القيمة الاستراتيجية لمدينة سنجة.
خالد إسماعيل:
“القيمة الاستراتيجية لمدينة سنجة.”
في خطوة مفاجئة سيطرت قوات الدعم السريع اليوم السبت، على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، معلنة بسط سيطرتها الكاملة على المدينة ومقر الفرقة السابعة عشرة مشاة التابعة للجيش، هذه العملية ذات أبعاد استراتيجية كبرى وذات تأثير اقتصادي واجتماعي وسياسي كبير.
وقد أتبع الدعم السريع تكتيك متقدم، ويبدو واضحاً أنه يمتلك مطبخ محترف لرسم وبناء وتنفيذ الخطط العسكرية بتفكير خارج الصندوق، يتفوق على الجيش وقادته الذين أصبحوا أسرى لخطط الكلية الحربية الورقية وتفكير الأفندية اللئيم «مصنع إنتاج الأزمات في السودان».
وتقع مدينة سِنْجَة في الضفة الغربية للنيل الأزرق وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 360 كيلومتر باتجاه الجنوب الشرقي، وعن مدينة سنار حوالي 60 كيلومتر، وهي عاصمة ولاية سنار وتتميز بتنوع بيئتها الطبيعية والسكانية وبثروتها الحيوانية ومواردها المائية، وبها محطة أبحاث بيطرية كبيرة وسوقاً كبيرة للمحاصيل أهمها محصول الصمغ العربي وهي من المدن التاريخية وموطن أقدم كشف أثري أحفوري للإنسان في السودان.
تنبع القيمة الاستراتيجية لمدينة سنجة من أنها تشكل ملتقى طرق رئيسيي، وبسيطرة الدعم السريع على جبل مويه والآن مدينة سنجة بات الطريق ممهداً للوصول إلى مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق، كما أن سنجة كانت الطريق الوحيد الذي يربط ولايات شرق السودان بعد سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة «ود مدني» وقد احكم سيطرته عليها.
وبهذه الخطوة أصبح الدعم السريع عملياً متمكن من خطوط وطرق الإمداد لعدد من الولايات هي: النيل الأزرق والنبيل الأبيض وولايات الغرب كافة، حيث تمتد عملية التأثير بطريقة غير مباشر إلى ولايات كردفان «جنوب وغرب وشمال كردفان» التي يصلها الإمداد عبر كبري كوستي بولاية النيل الأبيض.
كما بات الدعم السريع يسيطر على طريق «سنار – ربك – سنجة» عبر جبل مويه الذي يشكل تقاطع استراتيجي مهم وبذلك أيضاً يمتد تأثيره لخنق المناقل.
وتتميز سنجة بنشاط اقتصادي كثيف تشكل الزراعة مصدر الدخل الرئيسي فيه، كما تشكل أهم قطاعات الاقتصاد في سنجة إلى جانب تربية الحيوان والخدمات، وتوجد بها مشاريع زراعية كبيرة أهم محاصيلها هي الذرة والسمسم، والصمغ العربي، إلى جانب الموز الأمريكي والجوافة والمانجو و(الموز)الخضروات التي تنتجها البساتين المقامة على ضفاف النيل الأزرق.
كما توجد في سنجة أكبر محطة أبحاث بيطرية، لخدمة الماشية وأبرزها الأبقار المحسنة النسل المعروفة بأبقار كنانة، والأبل، والضأن والأغنام.
اُختيرت سنجة في بداية الإنجليزي المصري للسودان، عاصمةً لمقاطعة عرفت بمديرية الفونج، قبل أن يتم إلغائها وتأسيس مديرية جديدة باسم مديرية النيل الأزرق وعاصمتها مدينة ود مدني وتحولت سنجة عاصمة لمجلس ريف شمال الفونج.
ومدينة سِنْجَة عاصمة ولاية سنار، يُسجّل لها التاريخ أنها موطن أقدم كشف أثري أحفوري للإنسان في السودان، وكانت عاصمة ودارا للملوك في حقب تاريخية سابقة ومثّلت بوتقة انصهرت فيها مختلف الأعراق السودانية وتشكّل مثالا ونموذجا للتنوع في شتى المظاهر.
وتتمتع المنطقة بثروة حيوانية هائلة تقدر بحوالي 12 مليون رأس من الماشية، وتوجد بها ثروة غابية ضخمة تقدر بـ 2 مليون فدان، وتعتبر من أهم مناطق السودان في صناعة الأثاث الخشبي وفيها مراع كبيرة، وتشكل مناطق العزازة والرماش، مراع طبيعية للماشية حيث تتوفر الأعشاب والمياه السطحية ممثلة في المستنقعات إلى جانب الغابات ومنها القعرة والعزازة وتسودها أشجار الطلح والهشاب.