تحت مقصلة الحرب: الإعدام يهدد مئات الأبرياء في سجون السلطة ببورتسودان

وكالات – بلو نيوز الإخبارية
كشف تقرير حقوقي حديث عن مواجهة 250 معتقلاً في سجن بورتسودان لعقوبة الإعدام، بتهم تتعلق بالتعاون مع قوات الدعم السريع، في ظل حملة اعتقالات تعسفية واسعة تنفذها السلطات السودانية في عدة ولايات، من بينها سنار، نهر النيل، النيل الأبيض، كسلا، القضارف، والبحر الأحمر. وتستهدف هذه الحملة بشكل خاص الناشطين في العمل المدني وأعضاء لجان المقاومة والمتطوعين دون توجيه تهم واضحة أو أوامر قضائية.
وقالت رحاب مبارك سيد أحمد، عضو المكتب التنفيذي لـ”محامو الطوارئ” وعضو “الشبكة السودانية لحقوق الإنسان”، إن أوضاع نحو 1600 سجين في سجن بورتسودان توصف بالكارثية، خاصة بعد تعرض المدينة لقصف بالطائرات المسيّرة طال منشآت قريبة من السجن، مما زاد من المخاوف الأمنية داخل وخارج السجن.
وأوضحت رحاب أن عددًا من المتهمين يمكثون داخل السجن لفترات تتجاوز العام ونصف دون محاكمة، رغم اكتمال التحقيقات معهم، في مخالفة صريحة للقانون السوداني الذي ينص على عدم تجاوز فترة الاحتجاز ستة أشهر دون محاكمة. وأكدت أن جلسات المحاكمة تُؤجّل مرارًا بحجة انشغال أعضاء الخلايا الأمنية بالأعمال الميدانية، دون إتاحة فرصة للمحتجزين للمثول أمام القضاة أو الطعن في قانونية احتجازهم، ما يشكل انتهاكًا لمبادئ العدالة.
انتهاك للحق في المحاكمة العادلة
أشارت رحاب إلى أن الجلسات القضائية تُعقد بفواصل زمنية تصل إلى 40 يومًا، في مخالفة لأعراف المحاكمات الجنائية التي لا ينبغي أن تتجاوز أسبوعين بين كل جلسة وأخرى. كما يتم تأجيل القضايا دون عرض المتهمين على قاضي التجديد، مما يمنع القضاء من مراقبة الأوضاع الصحية والنفسية للمحتجزين أو اكتشاف ما إذا كانوا يتعرضون للتعذيب.
وأوضحت أن بعض المحكومين بالإعدام ينتظرون البت في استئنافاتهم لأشهر طويلة بعد صدور الأحكام، دون تقديم أي تبريرات قانونية لهذا التأخير، مما يفاقم أوضاعهم النفسية والإنسانية.
تفاصيل عن المحكومين
وكشفت رحاب أن هناك ما لا يقل عن 250 شخصًا يواجهون أحكامًا بالإعدام أو السجن المؤبد بموجب المادتين (50) و(51) من القانون الجنائي السوداني، وهما المتعلقتان بـ”تقويض النظام الدستوري” و”إثارة الحرب ضد الدولة”، وهي تهم غالبًا ما تُوجه إلى أشخاص لمجرد التعبير عن آرائهم أو لمجرد انتمائهم لمجتمعات معينة.
وتتوزع الأحكام كما يلي:
- 75 شخصًا بالدرجة (أ)
- 83 شخصًا بالدرجة (ب)
- 92 شخصًا بالدرجة (ج)
وأشارت إلى أن من بين المحكوم عليهم بالإعدام فتاتين هما:
- هنادي ضوء البيت عباس، وهي ليست من سكان بورتسودان، وحكم عليها بالإعدام.
- شيماء سعيد حسن، حُكم عليها بالسجن المؤبد.
وقد تمت إدانتهما بناءً على محتوى في هواتفهن يُظهر تأييدًا لقوات الدعم السريع أو انتقادًا للجيش، وفقًا للنيابة.
وأضافت أن “هؤلاء المحكومين من الفئات المستنيرة في المجتمع: معلمون، أطباء، محامون، صحفيون، وطلاب جامعيون”، مؤكدة أنهم لا يشكلون خطرًا أمنيًا ولا يُظهرون سلوكًا إجراميًا داخل السجن، بل يواظبون على أداء الشعائر الدينية، مما يثير الشكوك حول خلفيات الاعتقال والأحكام القضائية ضدهم.
أوضاع معيشية مزرية
وإلى جانب الانتهاكات القانونية، يعاني السجناء من أوضاع معيشية متدهورة، إذ تتأخر وجبة الغداء بشكل دائم، كما توقفت محطة تحلية المياه داخل السجن، ويتم خلط مياه مالحة بالمياه المحلاة القادمة من خارج السجن، وتُقدم للسجناء وهي باردة لإخفاء طعم الملوحة.
واختتمت رحاب تصريحها بوصف الوضع في سجن بورتسودان بـ”الكارثي”، مؤكدة أنه “يفتقر إلى أبسط معايير العدالة والسلامة”، خاصة في ظل تعرض المدينة لقصف بالطائرات المسيّرة بشكل يومي، بينما يتمتع المسؤولون الحكوميون، مثل وزير المالية، بأعلى معايير الحماية.