كادوقلي: بيوت الأشباح تستفيق من جديد .. ومخاوف من عودة التصفيات والإنتهاكات الإنسانية

متابعات – بلو نيوز الإخبارية
تعيش مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، كابوساً يعيد إلى الأذهان سنوات الرعب والدم في تسعينات القرن الماضي، حين تحوّلت المدينة إلى ساحة مفتوحة لعمليات التصفيات والانتهاكات ضد المدنيين، راح ضحيتها أكثر من ألف مواطن في منطقة “خور العفن”.
اليوم، يحذر محامون وسياسيون ونشطاء حقوقيون من مؤشرات خطيرة لعودة نفس المشهد الدموي، حيث أضحت كادوقلي، بحسب وصف أحد المحامين، “سجناً كبيراً تُدار فيه آلة القمع خارج القانون”.
تحدث ناشطون لصحيفة “إدراك” عن تصاعد الاعتقالات غير القانونية بحق السياسيين وأعضاء لجان المقاومة وغرف الطوارئ، على يد أجهزة متعددة تتداخل فيها الاستخبارات العسكرية، جهاز الأمن، والأمن الشعبي التابع للحركة الإسلامية، والذي أعاد نشاطه بشكل منظم داخل المدينة.
بيوت تتحول إلى أشباح
القلق يتزايد مع ما كشفه شهود ومصادر قانونية عن تحويل منازل سكنية بحي الدرجة الثالثة وشرق السوق الشعبي إلى “بيوت أشباح”، حيث يُحتجز المعتقلون ويتعرضون لشتى صنوف التعذيب. أحد السكان أفاد بسماعه صراخ المعتقلين ليلاً، مؤكدًا أن المنزل الذي يُستخدم حالياً كمقر سري للتعذيب، كان في السابق مركزاً للحركة الإسلامية.
معتقلات تعود من رماد الإنقاذ
تُشير مصادر سياسية إلى أن مليشيا “كافي الطيار” – وهي إحدى أدوات النظام البائد في حربه ضد الحركة الشعبية – أعادت تفعيل أحد المعتقلات شمال المدينة، حيث يُحتجز فيه المدنيون في ظروف إنسانية مروعة، ما يعيد للذاكرة ممارسات حقبة الإنقاذ القاتمة.
أما جهاز الأمن والمخابرات، فينشط وفق إفادات المحامين داخل أحياء الموظفين والسوق، بالتعاون مع عناصر مخترقة للثوار. وتم الكشف عن اسم أحد المتعاونين الذين يتجسسون على لجان المقاومة، مما يعكس شبكة تجسس معقدة تخنق المجال المدني في المدينة.
إحياء “التفسيح”.. شبح القتل خارج القانون
الأخطر، ما ورد عن الإستخبارات العسكرية التي تعتقل المدنيين بناءً على هوياتهم القبلية، في ممارسة وصفت بأنها تنميط عنصري يعيد إنتاج العنف على أساس إثني. وقد حذرت أسرة المعتقل “سليمان جنقاوي” من اختفائه القسري، وسط مخاوف من تصفيته، في تكرار لما كان يُعرف محلياً بـ”التفسيح” – الكلمة التي تعني الموت غيابياً، ودفناً بلا قبر ولا عدالة.
ان ما يحدث في كادوقلي اليوم ليس مجرد تجاوزات أمنية، بل انهيار كامل لسيادة القانون، وعودة إلى نماذج الانتهاك المنهجي التي عرفها السودانيون في أقسى لحظات التاريخ الحديث.