“بورتسودان” تقف مع “طهران” ضد “إسرائيل” .. هل يشهد العالم ميلاد “حوثي” جديد على البحر الأحمر؟.
“بورتسودان” تقف مع “طهران” ضد “إسرائيل” .. هل يشهد العالم ميلاد “حوثي” جديد على البحر الأحمر؟.
بلو نيوز الإخبارية: وكالات-
تقرير: بوابة السودان
مقدمة:
في ظل التخبط السياسي والدبلوماسي وشبح الانهيار العسكري لسلطة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، تمضي وزارة خارجية بورتسودان قُدماً في إعادة علاقتها القديمة بنظام الملالي في طهران، مثيرةً بذلك جدلاً إقليمياً ودولياً. فقد أصدرت اليوم وزارة خارجية بورتسودان، التي يسيطر على مفاصلها الإسلاميون، بياناً رسمياً شديد اللهجة أدانت فيه الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران أمس، والذي جاء رداً على هجوم إيراني سابق على إسرائيل، واصفةً ذلك بأنه انتهاك صارخ لسيادة إيران وتهديد للأمن الإقليمي والدولي. ويعكس هذا البيان مدى التنسيق السياسي والأمني والعسكري بين بورتسودان وطهران بعد استئناف العلاقات بينهما في أكتوبر 2023، بعد قطيعة دامت ثماني سنوات.
استئناف العلاقات السودانية الإيرانية:
بدأت بوادر عودة العلاقات بزيارة “علي الصادق”، وزير خارجية حكومة البرهان في بورتسودان، إلى إيران في فبراير الماضي، حيث أشار إلى أهمية استعادة العلاقات “العريقة” بين البلدين، واعتبرها الرئيس الإيراني آنذاك، إبراهيم رئيسي، خطوة لخلق فرص جديدة وتعويض الفرص الضائعة. وفي يوليو 2023، جرى تبادل السفراء بين البلدين، حيث استقبل البرهان السفير الإيراني حسن شاه حسيني، فيما اعتمدت طهران عبد العزيز حسن صالح سفيراً لبورتسودان، لتدشّن بذلك مرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية.
الدوافع وراء التحالف الإيراني السوداني:
يرى مراقبون أن إيران تسعى إلى تعزيز نفوذها في القارة الإفريقية عبر السودان، لما يتمتع به من موقع استراتيجي يطل على البحر الأحمر، وهو موقع مفصلي في ظل وجود حلفاء لها، على غرار جماعة الحوثي التي تشكل تهديداً للملاحة الدولية في البحر الأحمر. ويبدو أن البرهان يعوّل على هذا التقارب في إطار سعيه للحصول على الدعم العسكري، خاصةً مع اشتداد الصراع الداخلي. في حين يعتقد محللون أن حكومة البرهان المدعومة من عناصر النظام الإسلامي السابق تلتزم بإبعاد علاقاتها عن إسرائيل كشرط إيراني لإعادة العلاقات وتقديم الدعم العسكري.
التعاون العسكري بين السودان وإيران:
أعاد التعاون العسكري بينهما الزخم للعلاقات الثنائية بعد استئنافها، حيث أرسلت إيران ما لا يقل عن تسع رحلات شحن من طهران إلى بورتسودان خلال الفترة من ديسمبر 2023 حتى يوليو 2024، عبر شركة “قشم فارس للطيران”، التي تملكها قوى تابعة للحرس الثوري الإيراني وتخضع لعقوبات أميركية. شملت هذه الشحنات طائرات بدون طيار من نوع “مهاجر-6″، محطات تحكم أرضية، مدفعية، ومعدات عسكرية أخرى، وقد وردت هذه الشحنات قبل حملة عسكرية شنها جيش البرهان في أوائل 2024، ما يثير تساؤلات حول دور إيران وأسلحتها في هذه الحرب المدمرة.
ردود الفعل الدولية:
فرضت الحكومة الأميركية الأسبوع الماضي عقوبات على الفريق أول ميرغني إدريس، مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية، المعروف بكونه المسؤول المباشر عن تمويل وتسليح الجيش السوداني خلال الحرب وأحد المقربين لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، يوم الخميس الماضي، أن الجيش السوداني وضع شراء الطائرات المسيّرة من إيران وروسيا في مقدمة أولوياته، بدلاً من السعي لتحقيق السلام.
واعتبر محلل سياسي تعليق وزارة الخارجية الأميركية حول سعي الجيش السوداني لشراء مسيّرات من روسيا وإيران، إلى جانب فرض العقوبات على شخصيات مؤثرة ومقربة من البرهان، مؤشراً على أن الحكومة الأميركية قد ضاقت ذرعاً بسياسات البرهان وهروبه المتكرر من الحلول السلمية واصطفافه مع معسكر الحرب بقيادة روسيا وإيران.
تداعيات الحرب والنزوح في السودان:
منذ اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في أبريل 2023، وهي حرب تدلل شواهد كثيرة على دور الإسلاميين في إشعالها، يشهد السودان نزاعاً مستمراً أسفر عن مقتل أكثر من مئة ألف شخص وفق إحصائيات الأمم المتحدة، وتشريد ما يقارب 11.3 مليون شخص، ثلثهم لجأوا إلى دول الجوار. وقد وصفت الأمم المتحدة الأزمة السودانية بأنها أكبر أزمة نزوح داخلي وأكبر أزمة نزوح للأطفال، إذ يتجاوز عدد الأطفال النازحين 3 ملايين طفل داخل وخارج السودان. كما تهدد المجاعة نحو 26 مليون سوداني، مع إعلان حالة المجاعة في بعض مناطق دارفور، ما يمثل كارثة إنسانية كبرى على المستوى العالمي.
خاتمة:
يعكس التحالف الجديد القديم بين بورتسودان وطهران في ظل قيادة عبد الفتاح البرهان تحولاً استراتيجياً يحمل تأثيرات إقليمية ودولية، خصوصاً في ظل الصراع الداخلي والأزمات التي يواجهها السودان.
إن هذا التقارب لا يساهم فقط في استدامة الحرب وبالتالي تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة، لكنه يثير كذلك قلقاً إقليمياً ودولياً بشأن تهديد أمن البحر الأحمر والملاحة الدولية. وبينما يعاني السودانيون من تداعيات النزاع الداخلي والمجاعة، يظل المستقبل مرهوناً بتطورات هذا التحالف الجديد وتأثيراته على الاستقرار الإقليمي وتهديد السلم والأمن الدوليين، ودور المجتمع الدولي في إيقاف الحرب وتقديم المساعدات العاجلة لإنقاذ السودانيين.