، عبر سد الطرق أمامه للوصول إلى قيادة الجيش والكتائب العسكرية، بل وممارسة عزلة سياسية منظمة عليه داخل المدينة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن محمود كان يمثل “وفد مقدمة” لتحضير الأرضية لعودة شخصيات نافذة من الخارج، من بينهم د. نافع علي نافع ومحمد عطا المولى، في محاولة لتكوين تكتل جديد ينافس تحالف كرتي – هارون.
لكن مع تصاعد الضغوط والخنق السياسي، غادر إبراهيم محمود المدينة مغاضبًا بعد أقل من شهرين على وصوله، في مشهد يعكس حدة الانقسام داخل الإسلاميين أنفسهم، وصعوبة احتواء مراكز القوى المتعددة التي بدأت تطفو على السطح مع عودة الدولة العميقة من بين الرماد.
تقول مصادر مطّلعة: إن هذا التوافد الكثيف لمنسوبي النظام البائد إلى بورتسودان، لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الترتيبات السياسية والعسكرية الجارية خلف الكواليس، والتي يخشى كثيرون أن تكون تمهيداً لصفقة إعادة تدوير النظام القديم، أو فرض تسوية مفروضة على حساب الثورة والدماء التي سالت في شوارع الخرطوم وسنار والجنينة.
منذ أن انتقلت السلطة إلى بورتسودان، احتشد فيها الكيزان، تراهم في الميناء في الجمارك في مكاتب مجلس السيادة، كلهم يطاردون المنافع. الفنادق مزدحمة، والمطاعم الفاخرة تغص بإعلاميين معروفين بولائهم للنظام القديم، حتى عربات اللاندكروزر باتت دليلاً على من عادوا ليحكموا باسم الحرب”.
وبينما تستمر الحرب في البلاد، تحولت بورتسودان إلى عاصمة ظل لفلول النظام البائد، في مشهد يثير تساؤلات حقيقية عن طبيعة المرحلة القادمة .. هل هي حرب ضد الدعم السريع أم تمهيد لعودة كاملة لنظام لفظه الشارع؟