فاطمة لقاوة تكتب: الراهن السياسي السوداني الشائك -“2” .!!

132

يوماً واحداً يفصلنا عن الوصول لعام كامل والسودان مشتعل بالحرب المشؤومة التي أشعل فتيلها الثلاثي المنحوس-(البرهان وكباشي والعطا)-الذين سرقوا إسم الجيش السوداني وأدخلوا الغلابة من جنود وجنود صف وضباط القوات المسلحة في حرب- وصفها البرهان وأطلق عليها “حرب عبثية” – قامت من أجل إستعادة جماعة الأخوان الكيزانية للسلطة التي أجبرهم الشعب السوداني على التنازل منها في ثورة أخافت الإنقاذيين وجعلت لجنتهم الأمنية تطيح بالبشير في ١١أبريل /٢٠١٩م.

هذة الحرب التي تمايزت فيها الصفوف بين الذين وقفوا صداً منيعاً أمام آلة الموت الكيزانية وقدموا أنفسهم وأرواحهم من أجل المحافظة على إستحقاقات ثورة التغيير الجذري في السودان، وعودة المسار الديمقراطي الحقيقي والوصول لدولة المؤسسات،

والطرف الأخر الذي إختار التحالف مع الإسلامويين ومجموعة عصابة الأخوان، من أجل المصالح الذاتية الضيقه، والمنافع الشخصية ،والتكسب الرخيص ،و أاثروا التضحية بأرواح الشعب السوداني مقابل الجلوس على كراسي السُلطةو العودة للحكم.

حرب ١٥أبريل التي جاءت مشحونة بخطاب الكراهية والتحشيد الجهوي و المناطقي القبلي الذي بدأه كباشي في جنوب كردفان،والبرهان والعطا في شمال السودان،وعزف على وتره أبو هاجة والحوري وطارق كجاب،ورقص على نغمات هذة السيموفينية المشروخة جابر ومفضل وغيرهم من جوغة المطبلاتية ولحاسين اللبالب والأرزقية،بينما جبريل ومناوي وتمبور وعقار حاولوا التصفيق خارج الحلبة وإنتظار الإصطفاف لاحقاً جناب المنتصر،ولكنهم سُرعان ما سال لُعابهم للمآدبة التي أُعدت لهم بما تشتهيه الأنفس من أموال ومخصصات وكراسي سلطة زائفة ،فباعوا إنسان دارفور والنيل الأزرق بثمنٍ بخسٍ ،وإنصاعوا لتوجيهات أسيادهم فأرسلوا الغلابة من جنودهم ودفعوا بهم لإشعال محارق الفِتن القبلية في دارفور،وجعلهم وقود حرب في الجزيرة والخرطوم ، بينما مناوي وعقار وجبريل وتمبور هروب مع أسيادهم ،يأدون فروض الطاعة على بلاط الساسة في الشمال حيث الراحة وطيب المقام وإستلام المخصصات مقابل الأرواح التي تُهدر من أبناء الشعب السوداني عامة وشعب النيل الأزرق وكردفان ودارفور بصفة خاصة،أما البراءون فهؤلاء مدخرون للمستقبل البعيد الذي يعد له كرتي بالعودة للسيطرة والحكم فوق جماجم الغلابة .

هذة الحرب أظهرت مساوي وضعف وطمع االقوى السياسية ولهثها وراء التكسب الرخيص والمتاجرة بمعاناة،الشعب السوداني،والتزحلق السياسي للوصول للسلطة .

منذ الساعات الأولى لإندلاع الحرب ظهرت حقيقة التأمر والتنسيق الممنهج بين الدولة المركزية العميقة وجماعة الأخوان المتطرفة، وعصابة البرهان،الذين رسموا وخططوا لتنفيذ المجازر الشنيعة بحق قوات الدعم السريع وقاموا بقتل الموفجين العُزل في كرري ،وإستهدفوا كافة مقار قوات الدعم السريع ظناً منهم بأن تفوق سلاح الجو يمكن أن يحقق لهم النصر ويعودوا للسلطة في 《٧٢ساعة》 كما زعموا،ولكن هيهات!فقد تكسرت عزيمتهم وضاعت أحلامهم وتفاجأوا بقوة وشجاعة قادة قوات الدعم السريع و جدارتهم الميدانية وإستطاعتوا في ثواني معدودات إمتصاص الصدمة الأولى للهجوم الغادر من جيش البرهان وعصابة الكيزان ،ثم توالت الإنتصارات المتتالية للدعم السريع ميدانيا،وإنقلبت المُعادلة وأصبحت اليد العُليا لقوات الدعم السريع في المعارك الميدانية ،وظهرت الملاحم التاريخية في ثوب زاهي سطره أشااوس قوات الدعم السريع ورسموا فيه ملامح الشباب السودانيين التواقيين للإنعتاق من صلف الدكتاتورية والإغتسال من دنس النخبوية المركزية التي درجت على تدجين أتباعها دون وعي وإدراك،فكانت كلمات الشاعر الشاب الشهيد “إبراهيم فيناوي” تُجسد النضج الفكري لجنود الدعم السريع الثوريين.

لم تجد إستخبارات الجيش الكيزان مخرج فكان اللجوء للخُطط الخبيثة التالية التي بدأوها بكسر السجون وإخراج المجرمين وإطلاق أيادي كتائب ظلهم ليعملوا على ترويع الأهالي وإرتكاب جرائم السرقات والإغتصابات الممنهجة والقتل و محاولة إلصاق التُهم بقوات الدعم السريع التي هزمتهم ميدانيا وإستولت على كافة المواقع الحيوية في العاصمة الخرطوم بمُدنها الثلاث،وجُزءاً كبيراً من الولايات السودانية الأخرى.

لا أذيع لكم سِرا إن قُلت : هناك تباطوء مقصود من القوى السياسية السودانية ،والفاعليين الدوليين وبعض القوى الخارجية ،الذين حاولوا جميعاً السعي وراء الإستثمار في هذة الحرب اللعينة.

بعض القوى الخارجية تعمل الآن على إضعاف القوتين المتقاتلتين -(الجيش والدعم السريع)- ولا تريد إنتصار لأي طرف منهما على الأخر ،بل تبحث عن سُبل لتركيع الطرفين من أجل فرض واقع جديد عليهم يخدم مصالح تلك القوى الخارجية.

ذات النزعة موجودة في نفوس بعض القوى السياسية السودانية المناهضة لجماعة الأخوان في السودان لكنها تخاف من بطشهم وتحاول المداهنة معههم،و تُريد من قوات الدعم السريع كسر شوكة الحركة الإسلامية والقضاء عليها ،ومواجهة بندقية الكيزان وتحطيمها ،ثم تأتي تلك القوى السياسية بدعم من الحلفاء الإقليميين والدوليين للضغط على طرفي النزاع -(الجيش+قوات الدعم السريع)-وإخراجهم من المستقبل السياسي والإقتصادي في السودان ، لتحكم تلك القوى السياسية السودان، وهي تعبر على سِجاد دماء الشهداء من قوات الدعم السريع وضحايا الشعب السوداني الغلابة الذين حصدت أرواحهم القصف الطيراني و البراميل المتفجرة.

لذلك نشاهد الآن بعض الهزيان في تصريحات القيادات السياسية وتباكيها الكذوب على بعض المظاهر السالبة المصاحبة للحرب،وهم يعلمون يقيناً بأن هذة الحرب جاءت مُثقلة برواسب ثلاثين عاماً من حُكم الإنقاذ الفاسد المفسد،وأن مُعظم الجرائم الممنهجة المُرتكبة في هذة الحرب مُدبرة من إستخبارات الجيش وكتائب ظل الكيزان،ولكنهم كقوى سياسية وأفراد نخبويين يشعرون بالغيرة من القائد “محمد حمدان دقلو” وتقدمه عسكريا وسياسيا وجوده الفاعل في الراهن السياسي رقم يصعب تجاوزه ،لذلك يظهرون هذة التصريحات التي لا تتماشى مع الواقع ويسعوا لتضخيم الأحداث الفردية وإخراجها بمظهر السلوك الجمعي ظناً منهم بأن هذا المنحى سيشكل ضغطاً على قيادات الدعم السريع ويضعها في كفة واحدة مع قادة الجيش المجرمين وجماعة الأخوان المطلوبين للعدالة،وتخلوا بذلك ساحة للمدنيين والنخب السياسية للسيطرة على مفاصل الدولة.

هذة النظرة التي تشوبها روح الأنانية أطالت أمد الحرب في السودان ،وضاعفت المعاناة على المواطن السوداني،وما زال في الأفق إنسداد تام،بينما التحشيد للحرب من قِبل جماعة الكيزان في تزايد متواصل، بينما محاولة تحويل الصراع نحو الحرب الأهلية الشاملة مستمر من قبل هذة المجموعات الإسلامية المتطرفة التي لا تبالي في إقحام السودان في أتون الصراعات الإقليمية .

ولنا عودة بإذن الله

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *