الحكم المحلي بين الواقع والمأمول .. وهو مدخل التنمية .!!
- توطئة:
يكتسب الحكم المحلي اهميته القصوي من ارتباطه المباشر بالشعب والمواطن واشراكه وربطه بخطط وبرامج الحكومه المحلية لتوفير احتياجاته وتقديم الخدمات لا سيما تلك ذات الصفة المحلية له في مواقع سكنه وتواجده.
السودان من الدول ذات التجارب الواسعة في الحكم المحلي وتاريخ طويل وخبرات متراكمة في مجالات ادارة وتنظيم شئون المجتمعات المحلية من تقديم خدمات وادارة مرافق ودرء كوارث وفض نزاعات واي اهداف اخري تسعي لتحقيق الاستقرار.. ورغم الاهمية القصوي للحكم المحلي كأحد اهم مستويات الحكم الفدرالي الثلاث
(الاتحادي. الاقليمي او الولائي .المحلي) إلا ظل يعانى من كثير من التحديات والعقبات سنشير الي في حينها الامر الذي افقده القدرة علي ممارسه مهامه والقيام بدوره في تحقيق التنمية وبالتالي هنالك ضرورة قصوي تحتم معالجة الاختلالات الهيكلية والقانونية والمفاهميمية ووضع برامج واساليب جديدة وانظمة قانونية لضمان نجاح الحكم المحلي.
- مفهوم الحكم المحلي:
هنالك عدة تعريفات لمفهوم الحكم المحلي ولكن الشائع منها هي:
(أ) عرف الحكم المحلي بأنه صياغة عمل جماعي وتنفيذه علي المستوي المحلي.
(ب) هو الاستقلال النسبي لجغرافية او منطقة محددة ومعينة في إدارة شئونها المحلية ج الحكم المحلي يتسق مع نظام الحكم الديمقراطي.. فكلاهما يهدف الي مشاركة الشعوب والمجتمعات في ادارة شؤونهم .
وبالتالي حسب تعريف الامم المتحدة فالحكم المحلي يشير الي وحدات ادارية في الدولة تنشأ بموجب قانون لها صلاحيات ادارة الشؤون المحلية وهو اسلوب حكم يعالج التنوع والتباين ويعمل علي تحقيق المشاركة الشعبية مما يسهم في تنمية المجتمعات المحلية.
- خصائص الحكم المحلي:
نظام الحكم المحلي السليم ينبغي ان تتوفر فيه خصائص اهمها
– وجود قانون ينشأ بموجبه الحكم المحلي تحدد فيه الموارد والسلطات والصلاحيات
– وجود رقعة جغرافية محددة المعالم و معلومة الحدود وقدر من السكان
– وجود هيئة تشريعية حاكمة منتخبة او معينة او كليهما
– وجود اجهزة تنفيذية
– وجود موازنة مستقلة
- الاهداف العامة للحكم المحلي:
ترسيخ مبدأ الحكم الديمقراطي وتشجيع المشاركة الشعبية وتنمية روح المسؤولية وتقصير الظل الاداري وتقديم التنمية والخدمات للمواطنين عن طريق اشراكهم في السلطة.
- تجربة الحكم المحلي في السودان:
الحكم المحلي في السودان له تاريخ طويل منذ العام ١٩٣٧م حيث صدرت منذ تلك الحقبة الاستعمارية وحتي يومنا هذا العديد من القوانين والتشريعات خاصة بالحكم المحلي كلها كانت جيدة علي مستوي الاطر المفاهيمية والنظرية ولكنها جوبهت بتحديات التطبيق العملي ونذكر منها:
– قانون مارشال ١٩٥١م
– قانون إدارة المديريات ١٩٦٠م
– قانون الحكم الشعبي (جعفر علي بخيت) لسنة ١٩٧١م
– قانون الحكم المحلي لسنة ١٩٨١م
– قانون الحكم المحلي لسنة ١٩٩١م
– قانون الحكم المحلي لسنة ٢٠٠٣م
– قانون تنظيم الحكم المحلي لسنة ٢٠٢٠م
تلك القوانين تمثل الارث التاريخي النظري للحكم المحلي في السودان وتراكم قانوني لادارة انظمة الحكم المحلي ولكن ظلت أنظمة الحكم المحلي تواجه تحديات منها سن وإصدار القوانين الفوقية علاوة علي قسمة وتخصيص الموارد وضعف الكوادر الادارية وعدم وجود المسوحات اللازمة لجمع البيانات والمعلومات من مصادرها والانقسامات الاجتماعية الحادة بسبب قانون ١٩٨٩م الذي اشار في معايير انشاء المحلية الي تجانس السكان وهذا كرس للقبلية واضعف الولاء القومي.
- مستقبل الحكم المحلي:
الحكم المحلي يعتبر احد اهم الآليات والمواعين التي تتيح للشعوب والمواطنين في المشاركة في السلطة والموارد وادارة شؤونهم المحلية وادارة التنوع والاختلاف وتعزيز التعايش السلمي الديمقراطي بين المجتمعات المحلية وهو يعد حجز الزاوية في عملية التحول الديمقراطي والسلام العادل والشامل وبالتالي ينهي الاقصاء والتهميش ويعالج الاختلالات في معايير توزيع الثروة والسلطةوينهي مسببات الحروب والصراعات والنزاعات باشراك المجتمعات المحلية في شؤون الحكمةوالإدارة والسياسة.
وبما ان الموارد هي التي تعزز فرص نجاح الحكم المحلي في تنفيذ خطط وسياسات المجتمعات المحلية في إرساء دعائم التنمية المستدامة والخدمات فالأمر يتطلب توزيع عادل للموارد بما في ذلك الموارد البشرية وتوزيع الكوادر الادارية والفنية المؤهلة بناءا علي معايير يتفق يكون منصوص عليها في الدستور القادم معايير دقيقة تعالج الفوارق التنموية وتردم الهوة بين مستويات الحكم المختلفة وتعزز من الوحدة الوطنية.
- مطلوبات مهمة لضمان نجاح الحكم المحلي:
- فهم طبيعية العلاقة بين مستويات الحكم المختلفة بحيث تكون العلاقات توازي وليست توالي بمعني لايوجد مستوي اعلي وادني وان تكون هنالك استقلالية كاملة للحكم المحلي تخصيص موارد.
- إعادة هيكلة الحكم مما يساعد في تعزيز العمل المشترك وتنمية مفهوم المواطنة كأساس للحقوق والواجبات الدستورية.
- قيام مجالس محلية منتخبة تعزيزا للحكم المدني الديمقراطي واعطاء المجتمعات المحلية درجة عالية من الاستقلالية.
- القوانين والتشريعات المحلية يجب عن تعبر عن واقع وحال المحلية مع وضع اعتبار لتمثيل القوي الناهضة الشباب والمراة ومراعاة حقوق الاقليات لا جادة ادارة التنوع والاختلاف.
- ضرورة منح نصيب المحليات من الموارد القومية مع التمييز الايجابي المحليات المنتجة و المحليات الاقل نموا.
- وضع آلية لقسمة وتخصيص الايرادات وفقا لمعايير عادلة وشفافة ويتم تقسيم الموارد علي مستويات الحكم الثلاثة رأسيا حسب حجم المسؤوليات وافقيا بناءا علي معايير تراعي الثقل السكانية والتأثر بالصراعات والحروب والكوارث.
- الاهتمام بقضايا البيئة والتنمية المستدامة ووضع تشريعات خاصة بحماية الموارد المحلية وعودة عائدات الموارد الغابية للمحليات لتعمل علي حمايتها.
- وضع تشريعات خاصة بالشرطة والجيش و تبعيتهما الادارية للمستوي المحلي وتشريعات للادارات الاهلية بحيث تكون ذات ادوار اجتماعية وليست سياسية.
- هنالك أهمية قصوي لوجود وزارة للحكم المحلي تضطلع بمهام التنسيق بين المستويين الاقليمي أو الولائي والمستوي المحلي
نجم الدين دريسة..
باحث في شئوون التنمية والحكم المحلي.