نجم الدين دريسة: دولة الـــوطن علي انقاض دولة النخـب.!!

164

نجم الدين دريسة: دولة الـــوطن علي انقاض دولة النخـب.!!

الهوية الوطنية الجامعة هي الفريضة التي ظلت غائبة تماما منذ نشوء وتخلق ما يعرف بالدولة الوطنية في السودان في منتصف خمسينيات القرن المنصرم … وبالتالي غاب الجهاز المفاهيمي القائم علي الهوية والإنتماء الوطني .. المواطنة والحقوق الإنسانية.. الديمقراطية والحريات العامة والخاصة والمجتمع المدني وللأسف لم يتم التخلص من الدولة النخبوية التي خلفها الإستعمار… فتجذرت ثقافة القهر والإستبداد والتسلط عبر العنف المحتكر في الأجهزة الأمنية وفساد المؤسسات المدنية مما قاد الي عجز مستمر في القيام بمتطلبات التنمية وبالتالي إسعصت عملية النهوض رغم كثرة وتنوع الموارد فصرنا دولة فاشلة وغير راشدة.

دولة فاشلة وهشة ومعلوم بالطبع أن هنالك مؤشرات تؤكد الحالة السودانية تعاني من القدرة علي صنع دستور متفق ومتراضي عليه يعرف بالهوية والشخصية السودانية والفشل الذريع في تحقيق العدالة الإجتماعية وفي جعل المواطنة أساس للحقوق والواجبات الدستورية وادارة التنوع والإختلاف وصنع وتحقيق السلام والإستقرار والحفاظ علي السيادة وتطبيق القانون وتوفير الخدمات الإساسية وإدارة علاقاتها الخارجية والقدرة علي أداء الوظائف الأساسية وبالتالي عاجزة تماما عن القيام بدورها كمعبر عن إرادة الجماهير والشعب وراعية المصالح الوطنية … وبالنظر الي المؤشرات والمعايير سالفة الذكر فإن دولة 56 ليست فاشلة فحسب بل تعد كابوسا جثم علي صدور الشعب السوداني حيث ظلت النزاعات المسلحة وحركات الإحتجاج والإضطرابات الداخلية والتي تسببت فيها السلطة المركزية القابضة والخانقة في آن لتظل حالة الفشل مستمرة.

إن تحديات بناء وتأسيس الدولة الوطنية كثيرة ومعقدة ومتداخلة سياسية وإجتماعية وأمنية وبما ان التعريف الحديث لمفهوم الدولة هو العمل بناء مؤسسات قومية قادرة وفاعلة تستند علي دستور يعبر عن تطلعات وأشواق وآمال الشعب وإن قوة أي دولة تكمن في قدرتها علي البناءات المؤسسية (المأسسة) والإدارية وسن الأنظمة والقوانين ..

وبما إننا نمضي نحو العقد السابع يظل هذا المسخ المشوه المسمي بالدولة قابعاً ويظل الإصرار علي إستمرار عدم الإستقرار السياسي وغياب التنمية وإنتشار الحروب والعنصرية وخطاب الكراهية وسوء إدارة الموارد والمقدرات وإحتكار القرار السياسي لنخب أدمنت الفشل بإمتياز … رغم ان مقومات بناء دولة مواطنة عصرية وحديثة وقادرة علي ان تحجز موقعا متميزاً بين الامم والشعوب حاضرة بكثافة

وإن السودان يمتلك معطيات تؤهله لأن ينبي دولة قادرة علي الإسهام في قضايا السلام والتنمية الدوليين. ..

إذن لماذا لا نعيد التفكير في بناء وتأسيس الدولة سودانية علي اسس جديدة ؟؟؟

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *