حاتم الياس: ابعاد “الكيزان” عن “الجيش” .. ام حل “الجيش” نفسه!

15
حاتم الياس

ابعاد “الكيزان” عن “الجيش” .. ام حل “الجيش” نفسه!

بقلم الأستاذ: حاتم الياس

واحدة من الاخطاء من وجهة نظري التي  تورطنا فيها كقوى مدنية عبر تاريخنا في توصيف الازمة السودانية بشكل عام. وتجليها الأكبر في هذه الحقبة الإنقاذية ، بشقيها الممثل  في عهد البشير والبرهان.  هو اننا  نعتقد ان الازمة كلها تكمن في سيطرة الإسلاميين على الجيش وتوظيفهم لهذه المؤسسة وما ان تنتهي هذه السيطرة ويعود الجيش للثكنات بحسب الشعار الحالم.. ! وبعدها ستستعدل عربة الديمقراطية في طريق الحكم المدني المعبد  بالحريات والتداول السلمي . اعتقد اننا وقعنا في خطأ لازمنا منذ الثورة  حتى هذه اللحظة التي تدور فيها الحرب وهو بالقول ان الإسلاميين يسيطرون  على الجيش ، لكن واقع الأمر أن الإسلاميين او الكيزان هم أنفسهم  مطية الجيش وهو الذي يسيطر  عليهم وليس العكس. وعلاقتهم مع الجيش (دون إنكار بالطبع لوجودهم في الجيش) تشبه إلى حد كبير علاقة (الرعاية) كما في الصيغ الإعلانية حين تتولى الشركات التجارية الكبرى منشط ما  او احتفال ويقال هذا الاحتفال برعاية كذا. فالجيش في واقع الأمر  في كل حقبة  يحتاج إلى قوة سياسية تقوم بدور المعبر عنه داخل المجال السياسي الوطني ، أي بمعنى حليف طبقي يقوم بأعمال توضيب وتشطيب الايدلوجيا والخطاب السياسي للجيش وسلطته  في المجال السلطوي ويروج لشرعيته. وهذه السلطة في الأصل هي الإطار البنيوي التاريخي الأساسي الذي يضطلع بمهام إدارة السلطة كسياق طبقي يحافظ على ديمومة علاقات الهيمنة في دولة مابعد الاستعمار . وفي كل مرة يستبدل الحيش / الطبقة وسائل وادوات الخطاب السياسي الذي يعبر عن وسلطته ، ذلك بحسب طبيعة القوى السياسية الصاعدة وتأثير التيارات الايدلوجية  في العالم وتقاطعها مع الصراع السياسي في المجال الوطني وتبنيها من النخب في الصراع السياسي. لذا  انا بفتكر انو الإسلاميين حالة عارضة وليست اساسية في المشهد بل حالة في طريقها للافول  محليا وعالميا.  لكن الجيش وهنا بعبارة جيش كما اسلفنا  لانعني المؤسسة فقط ولكن المؤسسة كاداة طبقية الاحتكار العنف والثروة والسلطة ببعدها التاريخي تحتاجهم ككيان يعبر عنها خصوصا في هذه الحرب إلى يظهر كيان جديد تتم محاولة تشكيله من المليشيات البلابسة التنظيمات الموالية له  وحتى كيكيل ليكون نواة سياسية تحل محل الإسلاميين . باختصار هنا نود ان نقول ان الازمة ليست في تغلقل الإسلاميين في الجيش او سيطرتهم على القرار فيه يبدو لي هنا اننا اخطأنا في قراءة وتحليل المشهد او ان أحدهم بذكاء يريد أن يورطنا في هذا التفسير الذي تبنته القوى السياسية المناهضة للحرب مناهضة للكيزان ، لأن واقع الأمر يقول ان أزمتنا التاريخية  في الجيش نفسه وانه هو في الواقع  الذي يوظف الجميع من أجل تكريس واستمرار هذا العطب التاريخي المتمثل في حالة الحروب وعدم الاستقرار . لذا سيكون من الأفضل أن لانتحدث عن ابعاد الكيزان عن الجيش وكان كل الازمة والمشكلة هنا هم الكيزان. وهو من وجهة نظري طرح سياسي بسيط لكنه ليس ساذجا لانه يبحث أيضا عن صيغة تحالفية مختلفة مع السلطة التاريخية (لكن بس داير يقول ليهم انا باكلكم وبشربك وبنغنغكم لكن اقعدوا لينا  في الثكنات بمعنى حقكم محفوظ بالثكنات) لكن اعتقد ان  الحديث المباشر يجب أن يمضي بأتجاه  أكثر جذرية  في معاينة  الازمة السودانية  ، وهو حل الجيش نفسه وتكوين جيش جديد لنج. من كل القوى العسكرية المليشيات الموجودة في السودان وبذلك تستطيع  استئصال  ذاكرة الأنقلابات وسعار السلطة . فيجب أن لانخطئ في اتجاه التفسير او نكون حالمين  لان نزعة واتجاه الجيش في أن يكون ضد اي حركة شعبية تسعى لتغيير  علاقات السلطة التاريخية هي حالة بنيوية أصيلة هو نفسه في الواقع كمؤسسة تم بنائة استعماريا كآلية قمع لضبط التناقضات ولجمها يعني حالة موضوعية وليست مجرد اختيار في ان الجيش لديه هواية الإنقلابات والحكم. بالتالي اي حراك وتغيير شعبي سيكون  الجيش له بالمرصاد وسيحدث مرة أخرى أكثر من مائة إنقلاب. غدا سيذهب الكيزان (غير ماسوفا عليهم) فستوفر البنية السياسية والاجتماعية تنظيمات أخرى مستعدة لان تكون الحليف السياسي للجيش وتتبنى رؤيته السلطوية في الحكم. وهكذا تستمر دورة التخلف والحروب الأنقلابات وتكون حالة عدم الاستقرار هي نفسها النمط الأصيل الذي يميز سياق حياتنا السياسية  والطريق المثالي للطبقات الحاكمة  للحكم ونهب الثروات.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *