عبدالله محمد: الحقيقة المرة .. هل المؤسسة العسكرية مؤسسة وطنية سودانية؟

23
البرهان قائد الجيش

الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للجيش السوداني.

عبدالله محمد

الحقيقة المرة هي أن المؤسسة العسكرية ليست وطنية ولا تخدم السودان ولا الشعب السوداني الصامد والصابر. هذه المؤسسة تأسست قبل استقلال السودان في زمن الاستعمار البريطاني المصري، أثناء فترة محمد علي باشا. كان هدفها ضرب العبيد وقيادتهم إلى سوق الرقيق، بالإضافة إلى جر الأسلحة الثقيلة آنذاك، وأحيانًا كانت تعمل كمترجمين للإنجليز، واستخدم بعضهم كدلائل لمناطق جغرافية للجيش الاستعماري. خلال فترة التحرير المؤقت، هربت هذه القوات مع المحتلين إلى مصر وعادت مع الإنجليز لاحقًا كفلقنايات للإنجليز في حملاتهم الانتقامية ضد الشعب السوداني، التي ارتكبت أبشع مظاهر القهر والإبادة والتنكيل في تاريخ السودان آنذاك.

استمرت هذه القوات تحت ذريعة كونها قوات وطنية سودانية، تمارس القتل والتشريد والاغتصاب والإبادة الجماعية على امتداد تاريخ تأسيس السودان. استخدمت القوة المفرطة حتى لجأت إلى استخدام أسلحة محرمة دوليًا في العديد من المناطق المختلفة وعلى امتداد حقبة تاريخية.

 

قامت هذه المؤسسة بعشرات الانقلابات وأحدثت فوضى في فترات مختلفة، مما أرهق شعبنا الأبي ودمر عشرات الثورات والانتفاضات الشعبية الناجحة. ومع ذلك، لا تزال هذه الجهة الإرهابية تشكل عائقًا أمام أحلام الشعب السوداني الصامد والصابر عبر التاريخ الطويل.

 

تحت اسم مكافحة التمرد، أدخلت البلاد في حلقة مفرغة من الصراع تحت حجج وهمية، وكانت ضحيتها ثمانية ملايين سوداني شريف عبر حقب تاريخية مختلفة. الغرض من المؤسسة العسكرية والأمنية في الدولة هو احتكار العنف واحتكار السلاح.

 

استمر الجيش في إنتاج مليشيات متعددة على امتداد تاريخه، وانتهى الأمر بالدعم السريع. في الحقيقة، حرمت هذه المؤسسة السودانيين من تأسيس دولتهم المنشودة وما زالت تمثل عائقًا أمام أي فرصة لتأسيس دولة مواطنة متساوية ودولة مؤسسات وسيادة قانون.

 

أخيرًا، وجدت ضالتها في التنظيم الإرهابي الإخواني، وتحالفت معه متعهدة بالبقاء في المشهد أو بدونها، مما يعني أنه لا دولة على الإطلاق. وهذا يؤكد أن هذا الجيش أسوأ بعشرات المرات من كيزان بحد ذاته. هذا الجيش يمثل عائقًا أمام أي مفاوضات مستقبلية أو مكسب سياسي، لأنه لا يقبل بأي تغيير لا يشمل مصالحه أو بقاءه كمالك ومتحكم في القرارات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية المتعلقة بالأمن القومي للسودان.

 

تستمر هذه القوات في تنفيذ استراتيجيات القومي المصري في السودان، مما حرم شعبنا من تأسيس دولة ذات سيادة مستقلة. لذا أصبح من الضروري حتمًا إزالتها من الوجود وطمس مظاهر هوية هذا الجيش حتى نحرم شعبنا من ذاكرة أليمة عاشها، ونحترم ضحايا أبناء شعبنا الأبي الذين عانوا من أفعال هذه القوات الغاشمة على دولتنا وأمتنا المجيدة.

 

التزامًا بالعهد والوفاء لدماء شهدائنا عبر تاريخ ثورتنا الطويلة في مشوار تحرير السودان من هذه الشرذمة، فإن واجبنا هو استئصال هذا السرطان المميت حتى يتسنى إحداث تغيير حقيقي وبناء دولة تقدس السلام وتنبذ الحروب والدمار.

 

رفاقي الأماجد، لقد ورثنا الثورة جيلًا بعد جيل، والعدو واحد وهو الجيش الإرهابي الذي يعتبر ترك مستعمر المحتل. حان الوقت لتحقيق أهداف هذه الثورة المنشودة، والتي كانت ضحيتها ملايين من أبناء شرفاء هذا الوطن.

 

أي موقف أو حديث حول التفاوض مع هذا الجيش يعتبر خيانة عظيمة للثورة والثوار وخيانة لدماء شهداء الثورة التراكمية. الهشاشة والانكسار والمواقف الضبابية والوسيطية ليست مقبولة على الإطلاق. الفاتورة التي دفعناها عبر التاريخ لا شيء يجعلنا نخاف من المستقبل القريب والبعيد.

 

عبر هذه الشواهد المختلفة من تاريخ هذا الجيش، لا شيء يجعلنا نتمسك ببقاء هذه القوات المسلحة. المليشيات التي تحالف مع الجيش هؤلاء عديمو الروح، والدولة لا تُبنى على أموات، فليذهبوا مع أسيادهم إلى مزبلة التاريخ. لا نريد رحمة تجاه المشروع العريض.

 

سودان جديد هو مشروع خلق لكي ينتصر، وهو أمر حتمي لبلوغ غاياته المنشودة. الهدف على بعد خطوة واحدة فقط.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *