بابكر فيصل: ماضون في اتجاه تكوين حكومة مدنية بالكامل، وحكومة بورتسودان غير شرعية وما تستند له غير شرعي.
في هذه المقابلة، يقدم عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل، عدد من الإجابات التي طرحتها «التغيير» بدءا من الواقع الذي فرضته حرب الخامس عشر من أبريل العام الماضي، وانعقاد المؤتمر التأسيسي لـ «تقدم»، إلى جانب الحديث عن مستقبل العملية السياسية السودانية.
التغيير: بلو نيوز الإخبارية-
ما هو التقييم العام للمؤتمر التأسيسي لـ «تقدم» وما هي أبرز التحديات والعقبات؟
المؤتمر حسب تقييمنا حقق نجاحا كبيرا، -خصوصا- مع الصعوبات التي واجهت لجنة التحضير في الوصول للمؤتمر بعد أن تأخر أكثر من مرة، بسبب العقبات المرتبطة بالأمور الإدارية وخروج المشاركين من داخل وخارج السودان والتواصل مع مختلف الأطراف والفئات، فكانت تحديات كبيرة، لكن اللجنة التحضيرية قامت بعمل كبير استمر لأكثر من ثلاثة شهور، وظهر ذلك في الافتتاح، ونسبة الحضور قاربت الـ(95)% من المشاركين، وكانت عملية حقيقية بدأت من القواعد، وليست عملية صورية، والتصعيد فيها تم من مستوى المحليات إلى المستوى القومي والمشاركات الخارجية والمشاركات النوعية من مختلف الفئات المجتمعية، وجميع هؤلاء شاركوا في كلمات الافتتاح من المزارعين والرعاة ورجال دين ورجال أعمال وغيرهم.
وهل أنتم في اللجنة المنظمة للمؤتمر راضين عما تم حتى الآن؟
نحن راضون تماما عما تم ونتمنى بقية الأيام وصولا إلى الجلسة الختامية وصدور البيان الختامي تسير الأمور بنفس الوتيرة.
وما هو المتوقع من قيام المؤتمر التأسيسي؟
نتوقع هدفين رئيسين من قيام المؤتمر الهدف الأول هو التركيز على المعاناة الإنسانية، وظهر في اليوم الأول خلال الجلسة الأولى كانت مخصصة للموضوع الإنساني، وبرز فيه وجه تقدم المتقدم في التعامل مع القضية الإنسانية، والهدف الثاني هو الرؤية السياسية لما بعد مرحلة المؤتمر والتأسيس واختيار الهياكل الدائمة لتقدم والرؤية على أمور كثير منها مقترحة تم التركيز عليه بشكل كبير وهو مقترح قيام المائدة المستديرة بين الأطراف السودانية للوصول إلى النقاط المشتركة في القضايا الأساسية المرتبطة بإيقاف الحرب وانطلاق العملية السياسية، الهدف الثالث هو لإجازة النظام الأساسي وتكوين الهياكل الدائمة والثابتة لتقدم وهي الأهداف الرئيسة باكتمالها ينتهي المؤتمر، ونبدأ في المرحلة القادمة من حشد كل الموارد والطاقات من أجل إيقاف الحرب.
ما هي الوسائل التي ستتبعونها لإيقاف الحرب واستعادة التحول المدني الديمقراطي؟
وسائلنا المعروفة التواصل الجماهيري مع كافة قطاعات الشعب السوداني ومع القوى السياسية والتواصل الدبلوماسي مع القوى الإقليمية والدولية.
ذكرتم في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بأنكم تعملون على توسيع المشاركة هل من تصور لتحالف مستقبلي أم ستبقى تقدم كما هي؟
قد تكون لاحظت حتى هذا المؤتمر ليس مثل الاجتماع الأول الذي تم في أديس أبابا في أكتوبر من العام الماضي بحيث إن منذ ذلك التاريخ قررت تقدم أنها تنفتح على مختلف القوى السياسية والمجتمعية والشبابية وتنظيمات المرأة، وكل مكونات المجتمع السوداني، وفي الحقيقية مع القوى السياسية خلقنا حلقات تواصل مع الحزب الشيوعي ومع حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) ومع حركة عبد العزيز الحلو وحركة عبد الواحد ومع مختلف قوى الثورة، بحيث ندعوها إلى الانضمام إلى «تقدم» أو في حال تعذر انضمامها إلى «تقدم» فمن الممكن التنسيق معها أجل الوصول لمرحلة العملية السياسية، وقبل ذلك مقترح المائدة المستديرة، وحتى هذه اللحظة تلقت «تنسيقية تقدم» أكثر من 80 طلبا للانضمام، نظرنا فيها بإجازة (20) طلباً شاركوا في المؤتمر التأسيسي، ونعمل على دراسة بقية الطلبات، ونحن منفتحون على كل الإضافات، والسودان أكثر حاجة إلى أكبر جبهة مدنية تمثل قطاعات الشعب السوداني، بالتالي نحن غير منغلقين ومنفتحين على كافة السودانيين.
على ذكر الإضافات… دكتور عبد الله حمدوك وقع إعلان مع وعبد العزيز الحلو من جهة وعبد الواحد نور من جهة أخرى بصفته رئيس وزراء سابق، وليس كرئيس للتنسيقية… ما هو تعليقكم على ذلك؟
نحن في «تقدم» قررنا ضرورة الوصول لكل القوى السياسية والحركات وغيرهم بأي شكل من أجل الانضمام، ولذلك نلتزم بالشكليات، مثلا حركة عبدالعزيز الحلو وافقت أن توقع معنا باسم تقدم والآن عندها وفد مشارك بصفة مراقب، بينما رفضت حركة “عبدالواحد” وقالت إن لديها رؤية أكبر من تقدم. بسبب كل ذلك لم نتمسك بهذه الشكليات، وتم التوقيع على (إعلان نيروبي). وهذه ستكون طريقتنا في التعامل مع كل القوى السياسية، ونحاول التداخل معها لجذبها لمصلحة الكتلة الديمقراطية المدنية الكبيرة.
هل وقعت الحركة الشعبية اتفاقا بذات الأجندة المطروحة من تقدم؟
الحركة الشعبية وقعت على (إعلان نيروبي)، وإن كان به بعض الاختلافات الطفيفة، إلا أنه يمثل «تقدم» وهو يذهب في صالح تأسيس الرؤية الجديدة لما بعد الحرب، كما أن هنالك بعض النقاط البسيطة سنواصل الحوار فيها مع الأطراف عبدالعزيز وعبدالواحد بعد تكوين هياكلنا الدائمة إلى أن نصل لاتفاق كامل.
هل لديكم معلومات عن استئناف مفاوضات جدة قريبًا؟
حتى اللحظة لا توجد أي تفاصيل لاستئناف مفاوضات جدة، ونحن على تواصل مع الوساطة والمسهلين حتى يوم أمس لم تحدد تاريخاً معيناً لاستئناف المنبر، لكن الجهود مستمرة، ونتوقع أن يستأنف في المدة القريبة القادمة.
هناك حديث عن توسعة للمنبر بإضافة دول جديدة. ما حقيقة ذلك؟
توسعة منبر جدة تم سلفا في المفاوضات التي جرت في المنامة، وكانت بواسطة خمسة مسهلين؛ الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية، جمهورية مصر والبحرين.
على هامش اللقاءات التي تمت في مؤتمر باريس ذكر للمبعوث الأمريكيت في صريح أن الوساطة في جدة وافقت على توسيع المنبر بحيث يضم الإمارات ومصر، إلى جانب المنبر ضم الاتحاد الأفريقي والإيقاد منذ مفاوضات جدة الثانية في أكتوبر الماضي،هذه المشاركة تجعلنا مطمئنين بأن كل الأطراف الفاعلة والمؤثرة في القضية السودانية موجودة في جدة.
وهل سيضم المنبر الإسلاميون خاصة وأنهم ما زالوا فاعلين في المشهد بعد عام من الحرب؟
الإسلاميون سيظلون دعاة لاستمرار هذا النزيف الذي أشعلوه، ومنذ قيام الثورة عقدوا العزم على أن يعرقلوا طريقها بدءا بمسيرات الزحف الأخضر ورفع سعر الدولار والمضاربة فيه وإطلاق عصابات “تسع طويلة” إلى جانب إغلاق الميناء وغيرها، مرورا بالانقلاب العسكري الذي تم في 25 أكتوبر 2021، وصولا إلى الحرب التي يريدون استمرارها حتى تتم مكافأتهم بأن يكونوا جزءا من العملية السياسية، وهذا ما نرفضه تماما نحن في تقدم…
إن المؤتمر الوطني ليس حزبا سياسيا طبيعيا، فهو لديه كيانات وكتائب ومليشيات مسلحة، وفي هذه اللحظة، فإنها تحارب على الأرض، “البنيان المرصوص” و”البراء” و”الفرقان” …الخ.
المؤتمر الوطني لديه نواة صلبة موجودة في القطاع الأمني والعسكري وجهاز المخابرات والشرطة والجيش،. بدأنا تقليل دوره في أثناء حكومة الفترة الانتقالية، لكنه عاد عقب الانقلاب بالكامل والآن يسيطر على جهاز الدولة، وعلى “بيروقراطية” الحكم في السودان.
كما أن حزب المؤتمر الوطني تمكن خلال ثلاثين سنة من السيطرة على كل مفاصل الاقتصاد في السودان، وبالتالي إذا لم يكن هناك ضمان لتحجيمه وخلع الامتيازات عنه، فسنظل “ندور” في هذه الحلقة المفرغة، ولن نصل إلى ديمقراطية فاعلة.
لذلك لن نستجيب للابتزاز، وسنسعى مع جماهير الشعب وكافة القوى للضغط في اتجاه إبعاد هذا الحزب من أي عملية سياسية قادمة.
ولكن هنالك تحركات دولية وإقليمية متمثلة في الاتحاد الأفريقي لعقد لقاءات مع المؤتمر الوطني تمهيدا لإشراكهم في العملية السياسية.. ما مرة أخرى؟
لدينا معلومات كاملة عن أن هناك جهات إقليمية ودولية تسعى لإشراكهم، ونحن الآن في رؤيتنا السياسية كما ذكرت طرحنا وتصميم عملية سياسية بأطرافها ومائدته المستديرة، وبكل ما يتعلق بالقضايا المفترض أن تُناقش،
من جانبنا سنطرح هذا الأمر للشعب السوداني والقوى السياسية وكافة الفاعلين والمجتمعين الإقليمي والدولي، ولن نخضع لأي نوع من الضغوط.
في فترة قوى الحرية والتغيير، كان هناك محاولة من ذات الجهات لإشراك المؤتمر الوطني بمشاركة المبعوث الأممي في حينها “فولكر بيرتس و”برهان” و”حميدتي” وجماعة اعتصام ما يسمون أنفسهم بالكتلة الديمقراطية، ونحن قطعنا الطريق على هذه المحاولة، وفشلت وهو الأمر الذي سنفعله حالة أصروا على إشراك الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني.
نحن لن نخضع لأي نوع من الضغوط لجهات إقليمية أو دولية، وفي الوقت نفسه نحن منفتحون على كافة القوى السياسية عدا “المؤتمر الوطني” حتى هؤلاء الذين يساهمون، ويشاركون في الحرب الآن، ليس لدينا مانع للجلوس معهم إذا أعلنوا وقوفهم مع وقف الحرب وعدم استمرارها، وأعلنوا أنهم سينضمون إلى ركب العملية السياسية.
المجموعات التابعة للإسلاميين، والتي تقف إلى جانب المؤتمر الوطني الآن هل يمكن أن تكون جزءا من منبر جدة؟
لا يمكن بأي شكل من الأشكال؛ لأن هؤلاء مليشيات خارج إطار القانون، وهذه المليشيات حزبية، ومن يتفاوضون في منبر جدة طرفي الجيش والدعم السريع، وإذا كل طرف يكون مليشيات جديدة وتقنن الفوضى، فوضى الكتائب وفوضى السلاح، وهذا الأمر سعينا منذ اندلاع الحرب، وبالتالي أي اتجاه لشرعنة هذه المليشيات مرفوض.
برأيك هل ستكون البيئة في السودان مواتية لوجود الجماعات الإرهابية؟
منذ بداية الحرب حذرنا من أن هنالك مخاطر ثلاثة تمشى في التطور، والآن وصلت ذروتها، الخطر الأول التدخل الإقليمي السالب في الشأن السوداني، والخطر الثاني هو ازدياد الانقسامات الجهوية والإثنية في السودان وخطاب الكراهية وتقسيم البلد، والخطر الثالث دخول الجماعات المتطرفة، وهذا بدأ بالفعل، وشاهدناه في قطع الرؤوس وأكل الأحشاء وما إلى ذلك.
البيئة في السودان الآن جاذبة للجماعات المتطرفة، لذلك أننا ندعو إلى وقف الحرب بأسرع ما يكون حتى نستطيع أن نلحق السودان، لأن السلاح أصبح في يد أي شخص، وبالتالي إذا لم يتم وقف الحرب والانتقال بسرعة شديدة للعملية السياسية، وقبلها عودة المواطنين إلى منازلهم ورجوع الحياة الطبيعية، فإن خطر الإرهاب ماثل وواقع في أرض السودان.
مساعد قائد الجيش ياسر العطا ذكر في لقاء إعلامي أنهم سيفتحون قاعدة عسكرية في البحر الأحمر لروسيا وأمريكا. كيف تنظرون إلى ذلك؟
هذا الحديث في غاية الخطورة، ويشير إلى عدم الشعور بالمسؤولية -خصوصا- أنه يصدر من قيادة القوات المسلحة،.
هذا الأمر ليس ملك للقوات المسلحة، وهو أمر يرتبط بالأمن القومي السوداني ومستقبل السودان، ولا يمكن إطلاق الحديث على عواهنه في مثل هذه القضايا.
إن إطلاق الحديث على عواهنه هكذا في لقاء إعلامي عن فتح البلد لقواعد أمريكية أو روسية أو سعودية، هذا الحديث إذا صدر من أي جهة مدنية ستتهم بجريمة الخيانة.
نحن نرفض هذا الأمر رفضا تاما، لأنه يمس سيادة السودان الحقيقية واستقلاله، وهذا الأمر خاص بالشعب السوداني يقرره برلمان منتخب.
“حكومة بورتسودان” تعمل على إلغاء الوثيقة الدستورية، وقطعت شوطا في إعداد دستور تمهيدا لتشكيل حكومة.. كيف ترون ذلك؟
هذا الحديث سيتم إجازته في رؤية المؤتمر، وبالنسبة لنا كقوى سياسية مدنية إن الوضع الدستوري بالنسبة لنا غير شرعي منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، ولا توجد حكومة شرعية في السودان، كما أن الاتحاد الأفريقي جمد عضوية السودان، وبالتالي زالت كل الشرعية. وتم تجميد الوثيقة الدستورية، وأصبحت غير واردة بالنسبة لنا، وأي نوع من الشراكة بين العسكريين والمدنيين مرفوضة.
نحن الآن ماضون في اتجاه تكوين حكومة مدنية بالكامل، وبالتالي فإن هذه الحكومة غير شرعية وما تستند له غير شرعي، وإذا حاولت أن تكوين أي حكومة، فستكون غير شرعية أيضا.
هنالك مطالب بتكوين حكومة منفى موازية لحكومة بورتسودان هل هنالك أي اتجاه لـ«تقدم»لتكوين حكومة؟
هذا الرأي أصبح سائداً لدى أطراف عديدة، لكننا في «تقدم» لم نناقش مثل هذا الأمر، كما أنه ليس من أجندات هذا المؤتمر الخروج بتشكيل حكومة لعدة أسباب متعلقة بتجارب “حكومات المنفى” الفاشلة التي تمت في دولة مشابهة لحالة السودان، سواء في سوريا أو غيرها. إلى جانب أن الواقع الذي فرضته الحرب جعل القوى المدنية غير موجودة على الأرض.
أي إصرار على تكوين “حكومة منفى سيعمل على تشويش الواقع، وقد يمهد لانقسام يماثل ما حدث في ليبيا واليمن، مما قد يؤدي إلى سيناريو التقسيم الذي نخشى أن تدخل فيه بلدنا، وبالتالي هذا الأمر يحتاج إلى رؤية عميقة قبل الشروع فيه.