كتائب الإسلاميين في السودان… تسويق خادع للتحشيد

67
كتائب المعتصم بالله الإستراتيجية الجهادية

راينو:بلو نيوز الإخبارية –

• (المعتصم بالله) لافتة جديدة لجماعات تزهق الارواح بعاطفة الدين أو بكذبة الكرامة …

• ظهور (المعتصم بالله) شمالا لنقل ميدان المعركة لخدمة خطاب الاستقطاب

المناطقي والجهوي والعنصري

• المكون الحقيقي لهذه الكتائب ليسوا مواطنين بل نظاميون ملثمون للايحاء بحشد شعبي والتفاف مزيف

• الملثمون ضرورة لرفع الحرج عن النظاميين في عدم الالتزام بقواعد الاشتباك وتسهيل المذابح

(المعتصم بالله) آخر الأسماء المطلة على ساحة العنف والدماء والمعارك في السودان، عقب بث فيديوهات يخاطب فيها أحدهم ملثمين مسلحين، معلنا تسمية كتيبة (المعتصم بالله الاستراتيجية) كإحدى الكتائب المقحمة جديدا في القتال إلى جانب الجيش السوداني في الولاية الشمالية… الفيديو الذي ابتدره المتحدث بآيات من كتاب المسلمين (القران الكريم) تعمد اختيار آيات جرت العادة على استخدامها من قبل الإسلاميين المتطرفين وتنظيمهم منذ وصولهم للسلطة بانقلاب عسكري في 1989م… فمن هي كتيبة المعتصم بالله؟

كتيبة جديدة

يرى كثيرون أن كتيبة المعتصم بالله الاستراتيجية التي جرى الإعلان عنها الأسبوع الماضي، ما هي إلا لافتة جديدة لذات الجماعات ذات النمط السلوكي الدموي التي تهدف للقتل وإزهاق الأرواح تحت شعارات عاطفية منها ما هو ديني جهادي، وأخرى ترتبط بالأرض والعرض تحت ما يوصف بأكذوبة الكرامة…

فيما جاءت تعليقات بعض الإسلاميين السابقين بأن المعتصم بالله الاستراتيجية لا تختلف كثيرا عما سبقها من كتائب، كالبراء بن مالك، والدبابين، والطيارين والبرق الخاطف، والاهوال، وغيرهم من الكتائب التي إنشاءها الإسلاميون من منسوبيهما الشبان، وأن معظمهم يجيء من تنظيمات الإسلاميين الطلابية سواء وكالة النشاط الطلابي أو الأمن الطلابي أو الاتحاد العام للطلاب السودانيين فضلا عن الأمن الشعبي والدفاع الشعبي. ويجمع بين كل تلك الواجهات تمتع منسوبيها بامتيازات وصلاحيات تتجاوز أقرانهم سواء في الخدمة المدنية أو العسكرية…

سر الاسطرة

ولا يبدو أن تلك الكتائب وسمعتها جاءت صدفة أو وجدت عبثا، بل عن طريق ما مارسته من أدوار في المشهد السياسي والأمني السوداني، وآخرها ممارسات تلك الكتائب تحت وصف(الأمن الشعبي)خلال حراك ثورة ديسمبر المجيدة في السودان والاغتيالات والانتهاكات التي تم توثيقها عبر الثوار…

بيد أن الأدوار الأكثر وضوحا جاءت في أعقاب انقلاب البرهان في 25 أكتوبر 2021م على الحكومة الانتقالية، حيث عملت تلك الكتائب على قمع المظاهرات وتصفية الناشطين، بل وتم إيجاد موطئ قدم لعناصرها داخل شرطة الاحتياط المركزي التي وجهت لها الإدارة الأمريكية عقوبات فيما بعد بحكم بطشها غير المبرر في مواجهة الثوار السلميين…

وطبقا لتقارير إعلامية سابقة فإن تلك الكتائب متهمة بالتورط في اغتيال ضابط كبير في شرطة الاحتياط المركزي وتلفيق التهمة لعدد من الثوار بسبب رفضه إصدار تعليمات باستخدام القوة في مواجهة الثوار.

وقبيل حرب الـ15 ابريل كان المشهد الأخير الذي فرض كتائب الإسلاميين على المسرح السوداني، وتترجم في خروج عدد من قيادات الحركة الإسلامية ومنسوبيها في مختلف القطاعات يتوعدون ويهددون بإشعال الحرب وتخريب البلاد حال تم التوصل إلى إي اتفاق سياسي بين الجيش وقوى الحرية والتغيير، وهو ما حدث بالفعل بعد اقتراب توقيع الاتفاق الإطاري.

قادمة من الظل

وارتبطت مفردة الكتائب بالمجموعات والجماعات الاستثنائية والخاصة بأجهزة الإسلاميين السرية العسكرية والأمنية، وبحسب تقارير إعلامية سابقة برزت المفردة إبان حراك ثورة ديسمبر 2018م في السودان، حيث تم تداول مقطع فيديو وآخر صوتي لإحدى أبرز قيادات الإسلاميين وهو علي عثمان محمد طه، هدد فيه المحتجين والثوار بما أسماه آنذاك «كتائب الظل».

وطبقا للعديد من المعلومات حول هذه الكتائب فقد أورد إسلاميون سابقون بل وعسكريون كانوا ضمن هذه الكتائب، بأنها عبارة عن منسوبين للحركة الإسلامية وغير معروفين بانتمائهم في الأوساط والمجتمعات المحلية وتعمل بشكل سري تحت عنوان عريض هو (الأمن الشعبي) وشاركت بمختلف صنوفها وأسمائها إبان فترة حكم البشير وخلال ثورة ديسمبر في قمع المحتجين السلميين والتنكيل بالمعارضين طوال عمر النظام، وارتكبت الكثير من الفظائع عبر الملثمين والسيارات رباعية الدفع من دون لوحات.

ويذهب المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية الهادي محمد الأمين في حديثه ل ( راينو ) إلى أن الإخوان المسلمين مثلهم مثل القوى العقائدية التي تستند في بنيتها التنظيمية علي ما يسمى ب (الشوكة) أو (القوة) التي تؤسس ل (كيان النصرة) نصرة الداخل والخارج، مبررا ذلك بأن طبيعة المنظومة ذات امتدادات خارجية فهي تكوينات محلية بارتباطات إقليمية وأممية تتجاوز الحدود الجغرافية، وقال: حركة الإخوان المسلمين تأسست علي الكتائب في مستوياتها المختلفة بدءا من بناء أنوية وتشكيلات طلابية عسكرية تتكون في المدارس الثانوية والجامعات وتطورت فيما بعد تحت مسمى (الأمن الطلابي) وتظهر في مواسم معينة مثل خلال انتخابات الاتحادات أو بسبب حالات الصدام وحوادث المواجهة مع خصومها من القوى التي تناصبها العداء أو المنافسة لها خاصة القوى اليسارية وتحتفظ الكتائب ب (كوادر العنف) وتابع: هذه الكتائب لها تقاليد وإرث وإنتاج أدبي (الأدب أو الشعر الجهادي) الأناشيد ومعسكرات تدريب خاصة تتلقى فيها جرعات تدريبية خاصة ومتقدمة غير التدريب العسكري في معسكرات الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية فقد تدربت بعض عناصرهم في إيران تحت إشراف الحرس الثوري ومجموعات أخرى في سهل البقاع تحت رعاية حزب الله اللبناني وكذلك قاتلت في أفغانستان خلال الحرب بين الاتحاد السوفيتي والأفغان وفي البلقان وغيرها من مناطق القتال في البؤر الساخنة حول العالم.

كذلك برزت قوات أخرى وإن كانت ذات طبيعة علنية هي قوات الدفاع الشعبي الذي أنشأها الرئيس المخلوع البشير في بدايات انقلاب تنظيم الإسلاميين وترتبط بالجيش بحكم قانونها، وطبقا لتقارير إعلامية فإنها ميليشيات إسلامية، ودمجت فيها الكثير من الميليشيات القبلية، ويتجاوز عددها 15 ألف مجند فاعل، واحتياطي يقارب المائة ألفا- وهو ما لم يثبت وجوده إلى الآن- تنتشر إلى جانب وحدات الجيش.

واتخذت المليشيات والكتائب التي أنشأها الإسلاميون عددا من الأسماء في مقدمتها كتائب «الأهوال»، و «الأنفال» و «الدبابية» والطيارين، فضلا عن «كتيبة البراء» التي برزت مؤخرا عقب اندلاع الحرب في 15 أبريل ثم المعتصم بالله الاستراتيجية في الولاية الشمالية، وتعمل إلى جانب تلك الكتائب مجموعات من المقاتلين السابقين المتطرفين، التي تزايد نشاطهم بصورة مكثفة بعد الحرب، واستقطبت مقاتلين سابقين، من بينهم حسب تقار ير محلية مهندسون وفنيون عملوا على تطوير الأسلحة في التصنيع الحربي، بما في ذلك «المسيرات»، على نفس منوال حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، يصنعون أسلحة خاصة بهم.

لماذا الآن؟

ويرى مراقبون أن أخطر الكتائب التي برزت في الساحة هي كتيبة المعتصم بالله الاستراتيجية، لكونها برزت في محيط مستقر نسبيا وهو الولاية الشمالية، فضلا عن أن ظهورها هناك هو نقلة نوعية في ميدان المعركة الذي ظل طوال سنوات النظام البائد في الهامش بجنوب السودان أو غرب السودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وأنه ببروز هذه الكتيبة يمكن تلقائيا انتقال ميدان المعركة إلى الشمال، بما يخدم خطاب الاستقطاب المناطقي والجهوي والعنصري الذي افتعله الإسلاميون وساهم في تمدده شخصيات تتحدث محسوبة على الدعم السريع فضلا عن تفتلتات لبعض منسوبيهما في الميدان…

وأعتبر الكثير من المحللين أن بروز الجماعات والمليشيات المحسوبة على تنظيم الإسلاميين خصوصا كتيبة البراء بن مالك ومن بعدها حاليا المعتصم بالله الاستراتيجية، يجيء بهدف تحقيق نوع من مساندة وتثبيت ثبات اقدام الجيش في المعارك، بعدما توالت هزائمه بشكل مفاجئ وفاضح، بالإضافة إلى أن ظهور وبروز تلك الكتائب ارتبط بخطابات تعبوية واستنفارية من قبل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان والمعروف بتحالفه مع الإسلاميين منذ انقلابه على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر وأسهم في إعادتهم لوظائفهم ورد ممتلكاتهم وأموالهم التي كانت لجنة إزالة التمكين قد احتجزتها …

تسويق مزيف

ويذهب المحلل السياسي إيهاب محمد الحسن (بلنجة) في حديثه ل ( راينو ) إلى أنه من السذاجة اعتبار أن تلك الكتائب هي كتائب مواطنين مستنفرين بالفعل خصوصا وأن الكثير من الإسلاميين أضحوا مهزومين نفسيا بعد انكشاف حجم جرائمهم في حق السودان سيادته وموارده، وانفضاح عرش الفساد الذين كان يحكمون عبره وبه البلاد، بالتالي فإن إعداد هذه الكتائب غير حقيقي وإن لم يكن تعدادهم معلوما بدقة. وأضاف: حاليا يتم إعلان الكتائب دوما بعد خطاب استنفار من قيادات الإسلاميين في الجيش وفق سيناريو محسوب بدقة، إذ إن ظهور كتيبة كالمعتصم بالله ملثمون ومسلحون يوحي بأن ثمة استجابة من المواطنين للاستنفار، ولكن الحقيقة هي أن هناك بعض المخدوعين بخطاب الاستنفار وانطلاقا من مخاوف خاصة على أموالهم ومنازلهم من انتهاكات بعض عناصر الدعم، انضموا لهذه الكتائب.

وشدد الحسن في ختام حديثه، على أن المكون الحقيقي لهذه الكتائب غالبيتهم جنود وعسكريون اي نظاميون بالفعل، ويتم تلثيمهم حتى يظن الناس أنهم مواطنون لبوا نداءات الجيش، بما يكرس حالة التفاف غير حقيقية لما يوصف بالتجييش والتحشيد الشعبي.

قواعد الاشتباك

بيد أن أخطر الفرضيات تلك التي تتفق جزئيا مع حديث الحسن، وتزيد بأن الهدف الحقيقي من إعلان التعبئة والاستنفار منح إحساسا محليا وعلي المستوى الإقليمي والدولي بأن ثمة التفافا جماهيريا حول قرار الحرب لمواجهة الدعم السريع لكن الهدف هو رفع الحرج عن العسكريين والجنود والنظاميين عامة في عدم الالتزام بقواعد الاشتباك، فالإسلاميين العسكريين وجنود الجيش والمخابرات والاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن ومليشيات الإسلاميين أو من تبقى منهم بالإضافة إلى بعض المواطنين في هذه الكتائب يظهرون ملثمين بالتالي فإن النظر لهم يتم باعتبارهم مواطنين مستنفرين وعليه ليس عليهم ذات العين والرقابة في السلوك التي تركز على النظاميين مما يعفيهم من المسالة حال ارتكابهم تفلتات ممنهجة أو عدم تقيد والتزام بقواعد الاشتباك، ويسهل كذلك تمرير مخططات المذابح ومشاريع الحرب الأهلية التي يسعى لها الإسلاميون حتى يتمكنوا من مساومة القوى السياسية السودانية والمجتمعين الدولي والإقليمي ليكونوا جزءا من أي تسوية أو مساومة في مقابل إيقاف الحرب.

أسماء وأموات

الإسلاميون وكتائبهم على الرغم من خطتهم المبدئية في تغطية دخولهم ومشاركتهم في حرب عودتهم للسلطة بتواطؤ قيادات الجيش وعلى رأسهم البرهان- بحسب البعض- عبر التمويه باستنفار المواطنين منذ إعلان قائد الجيش له في مايو من العام الماضي، إلا أن خسائرهم وفقدانهم للعديد من قياداتهم حاليا ساهم في محاولة إجبار الموطنين بالفعل لحمل السلاح وضخ خطاب إعلامي مركز ومكثف لإنجاح ذلك الاستنفار بحيث تتم إعادة إنتاجهم بأنهم من وقف مع الجيش في حرب التحرير في مقابل سقوط نظامهم بثورة شعبية ألقت به إلى مزبلة التاريخ…

ويدلل المراقبون على فقدان الإسلاميين وكتائبهم للعديد من قياداتهم عبر صفحات رسمية محسوبة على التنظيم أو صفحات شخصية لمنسوبيهما تحمل التعازي تلو التعازي في أموات حربهم ولعل أبرزهم موت عمار عبد القادر الملقب بأمير الدبابية أو المجاهدين في معارك أم درمان بمعية عشرة آخرين، فضلا عن وفاة محمد الفضل رئيس الفكر والتأصيل بالحركة الإسلامية ونجل شقيق القيادي في التنظيم مصطفى عثمان إسماعيل 16 يونيو الماضي، كذلك موت حسين جمال وعلي شيخ العرب ومحمد عبد الله الطيب، بالإضافة إلى عمر أبو كلام وبابكر أبوحجيل، وعمر قاسم وأيمن عمر وحسن محمود الشهير ب ”أربكان”، وأحمد فتح الرحمن المعروف ب ”جاموس ”وصهيب مجدي وإدريس عبد الله، وحسن جابر ومحمد عثمان الشاعر وعمر العجب.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *