فضيحة السلاح الكيميائي في السودان .. لجنة تحقيق أم مسرحية عبثية؟

بلو نيوز الإخبارية – متابعات
في تطور خطير يضع قيادة الجيش السوداني في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي، أصدر القائد العام للجيش قرارًا بتشكيل لجنة للتحقيق في “مزاعم” الولايات المتحدة بشأن استخدام أسلحة كيميائية في حرب أبريل الجارية. إلا أن هذا القرار، بحسب متابعين، لا يعدو كونه محاولة جديدة لتضليل الرأي العام المحلي والدولي، وإغراق الحقيقة في دوامة من الإنكار والمراوغة.
فالجيش الذي يشتبه بقيامه باستخدام أسلحة محرمة دوليًا في مناطق مأهولة بالسكان، يشكّل لجنة تحقيق تحت سلطته، وبأمر من قائده العام نفسه، ما يفتح الباب واسعًا أمام تلاعب بالأدلة وتبرئة الذات، خاصة وأن هذا النوع من الأسلحة لا يُستخدم إلا بأوامر من أعلى الهرم العسكري، وفقًا للبروتوكولات المتعارف عليها عالميًا.
في هذه الأثناء، تتوالى شهادات الأطباء من مستشفيات أم درمان ومراكز الإيواء عن حالات إصابة مروعة تمتلئ بها مجموعات التواصل الخاصة بالطواقم الطبية. الأعراض متطابقة مع التعرض لغازات كيميائية: تهيج شديد في الجهاز التنفسي، تقرحات جلدية، مشكلات في العيون، واضطرابات في الجهاز الهضمي، فيما تؤكد مصادر طبية موثوقة أن هذه الإصابات ظهرت عقب قصف جوي عنيف استهدف مناطق مدنية.
وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لما قيل إنها مخلفات ذخائر كيميائية، إضافة إلى واقيات وأقنعة خاصة تركها الجيش خلفه في معارك بولاية كردفان. هذه الصور تعزز فرضية استخدام السلاح الكيميائي، وتفضح الرواية الرسمية التي حاولت تبرير ظهور الأعراض بانتشار وباء الكوليرا، رغم أن هذا الوباء لا ينتشر في الظروف المناخية الحالية، ولا عن طريق مياه النيل المتدفقة.
الشارع السوداني يتساءل اليوم .. هل ما زال بالإمكان تغطية ضوء الشمس بأصبع؟ وهل يمكن لسلطة اعتادت الإنكار أن تحاسب نفسها؟ بينما يرى مراقبون أن العالم لم يعد أمامه خيارات كثيرة، فالصمت على جرائم من هذا النوع بات تواطؤًا غير معلن .. إن الدعوات الدولية اليوم تتجه بقوة نحو ضرورة التدخل لحماية المدنيين، وفرض عملية انتقال سياسي تضمن العدالة، وتضع نهاية لعقود من الإفلات من العقاب في السودان.