كادوقلي: اعتقالات تعسفية والأجهزة الأمنية تعلن الحرب على “ستارلينك” .. فهل أصبحت الأطباق الفضائية أخطر من المدافع؟

كادوقلي – بلو نيوز الإخبارية
في مشهد يعكس تصاعد القبضة الأمنية في جنوب كردفان، شنت الأجهزة الأمنية بمدينة كادوقلي حملة واسعة لمصادرة أطباق الاتصال الفضائي (ستارلينك) من عدد من مراكز الإنترنت التجارية، التي تمثل المتنفس الرقمي الوحيد لأهالي المدينة في ظل انقطاع شبكات الاتصالات التقليدية.
الحملة التي نفذت دون إنذار مسبق استهدفت مراكز تقدم خدمة الإنترنت عبر أطباق “ستارلينك”، بحجة “العمل بدون تصاديق”، إلا أن نشطاء وسكانًا محليين رجحوا أن الدوافع أمنية بحتة، خصوصا بعد تصاعد التوترات في أعقاب هزيمة الجيش في معركة أم عدارة وسيطرة الحركة الشعبية والدعم السريع على المنطقة.
وصف الفاضل سنهوري، القيادي في الحركة الشعبية، الخطوة بأنها “ضربة جديدة لحق المواطن في الوصول إلى المعلومات ووسائل الاتصال الحرة”، مشيرًا إلى أن السلطة الأمنية أصبحت تخشى كل ما هو متصل بالعالم الخارجي.
وبحسب إفادات أصحاب المراكز، فإن التصديق لتشغيل خدمة “ستارلينك” يخضع لسلطة جهاز الأمن والمخابرات، عبر مكتب يتبع له داخل المحلية، حيث فُرضت رسوم جديدة بلغت 150 ألف جنيه سوداني، مع ضرورة وجود واسطة أو علاقة بشخص نافذ لتسريع الإجراءات أو استعادة الأجهزة المصادرة.
وقال أحد أصحاب المراكز في سوق كادوقلي؛ فضل الإشارة إليه بـ(ك، م)، إن الحصول على التصديق يتطلب حضورًا شخصيا وفحصًا أمنياً والموافقة على وجود عنصر أمني دائم داخل المركز، مضيفًا: “من دون هذه الشروط، الإنترنت يعامل كجريمة لا خدمة.”
تزامناً مع هذه الحملة، شهدت المدينة موجة من الاعتقالات التعسفية طالت عددًا من المواطنين، تحت اتهامات بالتخابر مع قوات الدعم السريع أو الحركة الشعبية، مما أثار مخاوف من عودة أجواء الرعب والتجسس داخل المجتمع، وفق ما أفاد به سكان محليون.
وتعيش كادوقلي منذ أسابيع في عزلة رقمية، مع انقطاع تام لشبكات زين وMTN، مما جعل “ستارلينك” الوسيلة الوحيدة للارتباط بالعالم. لكن حتى هذا الشريان الحيوي، بات الآن هدفا لسلطة تخشى التواصل وتخنق المعلومة.
وقال أحد المساعدين الفنيين بمركز اتصالات، رفض ذكر اسمه، (جاؤوا فجأة، صادروا الجهاز، وقالوا إن التصديق منتهي، ولم يكن الأمر يتعلق بتجديد أو ترخيص، بل كانت رسالة واضحة؛ (إما أن تصمت، أو تغلق وتعتقل).
وفي الوقت الذي تغيب فيه الدولة عن توفير أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء واتصال، تبرز حملات المصادرة كمشهد متكرر في فصول السيطرة الأمنية على العقول قبل الأجهزة، فهل أصبحت الأطباق الفضائية أخطر من المدافع؟ وهل بات الوصول للإنترنت جريمة تدار من مكاتب الاستخبارات؟