د.موسى الأمين: “البرهــان” على خطـى “غــردون”!

الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للجيش السوداني.
بقلم: د.موسى الأمين حمودة
غردون ذلك الضابط المهندس المثير للجدل الذي تختلف الروايات عن أصله وحسبه، بريطاني أم صيني الميلاد والنشأة. ولكن كثير من الروايات تؤكد انه ولد في ووليتش، بلندن لأب عسكري. تلقى علومه في مدرسة فولاندز في تاونتون، سومرست وفي الأكاديمية الملكية العسكرية في ووليش. وبعد تخرجه منها برتبة ملازم ثان ألحق بسلاح الهندسة الملكي عام 1852،ليكمل تدريبه في تشاثام. رقي ملازم أول عام 1854.
وكنوع من ممارسة هواية حرب الارتزاق أرسل غوردون إلى الإمبراطورية الروسية عند بداية حرب القرم حيث وصل يناير عام 1855حتى نهاية الحرب.ولم يكتف عند ذلك،فقد تطوع غوردون عام 1860 للخدمة في الصين لاخماد الحرب الذي تشنه بريطانيا ضد الأفيون الثانية وثورة تايبينغ وظل يحقق انتصارات حتى وصل الى بكين ودمار القصر وبقى مع الجيش البريطاني هناك حتى عام 1862.
غردون كان مولع بالسودان وتميزت فترات حكمه الثلاثة في السودان بممارسات قاسية مارس فيها الظلم والتفرقة والغلظة في التعامل مع المواطنين السودانين. كان بداية وجوده في السودان عام 1874 كأول حكمدار عام على مديرية خط الاستواء بجنوب السودان ثم استقال 1878وجاء مجددا عام 1879 كحكمدار عموم السودان ثم استقال عام 1880م ليعود للمرة الثالثة فبراير 1884 وانتهت بمقتله في 26 يناير 1885م على يد أنصار الثورة المهدية التي حصارت قصره ولم تفلح كل محاولات الحكومات المصرية التركية البريطانية في فك الحصار عنه.بريطانيا لم تكن على دراية بهذا التمدد والقبول الواسع الذي لقته الثورة المهدية (بريطانيا كانت تطلق عليها الدراويش)ولعل اسباب قيام الثورة المهدية التي أطاحت بسلطة غردون هي نتيجة سياسات غردون المتمثلة في الغلظة في جمع الضرائب برغم انها لم تكن مألوفة لدى السودانيين، وكذلك بسبب التمييز بين القبائل في الوظائف العامة ، التضييق على الطوائف الدينية عند ممارسة الشعائر التعبدية بجانب تفشي الرزيلة والبارات وممارستها بشكل لافت.
وربما هناك اوجه شبه متقاربة بين البرهان وغردون في اسلوب المرواغة والارتزاق اللعب على النقيضين. فمثلا البرهان يحاول التواصل مع المعسكر الروسي -التركي -الايراني وفتح علاقات دبلوماسية ومجالات تعاون عسكرية. وفي الجانب الآخر يحاول كسب المعسكر الغربي الاروبي الذي تتزعمه امريكا وفرنسا وبريطانيا والسعودية ومصر الحصول على سلاح ودعم دبلوماسي.محاولات البرهان في المراوغة والتنصل من كل الاتفاقيات مع قوات الدعم السريع في وقف هذه الحرب التي وصفها هو بنفسه بأنها (عبثية) ضارباً عرض الحائط بكل تلك الجهود والاتفاقيات ابتداءاً من اتفاق جده الموقع بين قوات الدعم السريع والجيش في 11 مايو 2023 ، بجانب رفضه اتفاق اديس ابابا الذي وقعه الفريق اول محمد حمدان دقلو في 2 يناير 2024 مع تقدم بقيادة عبد الله حمدوك ،يقضي باستعداد قوات الدعم السريع التام لوقف العدائيات الفوري من غير شروط عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة للوصول الى اتفاق وقف العدائيات ملزم للطرفين برقابة دولية ويوفر حماية للمدنيين. البرهان ايضا رفض تنفيذ اتفاقية المنامة الموقّعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 20 يناير/ كانون الثاني 2024،والتي جاءت بعد خمسة أيام من رفضه لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتأكيده أنه لا حاجة لأيّ تفاوض جديد. البرهان رفض الذهاب الى محادثات سويسرا في 14 أغسطس 2025 تحت رعاية أمريكية وسعودية في جنيف، سويسرا والتي قُصد منها وقف الحرب والعدائيات وحماية المدنيين.
البرهان بعد ان طُرد من العاصمة الادارية الخرطوم ، اتخذ من بورتسودان مقراً مؤقتاً له لادارة السلطة والحرب. أبتدع ما يسمى بالمقاومة الشعبية وهي غطاء لتجنيد وحشد الدواعش والمجموعات الاسلامية المتطرفة من سوريا وفلسطين والاردن وليبيا للقتال معه بجانب استجلاب مرتزقه وحركات مسلحة من اثيوبيا واريتريا (جبهة التقراي) وغيرها من المرزتقة للقتال بجانب الجيش ضد قوات الدعم السريع من أجل البقاء في كرسي السلطة ليوزع سكوك الغفران والوطنية لمن يشاء من السودانيين الذين يؤيدون استمرار هذه الحرب للمحافظة على مصالحهم وامتيازاتهم وحصونهم التي بنوها من عرق ودم الشعب السوداني الذي أنضم لثورة أشاوس الدعم السريع للقضاء على هذه النخبة والطقمة الفاسدة.
وكأني أرى البرهان وهو يواجه نفس المصير الذي هُلك عبره غردون، وذلك باصطياده وتشبيع عرشة الى النهاية بفضل ضربات الدعم السريع الجوية( الالكترونية)المتتالية لدك حصونه في بورتسودان.ان الاعداد والتجهيزات الضخمة التي تقوم بها قوات الدعم السريع من متحركات الطوفان جديرة بالقضاء كليةٍ على مغامرات البرهان وزمرته التي تعينه.