ولاية الجزيرة: قرار بإزالة مساكن الكنابي يفتح أبواب التهجير والعنصرية

56
كنابي

ود مدني – بلو نيوز الاخبارية

أثار إعلان صادر عن مدير جهاز حماية الأراضي الحكومية بولاية الجزيرة يوم 19 يونيو 2025، جدلاً واسعاً وانتقادات حادة من منظمات حقوقية وناشطين، بعدما أمر بإزالة السكن غير القانوني في جميع محليات الولاية، ومنح السكان 72 ساعة فقط لترتيب أوضاعهم وإزالة منازلهم طواعية، وسط اتهامات بأن القرار يستهدف بشكل مباشر سكان الكنابي، في خطوة وصفت بأنها عنصرية وتمهد لعملية تهجير قسري جماعية.

وبحسب مصادر مطلعة داخل الولاية، فإن القرار يطال بالدرجة الأولى مئات القرى والتجمعات السكنية المعروفة باسم “الكنابي”، وهي مجتمعات ظلت لعقود تعاني من الإقصاء والتهميش والتصنيف الإداري كسكن عشوائي، رغم تاريخها الطويل في ولاية الجزيرة، وتؤكد المصادر أن هذه المجتمعات، التي تتكون غالبيتها من عمال وذريات مهاجرين من دارفور وكردفان، لم تمنح يوماً أبسط حقوق التخطيط أو الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والتعليم والصحة، على الرغم من إقامتهم بهذه المناطق منذ ما قبل استقلال السودان.

ويأتي هذا القرار في ظل وضع أمني وإنساني هش، بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع لفترة على الولاية، أعقبتها مواجهات دامية وانسحابها، ومن ثم دخول قوات الجيش السوداني، التي تتهمها منظمات حقوقية بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد سكان الكنابي، من بينها القتل والحرق والتهجير القسري، بزعم تعاون هؤلاء السكان مع قوات الدعم السريع.

ويخشى مراقبون أن يكون إعلان الإزالة محاولة لتفريغ المنطقة من هذه المجتمعات، بدعوى عدم قانونية السكن، رغم أن الكنابي تمثل جزءاً أساسياً من التركيبة السكانية والاجتماعية للجزيرة منذ زمن مشروع الجزيرة، إذ استوطنها آلاف العمال وأسرهم منذ عشرات السنين، وأسهموا في تنمية المشروع الزراعي الأضخم في السودان.

من جهتهم، أدان ناشطون حقوقيون القرار ووصفوه بأنه يحمل طابعاً عنصرياً وتمييزياً ضد فئة محددة من المواطنين، ويخالف مبادئ العدالة والمواطنة المتساوية، وطالبوا الحكومة بوقف تنفيذ القرار فوراً، وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات ضد سكان الكنابي، والعمل على تخطيط قراهم وتقديم الخدمات الأساسية لهم بدلًا من طردهم وتركهم في العراء، خاصة في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي خلفتها الحرب.

كما ناشد الناشطون والمنظمات الدولية وعلى رأسها مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، التدخل العاجل لمنع ما وصفوه بـ”كارثة إنسانية جديدة تلوح في الأفق”، محذرين من أن أي تحرك قسري للسكان دون بدائل آمنة ومدروسة، قد يؤدي إلى مجازر جديدة تضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي يشهدها السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

ويبقى مصير آلاف الأسر من سكان الكنابي مجهولاً، في ظل غياب الشفافية، وتضارب التصريحات الرسمية، وسط تصاعد الأصوات الداعية للاعتراف الكامل بمواطنتهم وحقوقهم المشروعة في الأرض، والأمن، والكرامة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *