حاتم الياس: حكومة (السماكة)

34
حاتم الياس

حاتم الياس ..

رغم أنه لا يهمنا كتأسيسيين ماذا تفعل حكومة بورتسودان، ومن تُعيّن، حتى لو عيّنت “حَقّة تمباك”، ما عندنا شغلة، وللقصة هنا لها علاقة بذاكرة انتخابات الديمقراطية الثالثة، حينما نافس قريبي الشيخ عبدالباسط، رجل الأعمال المعروف ومرشح الجبهة الإسلامية – رحمه الله – في دائرة بربر الدكتور عبدالملك الجعلي، ابن سجادة كدباس… وما أدراك ما كدباس!

ورغم أفضال الشيخ عبدالباسط وشهرته وسط الناس بالكرم والدماثة، إلا أن ثقل كدباس الروحي في تلك المناطق وولاء الناس لشيوخها وسجادتها، لم يكن ليُتيح لأي مرشح – مهما كانت سيرته – أن ينافس مرشحها. ومن الطرائف أن أهل تلك المناطق قالوا: “والله كدباس دي، لو نزلت لينا (حَقّة تمباك)، نحن بندي الحَقّة دي”، أي نصوّت لها كمرشح لنا.

يبدو أن الكاهن هنا في مقام كدباس (وللعلم، كدباس تُشتهر بأنها مكان لعلاج أصحاب العلل العقلية والنفسية). لذا، وأنا أراقب الاحتفاء هنا وهناك بمقدَم كامل إدريس، بل تطرّف البعض وذهب إلى مقارنات بينه وبين حمدوك، وهي مقارنة تحاول أن تسترجع المشهد وتعمل كحالة تعويضية بين رئيس وزراء جاء بعد الثورة لكل السودان، وبين “حكومة السماكة” التي ترعى نجوم زوال الدولة القديمة في شاطئ البحر وتستبدل خيالاتها بمراسم وبدل ومكرفونات.

ومن بين المحتفين والمؤملين، بالطبع، كارهو “القحاتة” وبعضهم من ضحايا تجاوزهم في فرص المناصب، وبعض من يظنون أنهم كانوا النسخة الثورية الحقيقية التي لم يُوضع لها اعتبار في المشهد وتعلق صورهم على حائط الإعزاز الوطني ، حتى أصبح كامل المشهد فيما بعد ضحية لسخطهم وغضبهم.

أعود وأقول: إن البرهان الآن مثل سجادة كدباس إبان تلك الانتخابات، فلسان حالهم يقول: “البرهان ده، والله كان ختّ لينا حَقّة، نحن معاها”.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *