صراعات الدم والثروة: حلفاء الجيش يتصارعون على الغنائم!!

الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للجيش السوداني.
“بين الفوضى العسكرية والنزاعات المناطقية، تتسارع الأحداث في السودان مع تصاعد الخلافات بين حلفاء الجيش الذين يسعون للاستحواذ على ما تبقى من السلطة والثروة، مما يهدد البلاد بدخول أعمق في دوامة الحرب الأهلية.”
وكالات – بلو نيوز الإخبارية
تتصاعد نذر الفوضى في السودان مع تفجر الخلافات بين المجموعات المسلحة المتحالفة مع الجيش، بعد أن ألقى الصراع الدموي المستمر بظلاله الثقيلة على وحدة معسكر السلطة العسكرية، فبينما ظن البعض أن السيطرة على مناطق واسعة ستنهي الفوضى، جاءت الانقسامات المتسارعة لتفتح أبواب صراع مناطقي قد يدفع بالبلاد نحو حرب أهلية شاملة.
في قلب هذه الأزمة، برز الخلاف العنيف بين قائد “قوات درع السودان” أبوعاقلة كيكل ووزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة، حيث اتهم كيكل علناً جبريل بالسعي للهيمنة على مشروع الجزيرة الزراعي العملاق. التهديدات المبطنة التي أطلقها كيكل باستخدام القوة للدفاع عن حقوق أبناء الجزيرة، أكدت أن السلاح الذي جمعته الحرب ضد الدعم السريع قد يتحول إلى أدوات اقتتال داخلي بين شركاء الأمس.
“مع كل يوم جديد، تتكشف معالم أزمة أكثر تعقيداً في السودان، حيث تتصاعد الصراعات بين المجموعات المسلحة التي تناضل للسيطرة على مقدرات البلاد، ويزداد خطر التمزق الشامل مع استمرار الفوضى العسكرية في مختلف المناطق.”
ولم تكن هذه المواجهة الأولى، فقد سبقها احتكاك مباشر بين كيكل وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وسط اتهامات مناطقية وصراعات حول النفوذ. المشهد اليوم يرسم ملامح مشؤومة: مئات الميليشيات المسلحة، كل منها يحمل طموحاته الخاصة للسيطرة والثروة، تتزاحم تحت مظلة الجيش، في وقت باتت فيه قيادة المؤسسة العسكرية عاجزة عن ضبط إيقاع تحالفاتها المتفككة.
ويتفاقم الوضع تعقيداً مع تحركات كتائب البراء بن مالك بقيادة المصباح أبوزيد، التي أعلنت تفعيل “كتائب الظل” وتجهيز نصف مليون مقاتل خارج الأطر الرسمية، مما يعزز مناخ الانفجار الوشيك بين المجموعات الإسلامية والقبلية المسلحة التي لا توحدها رؤية وطنية بل مصالح ضيقة وأهداف سلطوية.
المحلل السياسي المعز حضرة حذر من أن السودان يقف على شفا حرب مناطقية كارثية، مشيراً إلى أن أكثر من مئة ميليشيا تقاتل الآن تحت راية الجيش دون تنسيق حقيقي، وكلما اقتربت البلاد من أي هدنة مؤقتة، تطفو الصراعات إلى السطح بحثاً عن نصيب أكبر من السلطة والثروة.
وأضاف حضرة أن محاولات الكتائب الإسلامية لتوسيع نفوذها العسكري تحول دون أي انتقال مدني حقيقي، مؤكداً أن السلطة القائمة لا تتعلم من أخطائها بل تغذي هذا المسار المدمر.
في غضون ذلك، أشار اللواء كمال إسماعيل، عضو تنسيقية “تقدم”، إلى أن الطموحات المتصاعدة لقادة الحركات المسلحة، في ظل تآكل ولاءاتهم القبلية التقليدية، تدفعهم نحو الزحف للسيطرة على موارد الدولة، وسط بيئة سياسية رخوة ومشحونة بالتوترات.
“حرب الغنائم تأخذ منحى جديدًا في السودان، حيث تتصاعد الخلافات بين حلفاء الجيش، الذين لا يترددون في استخدام السلاح لتحقيق طموحاتهم الشخصية، مما يزيد من معاناة الشعب السوداني ويهدد بالانزلاق إلى صراع داخلي مميت.”
المخاوف تتزايد من أن انشقاق كيكل أو غيره عن معسكر الجيش قد يؤدي إلى تفتيت أكثر حدة للتحالفات القائمة، خاصة مع الأهمية الاستراتيجية لولاية الجزيرة كمعقل رئيسي لطموحات السيطرة العسكرية والمدنية على الخرطوم.
وتحذر القوى المدنية من أن استمرار الحرب دون كابح، تحت ذريعة استعادة الشرعية أو مكافحة التمرد، لن يؤدي سوى إلى تفكيك السودان على أسس قبلية ومناطقية، فيما تواصل قوى الإسلام السياسي، التي تراهن على استمرار الصراع، لعب دورها الخفي لتعميق الانقسامات ومنع أي مسار نحو العدالة والسلام.
السودان يقف اليوم أمام لحظة حاسمة: إما إنهاء الحرب وعودة العسكر إلى الثكنات، أو الانزلاق نحو مستنقع حرب أهلية طويلة الأمد قد تعيد رسم خريطته الجغرافية والسياسية إلى الأبد.