الغضب يتصاعد ضد القاهرة: تقارير تكشف تورط مصر في تأجيج الحرب السودانية ودعم الجيش ضد المدنيين

الدور الخفي لمصر في حرب السودان ..
“دعم عسكري .. قمع لاجئين .. وتقويض للثورة .. إما أن تختار القاهرة أن تكون الشقيق الحريص والداعم لمستقبل مدني ديمقراطي في السودان، أو تُرسخ نفسها كقوة معرقلة تغذي الانقسام وتفقد آخر ما تبقى من تأثيرها الإيجابي في القارة”
القاهرة خاص – بلو نيوز الاخبارية
في ظل تصاعد الحرب الدامية التي تعصف بالسودان منذ أبريل 2023، يواجه الدور المصري انتقادات متزايدة من السودانيين ونشطاء حقوق الإنسان، وسط اتهامات مباشرة للقاهرة بالتدخل العسكري والسياسي، ودعم الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ضد قوات الدعم السريع، الأمر الذي اعتبره مراقبون تدخلاً سافرًا يهدد وحدة السودان ويقوّض فرص السلام.
ورغم الصمت الرسمي المصري وتجنب توجيه مواقف واضحة، إلا أن وقائع ميدانية وتسريبات استخباراتية كشفت، بحسب تقارير متعددة، عن دور مصري فاعل في إشعال الصراع، بدءاً من دعم الانقلاب العسكري في نوفمبر 2021 على حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، وحتى تقديم دعم عسكري ولوجستي واسع للجيش السوداني في الحرب الحالية.
دعم عسكري مباشر وانحياز ميداني
ووفقًا لشهادات ومصادر ميدانية، فإن الجيش المصري قدم دعماً مباشراً للجيش السوداني تمثل في ذخائر ومعدات حربية، ومواد غذائية، كان آخرها ما تم ضبطه في منطقة “أم صميمة” على يد قوات الدعم السريع التي استولت على إمدادات تحمل منشأً مصرياً واضحاً. وأشار مراقبون إلى أن هذا الدعم لم يكن سريًا، بل “منظمًا وموجّهًا”، وشمل طيرانًا حربيًا شارك في قصف البنية التحتية وأوقع مئات الضحايا المدنيين في ولايات الخرطوم وكردفان ودارفور.
ويؤكد خبراء أن ما تم كشفه في أم صميمة يرقى إلى مستوى “الدليل القاطع” على تورط القاهرة في الحرب، وينسف أي مزاعم بالحياد، ويطرح تساؤلات حادة حول مدى أهلية مصر للاستمرار في لعب أي دور وساطة في الملف السوداني.
قمع اللاجئين السودانيين على الأراضي المصرية
في موازاة ذلك، يواجه النظام المصري انتقادات حادة بسبب السياسات الأمنية القمعية تجاه اللاجئين السودانيين، حيث وثّقت منظمات حقوقية حالات اعتقال تعسفي، وترحيل قسري شمل نساءً وأطفالاً، في انتهاك صارخ للقانون الدولي ولمبادئ حقوق الإنسان، الأمر الذي عمّق الغضب الشعبي داخل السودان وخارجه تجاه القاهرة.
ويقول ناشطون إن هذه السياسات قضت فعليًا على ما تبقى من “الهالة التاريخية” للعلاقة بين الشعبين، وإن القاهرة اليوم باتت تُنظر إليها كطرف غير محايد، بل كقوة معادية تدعم قمع السودانيين داخل وخارج بلادهم.
تحريض سياسي ودوافع مائية
تشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن القلق المصري من سد النهضة الإثيوبي هو المحرك الأساسي لتحركاتها في السودان. وتعتبر القاهرة أن أي سلطة سودانية مدنية أو متحالفة مع إثيوبيا تمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها المائي، ما يدفعها، وفقًا للتقارير، إلى دعم العسكريين وتفتيت السودان إن لزم الأمر، مقابل منع بروز نفوذ إماراتي أو إثيوبي على حدودها الجنوبية، وتتهم تقارير إقليمية مصر بأنها دشنت استراتيجية استباقية تهدف إلى “ضبط” من يحكم السودان، عبر دعم الانقلابات وتوجيه النزاعات، بما يخدم رؤيتها الأمنية، حتى لو أدى ذلك إلى تقسيم السودان أو تدمير نسيجه الوطني.
موقف معادٍ للثورة السودانية
ويصف ناشطون سودانيون موقف القاهرة من ثورة ديسمبر 2018 بأنه عدائي وغير مبرر، حيث رفضت الانخراط الجاد مع قوى الثورة المدنية، وفضّلت التواصل الحصري مع العسكريين، وهو ما انعكس في احتضان الفريق البرهان كمحور رئيسي في تحالفها الإقليمي، مقابل تحفظها على حميدتي بسبب علاقاته بالإمارات وإثيوبيا.
وبينما تصاعدت المطالب الشعبية في السودان برحيل العسكر عن السلطة، ظلت مصر تقاوم هذا التحول، بل وتعمل على إجهاض أي مبادرة دولية لا تمر عبرها، بما في ذلك مبادرة “إيغاد” والمبادرة السعودية الأمريكية، ما جعل كثيرين يتهمون القاهرة بـ”إفساد كل فرص التسوية”.
أصوات تطالب باستبعاد مصر من اللجنة الرباعية
ومع تزايد الأدلة على انحياز مصر لطرف في الصراع ودورها التخريبي، تعالت دعوات سودانية ودولية لاستبعادها من اللجنة الرباعية الدولية المعنية بالملف السوداني، باعتبار أن استمرار مشاركتها يتناقض مع مبدأ الحياد ويقوض أي فرصة لحوار عادل وشامل.
ويحذر خبراء من أن استمرار مصر في هذا المسار الانحيازي سيؤسس لعداء شعبي عميق يصعب ترميمه لاحقًا، خاصة في ظل الانتهاكات اليومية التي تطال اللاجئين السودانيين داخل الأراضي المصرية، وتجاهل إرادة الشارع السوداني الذي يطالب بالحرية، لا بالوصاية الإقليمية.
إن مسؤولية الحفاظ على العلاقات التاريخية بين مصر والسودان تقع أولًا على القاهرة، بحكم ما تملكه من نفوذ إقليمي، ولكن استخدام هذا النفوذ لتكريس الاستبداد وإدامة الحروب يفتح الباب أمام صراعات إقليمية لا يمكن السيطرة عليها.