بعد دخول الحرب عامها الثالث .. السودان إلى أين؟.

بعد دخول الحرب عامها الثالث .. السودان إلى أين؟.
بلو نيوز : عين الحقيقة
16 ابريل 2025م
بدأت بوادر حرب السودان منذ أن نفذ الجيش السوداني وحلفائه الإنقلاب العسكري في 25 – أكتوبر 2021م والذي أطاح بحكومة الثورة والتي كان يترأسها د.عبدالله حمدوك وتحالف الحرية والتغيير، بمزاعم تصحيح مسار الثورة التي لم تكن ضد القوات المسلحة إطلاقاً، والتي كان من بين اهدافها ولايزال هو إصلاح المؤسسة العسكرية، فيما لايختلف اثنان في انها بحاجة إلى ذلك، وهذه كانت خطوة مهمة في صالح ذات المؤسسة التي قامت بالانقلاب مروراً باندلاع الحرب، ومع دخول النزاع عامه الثالث يظل السؤال الاساسي قائم وهو الى اين يتجه السودان؟.
وتسببت الحرب الدائرة التي إندلعت في 15 – أبريل – 2023م بين الجيش السوداني والدعم السريع قبل عامين في مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليونا، وبسببها شهد السودان أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم، حيث استقبلت دولة تشاد لوحدها (767) ألف لاجئ سوداني، من جملة (3.9) ملايين شخص عبروا الحدود إلى دول الجوار، منهم (1.5) مليون شخص استقروا في مصر و(341) ألف فرد وصلوا إلى جنوب السودان وفقا للأمم المتحدة.
وتسبب النزاع القائم في دمار القاعدة الصناعية والأنشطة التجارية والزراعية والحرفية، مما رفع نسبة البطالة بالتزامن مع تدني قيمة العملة الوطنية، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى ارتفاع أعداد المغادرين للسودان، حيث وصل أكثر من (70) ألف لاجئ سوداني إلى أوغندا، بينما يواصل آخرون محاولات العبور الخطرة باتجاه أوروبا، طبقاً للأمم المتحدة.
وبالرغم من تقديم المبادرات التي تحمل كل الحلول الممكنة ودعوات البعض الى وقف التصعيد والاتجاه الى حوار حقيقي جامع لإنهاء الحرب في السودان، فيما لازال النساء والأطفال والرجال يدفعون ثمن استمرارها بينما يمضي المتقاتلين في شن العمليات الهجومية غير آبهين بصيحات الحلول على الصعيدين الداخلي والخارجي والمنددة بإجراء حوار عاجل وحقيقي بهدف التوصل الي وقف فوري للأعمال العدائية وتجنب المدنيين السودانيين التعرض لمزيد من الضرر، في وقت تشير فيه كل التأكيدات الى أن الحل الدائم للصراع لا يمكن أن يتحقق سوى من خلال عملية سياسية جامعة.
وفي الثامن من أبريل الجاري التقي وزير الخارجية السعودي بنظيره الأميركي ماركو روبيو في العاصمة الأمريكية واشنطن حيث إتفقا على ضرورة أن تقوم القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باستئناف محادثات السلام، وحماية المدنيين، وفتح الممرات الإنسانية والعودة إلى الحكم المدني، وفقاً للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية تامي بروس، وجاءت الدعوة الي استئناف محادثات السلام في السودان، بعد ان أعلن الجيش، السيطرة علي استعادة العاصمة الخرطوم.
وتشير الإحصائيات الي وجود نحو (11.6) مليون نازح داخل السودان عاد منهم قرابة 400 ألف فرد إلى ديارهم في الخرطوم والجزيرة وسنار في الأشهر الأخيرة، ومع اشتداد وطأة الحرب وتصاعد الاحداث التي أدت الي تشريد الملايين من المدنيين في الوقت الذي يراهن فيه طرفي الصراع علي مواصلة الحرب مع سبق الاصرار وفي المقابل لم تتوقف الامم المتحدة من دعوة أطراف النزاع الي وقف التصعيد والاتجاه الي حوار حقيقي جامع لإنهاء الحرب في السودان.
وفي سياق متصل أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الاسبوع الماضي، عن قلقه العميق بشأن العواقب الوخيمة التي قد تلحق بالمدنيين مع دخول النزاع في السودان عامه الثالث، وأكد تورك أن الصراع العنيف الذي استمر لمدة عامين يجب أن يكون بمثابة إنذار للأطراف المعنية بضرورة إنهاء القتال، وللمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ خطوات فعالة للتدخل.
وأشار تورك إلى أن السودان لا ينبغي أن يستمر في هذا المسار المدمر، حيث تعاني المخيمات المكتظة في ضواحي مدينة الفاشر، مثل مخيم زمزم، من ظروف مأساوية منذ بداية النزاع. يُعتبر مخيم زمزم، إلى جانب مخيمي أبو شوك والسلام، من بين أكبر المخيمات في المنطقة، مما يعكس حجم الأزمة الإنسانية التي تعاني منها البلاد.
وتواجه المخيمات هجمات شرسة وتفشي المجاعة، ومن المتوقع أن تمتد آثارها إلى خمس مناطق أخرى في شمال دارفور، بما في ذلك العاصمة الفاشر، وفقًا لتقييم مدعوم من الأمم المتحدة. في الوقت نفسه، أصبح السودان، الذي يعتبر ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، مقسمة فعليًا، حيث يسيطر الجيش على مناطق واسعة في شرق البلاد وشمالها، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم دارفور غربًا وأجزاء من جنوب السودان.
ومع مواصلة الاشتباكات الضارية وتوسع رقعة النزاع في البلاد، يبدو واضحاً أن هذه الحرب ليست محلية بحته، وإنما كل الأطراف مدعومون من دول خارجية مع سبق الاصرار، وهو ما ينبئ بأن الوضع في البلاد يتجه إلى التعقيد أكثر من الحل حال لم تلجأ أطراف الصراع الى طاولة التفاوض للتوصل إلى حل ينهي الأزمة.