كنديرة يكتب: “الإرث الإستعمارى، وممارسة الوكلاء المحليين الذى أدى الى الإبادة الجماعية فى “رواندا”، ومدى تشابهه مع ما يجرى فى السودان”.

125

عبد الرازق حسن كنديرة.

كنديرة يكتب: “الإرث الإستعمارى، وممارسة الوكلاء المحليين الذى أدى الى الإبادة الجماعية فى “رواندا”، ومدى تشابهه مع ما يجرى فى السودان”.

 

مرت 3 عقود على الإبادة الجماعية بحق عرقية التوتسي التي شهدتها رواندا في أبريل/نيسان 1994. آنذاك قتلت مليشيات من الهوتو قرابة 800 ألف رواندي من أقلية التوتسي والهوتو المعتدلين وعرقية التوا، في واحد من أحلك الأحداث في تاريخ العالم.

أدى إرث الاستعمار وحملات التحريض وخطاب الكراهية في وسائل الإعلام وبطء استجابة المجتمع الدولي للأزمة في رواندا إلى تأجيج الإبادة الجماعية.

توسعت الأزمة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة، فاشتعلت الحرب فيها، وتشهد حتى يومنا هذا أعمال عنف مستمرة.

كانت التوترات تختمر بالفعل بين الهوتو والتوتسي قبل أبريل/نيسان 1994. شكل التوتسي قرابة 8.4% من السكان وفقا لتعداد سكاني أجري عام 1991، وخلال حقبة الاستعمار تمتعوا بمزايا وامتيازات.

وشكل الهوتو 85% من السكان، لكنهم لم يتمكنوا عمليا من الحصول على التعليم والفرص الاقتصادية المساوية.

تقول الباحثة والأستاذة السابقة بجامعة غوتنبرغ السويدية لينارت وولجيموث “يستخلص المؤرخون بشكل عام أن البلجيكيين استخدموا التوتسي وكلاء في حكم البلاد، ولهذا قدموا لهم امتيازات خاصة”.

قبل الاستعمار، لم يكن ممكنا بسهولة التعرف على الانتماءات الإثنية للروانديين، كان من الاعتيادي أن ينال أثرياء الهوتو -على سبيل المثال- ألقابا بانتماء فخري للتوتسي.

وقالت وولجيموث “كان التقسيم يعتمد على مقدار الثروة الحيوانية التي يملكها الشخص، لكن البلجيكيين عززوا الخلافات بين الإثنيتين وتلاعبوا بهما”، وأضافت “كان التوتسي أفضل حالا بالفعل، وقد استخدموا بالطبع امتيازاتهم لتحسين حياتهم”.

في العام 1932 أجرت سلطات الاستعمار تعدادا سكانيا وأضافت التعريف الإثني على بطاقات الهوية. ساهمت هذه الخطوة في تعميق الانقسام المجتمعي. وفي العام 1959، عمت حركات الاستقلال أرجاء أفريقيا، فانتفض الهوتو ضد الاستعمار البلجيكي والنخبة الحاكمة من التوتسي.

أدى ذلك إلى فرار نحو 120 ألف شخص إلى دول الجوار، غالبيتهم من التوتسي، هربا من عمليات القتل والهجمات عليهم. وبعد الاستقلال عام 1962، وصلت حكومة من الهوتو إلى السلطة.

أما اللاجئون في دول الجوار، فبدؤوا بتنظيم أنفسهم في دول اللجوء، لا سيما التوتسي. وبدأت حكومة الهوتو تخشى تأثير إحدى أبرز المجموعات “جبهة رواندا الوطنية” التي اتخذت من أوغندا مقرا لها وتتمتع بدعم الرئيس يوري موسيفيني. وكان من بين أبرز قادتها الرئيس الحالي بول كاغامي. واندلع القتال أواخر عام 1990 بين الجبهة وحكومة رواندا.

فتيل الإبادة الجماعية:

تعرض التوتسي في تلك الفترة لحملة قمع عنيفة من قبل حكومة الهوتو، واتهمتهم بالتواطؤ مع جبهة رواندا الوطنية. وصورتهم الدعاية الحكومية على أنهم خونة، مما أثار غضبا واسع النطاق ضدهم.

بعد تدخل دولي، وقع الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا على اتفاقيات أروشا في أغسطس/آب 1993 لإنهاء القتال، مما أدى إلى وقف هجمات جبهة رواندا الوطنية. ونشرت الأمم المتحدة قوات لتسهيل عملية السلام في إطار بعثة أممية لمساعدة رواندا.

أثار ذلك غضبا بين الهوتو وحتى داخل الحكومة، وبدأ البعض تنفيذ عمليات قتل بناء على قوائم كانت تضم أسماء منتمين إلى إثنية التوتسي.

في 6 أبريل/نيسان 1994، أُسقطت طائرة تقل الرئيس الرواندي والرئيس البوروندي سيبريان نتارياميرا فوق كيغالي. وتوفي الرئيسان ومن كان على متنها.

لم يتم تحديد المتورطين في إسقاط الطائرة، إلا أن وسائل الإعلام المحلية وجهت أصابع الاتهام للتوتسي، واتهمتهم بالضلوع في اغتيال الرئيس، وحثت الهوتو على “التدخل والقيام بواجبهم”.

عمليات القتل:

كانت جرائم القتل ممنهجة. بعد ساعات على سقوط طائرة الرئيس، اغتالت قوات الأمن رئيسة الوزراء، وهي من الهوتو المعتدلين، و10 من قوات حفظ السلام البلجيكية المكلفة بحمايتها في منزلها يوم 7 أبريل/نيسان 1994.

ثم قامت القوات الحكومية بالتعاون مع مليشيا الهوتو المعروفة باسم إنتراهاموي -وهو اسم يعني “أولئك الذين يهاجمون معا”- بإقامة حواجز على الطرق في كيغالي، وبدأت في مهاجمة التوتسي والهوتو المعتدلين. وسرعان ما انتشر القتل إلى مدن أخرى.

فتح الجنود النار على الحشود، في وقت تنقل فيه رجال بالسلاح الأبيض بين المنازل مستهدفين التوتسي ومن يحاول حمايتهم أو تقديم الملاذ لهم من الهوتو، مستخدمين المناجل والهراوات الحادة أو غير الحادة. قتلوا الجيران وأفراد الأسرة، واغتصبوا النساء، ونهبوا المنازل. وفي وقت لاحق، تم اقتياد الضحايا إلى مناطق مفتوحة واسعة مثل الملاعب أو المدارس لذبحهم.

انتهت أعمال القتل بعد 100 يوم في 4 يوليو/تموز 1994 عندما سيطرت جبهة رواندا الوطنية على كيغالي. فر الهوتو، الذين شاركوا في الإبادة الجماعية بالإضافة إلى المدنيين من الهوتو خوفا من الانتقام، إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، في حين نهب المسؤولون خزائن الدولة وفروا إلى فرنسا..

وفى السودان ظلت الأزمة الوطنية تراوح مكانها منذ توريت 56 ومرورآ بكل الحراك الثورى المدنى منه والعسكرى ولكن تحالف النخبة السياسى والعسكرى ظل هو العقبة الكأداء أمام مطالب الشعوب السودانية فى الوصول الى صيغة للعقد الإجتماعى تؤسس لدولة المواطنة المتساوية ولا سيما بعد وصول عصابة الإخوان المسلمين التى مأسست للإنقسام المجتمعى عبر تقنين نظرية فرق تسد الموروثة وجعلت التعريف القبلى إلزاميآ للحصول على أى وثيقة وطنية أو الحصول على أى وظيفة مدنية كانت أو عسكرية بل احتكرت بشكل متعسف جدآ كل الكليات العسكرية لإثنية أو إثنيتين وفى نطاق جغرافى ضيق جدآ وكان نتيجة ذلك هو ما وصلنا له الآن فى حرب الخامس عشر من ابريل والتى كانت متوقعة لكل متابع حصيف حيث أن النخبة الفاشلة قد وصلت الى حالة العجز التام فى ابتداع الحلول للأزمة السودانية المزمنة وما عادت المسكنات وفرق تسد تجدى نفعآ واستنفدت كل حيلها للتشبث بالحكم امام المد الثورى وثورة الوعى التى حدثت مؤخرآ وساعد الانفجار التقنى والتكنولوجى فى رفع الوعى بين هذا الجيل من خلال وسائل التواصل الإجتماعى وباتت المعلومة فى متناول اليد !

ولكن المؤسف أنها اتبعت نفس اسلوب الهوتو فى تسخير الإعلام الرسمى والشعبى فى تأجيج النعرات القبلية وتجريم مجتمعات بكاملها بحجة أنها حواضن لثوار الد/عم الس/ريع ووجهت ابواقها الإعلامية بالتحريض على إبادتهم كى تعطى مبرر للقيام بذلك فعليآ وقد فعلوا ذلك مستخدمين سلاح الطيران الذى تحتكره قبيلة واحدة باتت معروفة للجميع وهى التى ينتسب إليها رئيس وقائد العصابة التى اشعلت الحرب !

فهل يا ترى تركوا شيئآ لم يفعلوه لتكرار تجربة الإبادة الجماعية فى رواندا أو هل من سبب لذلك لم يوفروه ؟؟!!

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *