مثل يوسف عليه السلام: عناصر الشرطة المفرج عنهم من جب الحجز إلى سجن القصر.

262

تقرير: خالد فضل ..

منذ أن أعلن عن احتفال بإطلاق سراح أكثر من 500 فرد من المحتجزين لدى قوات الدعم السريع معظمهم من ضباط الشرطة ومنسوبيها وبعض أفراد القوات المسلحة والمدنيين، ذلك بمسيد الشيخ أبو قرون بمنطقة شرق النيل بالخرطوم السبت الماضي، تباينت ردود الأفعال تجاه تلك الخطوة بين الترحيب والتشكيك والتعليل.

من جانبها أعلنت قوات الدعم السريع على صفحتها في منصة (×)، أنّ قيادة الدعم السريع بالتنسيق مع الصيب الأحمر أفرجت رسمياً عن مئات الأسرى من قوات الشرطة بعد رفض مليشيا البرهان استلامهم- على حد وصفها- فيما قال عدنان حزام الناطق الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان إنّ اللجنة لم تشارك في عملية إطلاق سراح المحتجزين من قبل قوات الدعم السريع، لكنه رحّب بأي مبادرة تأتي من أي طرف منخرط في الصراع تهدف إلى التخفيف من معاناة السودانيين في ظل هذا الصراع.

وأضاف في حديث لراديو دبنقا 10 يونيو 2024م، الأطراف المعنية تواصلت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتسهيل هذه العملية لأن الصليب الأحمر يلعب دور الوسيط الإنساني المحايد في مثل هذه العملية، ولكن للأسف لم يتمكن من تسهيل هذه العملية لعدم توفر الضمانات الأمنية لزملائنا العاملين على الأرض.

بيد أنّه أشار إلى تمكن اللجنة من إطلاق سراح أكثر من 565 محتجز من منطلق إنساني بحت؛ ذلك منذ اندلاع الصراع في أبريل2023م.

وفي السياق، أفاد خبير سوداني في القانون الدولي الإنساني- فضّل حجب اسمه- أنّ التوصيف القانوني لوضعية المفرج عنهم هو (المحتجزين) لأنه جرى احتجازهم في أتون صراع داخلي مسلح، وهو التوصيف للحالة السودانية بناء على البروتوكول الإضافي الثاني لإتفاقية جنيف، مضيفاً أن حقوقهم كذلك مضمنة في القانون، وهي الحقوق الإنسانية الكاملة المعروفة.

وحول وضعية الصليب الأحمر على الأرض الآن، أضاف أنّه لم يتمكن من العمل منذ حادثة الشجرة المشهورة في الأيام الأولى لنشوب الحرب، عندما كانت فرق منه تعمل وقتها على إجلاء عدد من الأسر في تلك المنطقة الملتهبة من نواحي الخرطوم، وتعرضت سيارات الإجلاء لإطلاق النار من جانب قوات الجيش بحجة أن السيارات لم تسلك الطريق المتفق عليه مسبقا بين الطرفين والصليب الأحمر، وقد نجم عن تلك الحادثة وفاة بعض أفراد تلك الأسر وإصابة بعض العاملين ضمن بعثة الصليب الأحمر مما قاده لتجميد عمله في الخرطوم من حينها.

وحول ما تم ذكره بأن الشرطيين المفرج عنهم قد تم تسجيلهم لدى رئاسة الصليب الأحمر في جنيف، أفاد المصدر نفسه، أنّ هناك آراء متداولة حول فرضية حصول قوات الدعم السريع على (فورمات) تسجيل الأسرى من مكاتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الخرطوم إثر سيطرتها على المناطق التي تقع فيها تلك المكاتب ومن ثم نهب ممتلكاتها بما فيها تلك الفورمات ليتم استغلالها بعد ذلك من جانبهم ودون علم الصليب الأحمر.

(تقدّم) على الخط:

من جانب آخر أبلغ بكري الجاك المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) صحيفة (التغيير) الإلكترونية، أنّ إطلاق سراح ضباط الشرطة المحتجزين لدى قوات الدعم السريع يأتي ضمن إعلان أديس أبابا الموقع في يناير الماضي بين (تقدم) والدعم السريع، حيث التزم الأخير بذلك في الإعلان، وقال إنّ الجيش رفض الحضور للتنسيق مع الصليب الأحمر أكثر من مرّة (طبعا لا نعرف سبب رفض الجيش بشكل مفصل)- بحسب تعبيره.

مسيد أبو قرون .. النجاح في صمت:

في بيان باسم الشيخ إدريس الحسن أبو قرون؛ خليفة مسيد الشيخ أبو قرون بمنطقة شرق النيل في الخرطوم بحري، تلقت (التغيير) نسخة منه، كشف عن تواصله منذ نوفمبر 2023م مع قيادات الدعم السريع لإطلاق سراح الأسرى، وتأمين منطقة شرق النيل.

ويمضي البيان إلى أنهم وجدوا من قيادة الدعم السريع كل التقدير والاحترام والموافقة الكاملة على المبادرة والوفاء بالعهد وإطلاق سراح عدد كبير من العسكريين والمدنيين على فترات متفاوتة. وكذلك العمل على تأمين المنطقة من المتفلتين مما قاد إلى بقاء المواطنين وعدم مغادرة قراهم، وحل كثير من المشاكل، وقد تمّ كل ذلك في صمت وبعيداً عن الإعلام، وأنّ المبادرات ستستمر لجمع الصف الوطني وإطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين، كما نوه البيان بالشكر لقائد الدعم السريع وعدد من قياداته لدورهم الإيجابي في نجاح المبادرة.

تشكيك وخشية على الطرف الآخر:

عشية وصول عدد من المفرج عنهم من منسوبي الشرطة السودانية إلى مدينة شندي- بولاية نهر النيل التي تقع تحت سيطرة قوات الجيش والمليشيات المتحالفة معه- انطلقت دعوات تطالب بالتحقيق معهم قبل إطلاق سراحهم وتسليمهم إلى ذويهم خشية أن يكونوا مصادر لقوات الدعم السريع، جاء ذلك في تسجيل صوتي تم نشره على نطاق واسع عبر وسائط التواصل الاجتماعي، حيث دعا فيه الفريق شرطة عابدين الطاهر مدير المباحث الأسبق إلى استجواب الضباط المفرج عنهم، والتعامل معهم بحذر شديد، وعزلهم لمدة زمنية، وعدم السماح لهم بدخول الوحدات الرسمية.

بيد أنّ رأياً مخالفاً تمت نسبته إلى العميد شرطة الطيب شاور دكين، تمّ تداوله كذلك في عدة منصات تواصل سودانية، حيث يطالب العميد دكين بأن يتلقى المفرج عنهم الرعاية الصحية والطبية لأنهم سودانيون ولهم أسر قبل أن يكونوا شرطيين، ونوه إلى أن الخطوة تمت في المسار الذي افترعته (تقدم) باتفاقها مع الدعم السريع على إطلاق سراح المحتجزين لديها.

وتساءل في خاتمة كلمته عن أي جريرة يريد الفريق الطاهر حبسهم بها لمدة 6 أشهر. والملاحظ أنه لم تصدر أي ردود من جانب القوات المسلحة أو قيادة الشرطة حول موضوع هؤلاء المحتجزين المفرج عنهم حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

في سياق ذي صلة، وبحسب معلومات من مصادر متطابقة وذات صلة في الأسابيع الأولى لاندلاع القتال في الخرطوم فإن أعداداً كبيرة من ضباط الشرطة كانوا قد عبروا الحدود إلى مصر المجاورة ضمن موجات اللجوء الكثيفة في تلك الأيام، خاصة مع حملات الاستهداف الواضحة داخل الأحياء السكنية لمنسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية من جانب قوات الدعم السريع، فيما يعرف معد التقرير أفراداً من منسوبي الشرطة ممن تجمعهم به أواصر وصلات إجتماعية، في الخرطوم والجزيرة، التحقوا للعمل في بعض الولايات التي يسيطر عليها الجيش، أو اتجهوا لأعمال أخرى طلباً للرزق.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *