الجيش السوداني؛ سجل دموي في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعوب السودانية

12
جندي من الجيش السوداني

الخرطوم  – بلو نيوز الإخبارية

منذ تأسيس الدولة السودانية، ظل الجيش السوداني أداة قمع وعنف في يد نخبة ضيقة، تستخدمه لفرض الهيمنة السياسية والاقتصادية والاجتماعية على حساب تنوع السودان العرقي والثقافي. ومع تصاعد الحروب الداخلية بسبب المركزية القابضة، وتعمق الفجوة بين مركز قابض وهامش يعيش مبعد، لم يتردد هذا الجيش، الذي تهيمن عليه مجموعة اجتماعية بعينها، في استخدام أبشع الوسائل لقمع الشعوب السودانية، ومنها الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، في انتهاك صارخ لكل الأعراف الإنسانية والقانونية.

*جبال النوبة 2014: تحضيرات للإبادة*

في عام 2014، كشف الباحث الأمريكي المعروف “إريك ريفز” عن معلومات موثوقة تفيد بأن القوات المسلحة السودانية كانت تستعد لاستخدام أسلحة كيميائية في منطقة دلامي بجنوب كردفان، إحدى أهم مناطق جبال النوبة. هذه المنطقة كانت، ولا تزال، معقلًا لمقاومة التهميش السياسي والعسكري. التحضيرات جاءت ضمن حملة تهدف إلى القضاء على التمرد بالقوة الكاملة، بما في ذلك استخدام أسلحة الإبادة الجماعية.

*جبل مرة 2016: شهادات من الجحيم*

في عام 2016، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا صادمًا يوثق استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية في 30 هجومًا على مدار العام في منطقة جبل مرة بدارفور. التقرير استند إلى صور أقمار صناعية وشهادات مروعة من شهود عيان، أفادوا بأن الضحايا عانوا من أعراض تتطابق مع التعرض لغازات كيميائية، مثل غاز الخردل. قُتل في هذه الهجمات نحو 250 مدنيًا، بينهم عشرات الأطفال، في واحدة من أبشع الجرائم التي مرت بلا محاسبة حتى اليوم.

*2024: الكارثة تتكرر في الخرطوم ومناطق أخرى*

لم يتوقف مسلسل الإجرام الكيماوي عند دارفور أو جبال النوبة. ففي تقرير صادر عن الأمم المتحدة في أبريل 2025، تم توثيق استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية في هجمات على مناطق مدنية نائية، بعد استعادته السيطرة على بعض أحياء العاصمة الخرطوم من قوات الدعم السريع. لم تقتصر الانتهاكات على استخدام الغازات السامة، بل شملت تدميرًا متعمدًا للبنية التحتية الإنسانية، من مستشفيات ومدارس، في إطار واضح لترويع السكان ومعاقبتهم جماعيًا.

*رد أمريكي متأخر: عقوبات على النظام*

في مايو 2025، أعلنت الحكومة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على السودان، بعد تأكيدها أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية، منها غاز الكلور، ضد المدنيين في 2024. تشمل العقوبات قيودًا اقتصادية وتجارية، لكنها تبقى، حتى الآن، دون المستوى المطلوب لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم

*حرب تطهير عرقي بغطاء رسمي*

ما يجمع هذه الوقائع ليس فقط تكرار استخدام الأسلحة الكيميائية، بل السياق السياسي والاجتماعي الذي يُوظف فيه الجيش السوداني: جيش لا يمثل الأمة، بل يُستخدم كأداة للحركة الإسلامية ومجموعات إثنية محددة لإخضاع الشعوب السودانية المقاومة في الهامش. الأسلحة الكيميائية لم تُستخدم في معارك تقليدية، بل ضد المدنيين، في قرى نائية، على أطفال ونساء، في جرائم ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

إن المجتمع الدولي مطالب ليس فقط بالإدانة، بل بفتح تحقيق شامل ومستقل، وإحالة المسؤولين إلى المحاكم الدولية، فالسودانيون لا يستحقون المزيد من الصمت على هذه الإبادة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *