فاطمة لقاوة تكتب: اتهام حكومة شياطين بورتسودان لدولة الإمارات باطلاً!!

في خطوة تُثير الكثير من الإستغراب والتساؤلات، تقدم ممثل حكومة بورتسودان – غير المعترف بها دوليًا – بادعاءات ضد دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، متهمًا إياها بالتدخل في الشأن السوداني ودعم أطراف في النزاع الدائر الآن،والذي بدأه عناصر من الجيش السوداني مواليه للإسلامويين بهدف العودة للسلطة بعد أن أقلعهم الشعب السوداني في ثورته العظيمة التي ساندها قائد قوات الدعم السريع بإنحيازه للشارع السوداني الثائر.
هذه الخطوة من ممثل حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، لم تُفاجئ المراقبين بقدر ما أثارت لديهم تساؤلات حول أهدافها الحقيقية وتوقيتها، في ظل التراجع السياسي والأخلاقي الذي تعاني منه تلك الحكومة وهي تطلق أيادي المتطرفيين من الفصائل التي تقاتل في طرفها ،لتقتل وتذبح وتنكل بالمواطنيين في أحياء الخرطوم والقًرى والمُدن الأخرى على أساس جهوي عُنصر تهدف من خلاله لإشعال حرب أهلية تحقيقا لشعار (أو تًرق كُل الدماء).
ما طُرح في أروقة المحكمة لم يكن إلاَّ سِلسلة من المزاعم التي تفتقر إلى السند القانوني والواقعي، وتعتمد على سردية أقرب إلى الخطاب السياسي منه إلى المرافعة القضائية، إذ بدا أن الغرض لم يكن إثبات حالة قانونية بقدر ما كان محاولة لتصدير أزمة داخلية عميقة إلى الخارج، والتشويش على صورة الإمارات، التي كانت ولا تزال من الدول الداعمة لمساعي الإستقرار في السودان.
الإمارات، التي ساهمت في مبادرات عدة لإحلال السلام في المنطقة، لم تكن طرفًا في النزاع السوداني بقدر ما كانت وسيطًا إقليميًا يسعى لتقريب وجهات النظر بين السودانيين أنفسهم. أما الادعاء بأنها تؤجج الصراع، فهو لا يصمد أمام أدنى تمحيص موضوعي، ولا ينسجم مع سجلها المعروف في هذا السياق،وقد شاهد العالم المساهمات الإنسانية لدولة الإمارات ووصول الدعم الإنساني الإمارتي لبورتسودان .
الخطير في هذه المرافعة هو أنها كشفت عن مدى إستعداد حكومة بورتسودان للذهاب بعيدًا في إستخدام المنابر الدولية لخدمة أجندتها الضيقة، ولو على حساب علاقات السودان الإقليمية، بل وعلى حساب مصداقية الدولة السودانية نفسها،فأن يُمثل السودان في محفل دولي بخطاب مشحون بالإتهامات الباطلة، دون تفويض شعبي أو شرعية سياسية، هو أمر يجب أن يُسجّل لا كخطوة قانونية، بل كواقعة سياسية تستحق المساءلة.
إن العبث بالشرعية القانونية في أروقة محكمة العدل الدولية، ومحاولة توظيف القضاء الدولي لتحقيق إنتصارات إعلامية مؤقتة، لا يخدم السودان ولا قضيته،بل على العكس، فإنه يعمق عُزلة الحكومة التي نصبت نفسها وصية على البلاد من دون تفويض، ويُضعف موقف السودان في أي مسعى حقيقي نحو الحل.
في المحصلة، يبقى السودان أكبر من أن يُختزل في حكومة مؤقتة تسعى لتصفية حسابات سياسية تحت غطاء القانون،والواقع لا يمكن حجبه بمرافعات جوفاء، ولا الإدعاءات الكاذبة قادرة على أن تحجب سجلًا دبلوماسيًا معروفًا وموقفًا ثابتًا كذاك الذي تنتهجه الإمارات تجاه السودان.
من منظور قانوني، ما قامت به حكومة بورتسودان لا يمثل فقط إساءة إستخدام للمنابر القضائية الدولية، بل يحمل تداعيات قد تُضعف مكانة السودان القانونية على المدى الطويل،فمحكمة العدل الدولية، بوصفها الهيئة القضائية الأرفع للأمم المتحدة، تقوم على مبدأ الحياد والنزاهة، ولا تتسامح مع محاولات تسييس العدالة أو تحويلها إلى منصة للصراع الدعائي.
تقديم قضايا قائمة على إتهامات لا تستند إلى أدلة قوية قد يؤدي إلى إضعاف مصداقية تمثيل السودان في المستقبل أمام المحاكم والمنظمات الدولية، خاصة إذا تبين أن الحكومة التي رفعت القضية تفتقر إلى الاعتراف الدولي، أو أنها لا تمثل الإرادة الشعبية.
علاوة على ذلك، فإن هذا النوع من السلوك قد يُنظر إليه كمؤشر على غياب الجدية في التعامل مع القانون الدولي، ما قد يؤثر سلبًا على أي مطالبات مستقبلية للسودان أمام الهيئات الدولية، سواء في ما يخص قضايا الحدود، التعويضات، أو الدعاوى المتعلقة بانتهاكات
حقوق الإنسان.
وفي السياق الدبلوماسي، فإن الزج باسم دولة ذات ثِقل إقليمي مثل الإمارات في قضية لا تستند إلى وقائع موثقة، قد يُفهم على أنه تصعيد غير مبرر، يُفاقم عُزلة الحكومة المؤقتة بدلاً من أن يُعزز موقفها،كما أنه يضعف فرص السودان في الإستفادة من علاقاته الإقليمية والدولية لحلحلة أزماته الراهنة.
هذا يؤكد رعونة القائمين على أمر حكومة شياطين بورتسودان وتخبطهم في اتخاذ القرارات والمواقف.
ولنا عودة بإذن الله.