صفقة سرية بين الإسلاميين والبرهان .. وجوه نظام البشير تعود عبر بوابة الحرب إلى المشهد السياسي السوداني

31
البرهان والاسلاميين

وكالات – بلو نيوز الإخبارية

في ظل تصاعد دوامة العنف وتدهور الأوضاع السياسية والإنسانية في السودان، ظهرت مؤشرات جديدة تكشف عن تحالفات سرّية بين قيادات إسلامية بارزة كانت تهمّشت عقب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019، وقائد الجيش الحالي عبد الفتاح البرهان. هذه الصفقة التي بدأت تخرج إلى العلن تتيح لتلك القيادات الإسلامية العودة إلى المشهد السياسي من خلال دعم استمرار الجيش في السلطة، مقابل الحصول على موطئ قدم عبر أروقة الحرب المستمرة.

في أول ظهور إعلامي له منذ سنوات، صرح أحمد هارون، القيادي السابق في حزب المؤتمر الوطني المنحل والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، لوكالة “رويترز” بأن الانتخابات المقبلة تمثل فرصة لإعادة حزبه إلى الحكم، معتبراً أن الجيش قد يبقى في السلطة لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب. هذه التصريحات تأتي في ظل استمرار الصراع على عدة جبهات، حيث تحتفظ قوات الدعم السريع بسيطرتها على مناطق واسعة في دارفور وجنوب السودان، وهو ما يرى فيه بعض الإسلاميين فرصة لإعادة رسم خريطة النفوذ السياسي.

ومع تصاعد هذه المؤشرات، لا يزال الجيش وبعض حلفائه يتجنبون إعلان وجود تحالف علني مع التيار الإسلامي المرتبط بنظام البشير، خوفاً من ردود فعل الشارع ورفض الثورة التي أزاحت ذلك النظام. الباحث منتصر كمال، في تحليله للوضع، يؤكد أن هذه العلاقات لا تتجاوز كونها تحالفات ظرفية ناجمة عن توازنات القوى الحالية في خضم الحرب، وليست اندماجات استراتيجية، لكنه لا يستبعد صراعاً مستقبلياً إذا تغيرت موازين السلطة بعد انتهاء الصراع.

في الوقت نفسه، نقلت “رويترز” عن هارون قوله إن حزبه يقترح تشكيل هيكل يمنح قوات الجيش دوراً سيادياً مع إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لاختيار رئيس وزراء مدني، في محاولة لكسب شرعية داخلية ودولية في ظل الاتهامات التي تلاحقه.

أما الأكاديمية السياسية منه صالح، فتؤكد أن استغلال بعض التيارات الإسلامية وحلفاء قوات بورتسودان للحرب لتحقيق مكاسب سياسية هو واقع مقلق يزيد من تعقيد الأزمة الوطنية. وترى أن تحويل الحرب إلى ورقة سياسية لتمكين هذه القوى يشكل خطراً على فرص السلام، ويبعد السودان عن الحلول الحقيقية التي يطالب بها المواطنون.

تضيف صالح أن الأولوية القصوى الآن تكمن في وقف الحرب فوراً، والعمل على بناء توافق وطني حقيقي، بعيداً عن استغلال الصراعات المسلحة لتحقيق أهداف سياسية ضيقة، مشددة على أن نجاح أي مسار سياسي يعتمد على إعادة بناء الثقة بين القوى الوطنية وترسيخ دولة مدنية شاملة.

في ظل هذه التحولات المتشابكة، يبقى السؤال مطروحاً: هل سينجح السودان في تجاوز ماضيه المؤلم وتحقيق السلام الشامل، أم أن أروقة الحرب ستظل مسرحاً لصراعات جديدة تعيد نسخ ماضٍ لم يغادر الذاكرة، وتعيد إنتاج وجوه وأطياف كانت السبب في أزمات البلاد المتكررة؟

 

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *