خسارة سياسية لحكومة بورتسودان: تقرير أممي يُسقِط ادعاءات تورّط الإمارات في حرب السودان

خسارة سياسية لحكومة بورتسودان: تقرير أممي يُسقِط ادعاءات تورّط الإمارات في حرب السودان
بلو نيوز: 2025م
تقرير: منعم سليمان
قدّم فريق الأمم المتحدة المعني بالسودان، والمكوّن من خمسة خبراء، تقريره النهائي لمجلس الأمن الدولي، والذي سلّط الضوء على الانتهاكات واسعة النطاق التي ارتكبتها أطراف الحرب، وشملت الغارات الجوية العشوائية، والهجمات على المدنيين، وجرائم العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، إلى جانب استخدام منع وصول المساعدات الإنسانية كسلاح.
وقد اتفق أربعة من الخبراء الذين فحصوا بدقة متناهية على أن ما تردّده حكومة الجيش السوداني في بورتسودان من مزاعم عن اشتراك إماراتي مباشر في الحرب، وتقديم دعم عسكري ولوجستي لقوات الدعم السريع، لا توجد أدلة على أرض الواقع تشير إلى صحته.
لا توجد أدلة:
استبعد التقرير الاتهام الأخير المتعلّق بتدخل عسكري مباشر من قبل دولة الإمارات لصالح قوات الدعم السريع، حيث لم يتطرّق إليه، باعتباره محض اتهام باطل وزائف ولا دليل عليه، وإنما يأتي في سياق الدعاية الحربية والسياسية التي يقودها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وأذرعها السياسية والعسكرية في السودان.
أما بالنسبة للاتهام الأول المتعلّق بالدعم العسكري واللوجستي الإماراتي، فقد بحثت اللجنة في الأدلة والشواهد والشهادات والإفادات، ولم تتمكن من إثباته؛ إذ إن كل ما توصلت إليه هو أنها رصدت بعض الرحلات الجوية من الإمارات إلى مطار منطقة (أم جرس) في جمهورية تشاد (المجاورة للسودان والمتاخمة لإقليم دارفور غرب السودان)، لكنها أكدت أنها لا تملك دليلاً واحداً على أن هذه الرحلات كانت تحمل معدات عسكرية، أو بغرض إيصال أسلحة أو أي نوع من الدعم المتصل بالحرب.
ويُشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة أنشأت، منذ بداية الحرب وعقب موجات النزوح واللجوء الكبيرين من المواطنين السودانيين إلى تشاد، مستشفى كبيراً في أم جرس، تديره بعثة إنسانية إماراتية، لتقديم الرعاية الصحية والخدمات الإغاثية للاجئين السودانيين.
انهيار القضية:
دحض التقرير النهائي لفريق الخبراء مزاعم وادعاءات حكومة الأمر الواقع في بورتسودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، المتعلقة بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح ومشاركتها المباشرة في الحرب الدائرة في السودان لصالح أحد أطراف النزاع، وهي المزاعم التي بنت عليها حيثيات الشكوى التي تقدمت بها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد الإمارات، ما يعني انهيار أعمدة الشكوى وبالتالي خسارتها.
ويُذكر أن تصعيد حكومة الأمر الواقع في بورتسودان ضد أبوظبي تقف خلفه جماعة الإخوان المسلمين، التي حكمت السودان عبر انقلاب عسكري على حكومة ديمقراطية في يونيو عام 1989 واستمر حتى أبريل 2019، حيث أطاح بها السودانيون عبر احتجاجات شعبية عارمة انتهت إلى تشكيل حكومة مدنية انتقالية بقيادة عبد الله حمدوك. ولكن سرعان ما انقلبت عليها الجماعة بانقلاب قاده قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، في 25 أكتوبر 2021، والذي تنصّل منه لاحقاً حميدتي واعتذر عنه بعد معرفته بارتباطه بتنظيم الإخوان المسلمين، المعروف سودانياً بـ(الكيزان)، وهو ما أدى إلى إشعال الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، عبر تنظيمهم العسكري داخل الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية.
دور إعلام الإخوان:
تتبنّى منصات وغرف إعلامية تابعة لحزب المؤتمر الوطني المخلوع، الذي يُمثّل الذراع السياسية لتنظيم جماعة الإخوان، ومنصات خارجية تتبع للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الترويج لدور إماراتي في الحرب التي تخوضها مع قوات الدعم السريع. ولا تكتفي حكومة بورتسودان بذلك، بل تستخدم في هذه الدعاية المُغرضة منصات غربية عبر رشى وأموال وتمويلات تدفعها دولة خليجية معروفة بدعمها للجماعة.
غياب الأسس القانونية:
بناءً على الخلاصة التي توصل إليها التقرير الأممي، الذي أعدّته لجنة من الخبراء الدوليين على مدى عامين كاملين، فإن أكاذيب وضلالات وزيف ما درجت عليه الجماعة (الكيزانية) من اتهامات باطلة بحق دولة الإمارات العربية المتحدة، لا تُسدل الستار على هذه الشكوى فحسب، بل أيضًا على الشكوى التي تقدّمت بها حكومة بورتسودان إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
فالجماعة، وكعادتها، لا تمتلك ما يُسعفها للاستمرار في هذه القضية، خصوصاً أنه، وبناءً على تقرير لجنة الخبراء المعنية، لم تعد هناك أي فرصة قانونية أو واقعية لحكومة بورتسودان للاستمرار في شكواها ضد دولة الإمارات، وليس أمامها سوى الانسحاب، أو الاعتراف بعدم المصداقية، في ظل انعدام الأدلة وتهاوي مبررات الاتهام.