تشاد .. ماذا هناك؟ .. قراءة حول ما حدث في “أنجمينا”، وتداعياته على السودان حال تحوله لحرب مفتوحه .!!
دبنقا: بلو نيوز الإخبارية –
شهدت الأوضاع في تشاد تصعيدا خطيرا خلال الأيام الثالثة الماضية وأدت المواجهات العنيفة بين أنصار الحزب الحاكم، بقيادة الرئيس محمد دبي، وأنصار حزبي المعارضة الرئيسيين، التجمع الوطني والحزب الاشتراكي بلا حدود، إلى سقوط 8 قتلى على الأقل منهم 5 من أنصار المعارضة و 3 من أنصار الحزب الحاكم. ويخشى المراقبون من تأثيرات أي تطورات سلبية للأوضاع في تشاد على السودان في ظل استمرار الحرب وتدفق عشرات الألاف من السودانيين إلى تشاد بحثا عن الأمن والأمان.
- ما زال الوقت مبكرا:
وقدر السفير عادل حسين شرفي في حديث لراديو دبنقا أن الوقت ما زال مبكرا لمعرفة تداعيات تلك الأحداث الجارية في انجمينا ومدى تأثيرها على نظام الحكم، لكن يمكن أن نقول إن هناك ثلاث تأثيرات واضحة جدا لهذه الأحداث على السودان وفي حال تغيير نظام الحكم في تشاد.
أولها موقف الحكومة التشادية من الحرب في السودان وعلاقتها مع السودان وما يقال عن علاقاتها مع دولة الإمارات وما إذا كانت تسهل وصول الإمدادات والأسلحة للدعم السريع.
ثانيها، تأثير ما يحدث في تشاد على المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية والتي تقدم الكثير من المساعدات الغذائية والصحية والإنسانية للسودانيين المتواجدين في تشاد على الحدود بين البلدين وغالبتهم من دارفور.
ثالثها، هو تأثير الوضع على تدفق المساعدات الغذائية والصحية إلى داخل السودان باعتبار أن تشاد حاليا تمثل أحد المنافذ النشطة لتقديم بعض المساعدات لداخل السودان وتحديدا لإقليمي دارفور وكردفان. واختتم السفير عادل حسين شرفي حديثه بتمنيات بالاستقرار والسلام في تشاد لما لذلك من تأثير إيجابي على الوضع في السودان.
- مزيد من المعاناة للاجئين السودانيين:
استقبلت تشاد منذ اندلاع الحرب، ما يزيد عن 300 ألف سوداني هربوا من إقليم دارفور وخصوصا بعد الجرائم التي ارتكبت في الجنينة. وانضم هؤلاء إلى أكثر من 250 ألف سوداني لجأوا إلى تشاد خلال حرب دارفور في الفترة بين عامي 2002 و 2019. وتمثل الأراضي التشادية بجانب أراضي جنوب السودان الملجأ الأقرب جغرافيا والأكثر أمانا بالمقارنة مع الطرق الصحراوية التي تقود إلى ليبيا ومصر والأوضاع الأمنية المنفلتة في جمهورية أفريقيا الوسطى. هؤلاء اللاجئين ورغم ما يعانونه من شظف العيش وضيق الحال، إلا أنهم ينعمون والأمان في حماية قوى الأمن التشادية وغياب هذه القوى لأي سبب سيفتح الباب أمام التفلتات وربما انتقال العنف من السودان إلى داخل معسكرات اللاجئين. كما أن تدهور الوضع في تشاد سيجعل من السودانيين سجناء بين نزاعين ويحرمهم من الآمن الذي توفره تشاد الآن.
- قفل الطريق الرئيسي لإيصال المساعدات لدارفور:
الأراضي التشادية أضحت منذ بداية الحرب معبرا بديلا لوصول المساعدات الإنسانية والسلع والبضائع إلى المناطق المختلفة في دارفور وبالطبع للاجئين السودانيين في تشاد. حيث تمنع الحكومة السودانية وبشكل علني وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع كما جاء في تصريحات الفريق البرهان مؤخرا. وتوقف الطوف الأمني للحركات المسلحة الذي كان يؤمن وصول البضائع والسلع لإقليم دارفور منذ عدة أشهر بعد توسع المعارك لتشمل ولايات كردفان الثلاث والجزيرة.
وكان مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، قد أبلغ راديو دبنقا في مقابلة أجريت معه أن المساعدات الطبية تصل إلى مستشفيات الفاشر من شمال تشاد بالرغم من أنه تحدث عن استغلال بعض القوافل الإنسانية لنقل الأسلحة لقوات الدعم السريع. ومن المنطقي أن تقود أي زعزعة للاستقرار في الجارة الغربية إلى فرض ضغوط على المنظمات الدولية العاملة في مجال تقديم العون الإنساني لإقليم دارفور انطلاقا من الأراضي التشادية قد تجبرها إما على إخلاء موظفيها أو تقليل أعدادهم وبالتالي تقليص أنشطتها بما يؤثر على العون المقدم للاجئين السودانيين في تشاد وكذلك على تدفق المساعدات إلى إقليم دارفور.
- تعديل ميزان القوة العسكرية:
تداعيات التصعيد المحتمل في تشاد قد تكون لها جوانب استراتيجية وعسكرية في ظل اتهامات حكومة بورتسودان لانجمينا بأنها أصبحت قاعدة خلفية لنقل الدعم الإماراتي إلى قوات الدعم السريع. وتسبب ذلك في تبادل البلدين لطرد الدبلوماسيين قبل أن يلتقي وزيرا خارجية البلدين في كمبالا ليتوافقا على وقف التصعيد. وفي حال صحت دعاوي قيادة الجيش والتي تدعم اتهاماتها بتقارير دولية صادرة من عدة جهات موثوقة، فإن انفجار الأوضاع في تشاد سيؤثر سلبا على طرق إمداد قوات الدعم السريع وبالتالي على قدراتها القتالية وبالتالي على ميزان القوى في النزاع المسلح في السودان.
- خلفيات التصعيد في تشاد:
لكن ما الذي حدث في تشاد وما هي خلفيات الصراع التي قادت إلى التصعيد الحالي والمخاوف من انفجار الأوضاع وتأثيرات ذلك على السودان.
- اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية:
يأتي هذا التصعيد على خلفية اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والمحدد لها يوم السادس من مايو وسط اتهامات متبادلة من الطرفين باللجوء إلى استخدام العنف. ومن المعروف أن الرئيس محمد دبي كان قد تولى رئاسة البلاد بعد مقتل والده في العام 2021 ولفترة انتقالية تمتد إلى 18 شهرا يتم بعدها تسليم الحكم للمدنيين بعد انتخابات حرة ونزيهة. لكن الرئيس محمد دبي قرر تمديد الفترة الانتقالية لمدة 24 شهرا إضافيا لإعطاء الفرصة لاستكمال الحوار الوطني والتحضير للانتخابات.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، اصطفت غالبية الأحزاب والتنظيمات السياسية خلف مرشح الحزب الحاكم، الجنرال محمد دبي، ما عدا حزب التجمع الوطني والحزب الاشتراكي بلا حدود. حيث قرر الحزبان خوض الانتخابات بمرشحيهما في مواجهة الرئيس محمد دبي.
وبدء التوتر في التصاعد بعد مقتل والدة زعيم الحزب الاشتراكي، يحي ديلو، في 28 فبراير 2021، في هجوم للقوات الأمنية على منزله.
- اتهامات متبادلة بين الحكومة والمعارضة:
كما أن تدخل المحكمة العليا في تشاد في انتخابات رئيس حزب التجمع الوطني واعتبارها انتخابات غير شرعية صب المزيد من الزيت في نيران الخلافات، وهو ما يفسر اتهامات الحكومة في انجمينا بمحاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا قبل أيام والذي فتح باب التصعيد من جديد. وتظاهر مؤيدو حزبي المعارضة أمام مقر وكالة الأمن الوطني التشادية حيث حدثت مواجهات مع أنصار الرئيس محمد دبي يوم أمس وأدت لمقتل 8 أشخاص من الطرفين.
بعدها شنت القوى الأمنية التشادية هجوما على مقر الحزب الاشتراكي بلا حدود وألقت القبض على عدد من قياداته، قبل أن تعلن لاحقا عن مقتل زعيمه يحي ديلو خلال هذا الهجوم.
وقد شهدت الأوضاع في العاصمة التشادية هدوء حذر منذ توقف المواجهات يوم أمس الأربعاء 28 فبراير، ويخشى المراقبون من حدوث انقسامات في أوساط السلطة التشادية بعد تردد معلومات عن اعتقال صالح دبي، شقيق الرئيس السابق وعم الرئيس الحالي، وهو من المقربين ليحي ديلو.